وجدان دهّامرحلتَ أيها البطل فخدشت وجه العدو وكسرت أحلامه، وفي آذان رفاقك يدوّي صوتك: «لا يجوز الركوع أمامهم، الموت أفضل بلا صوت، وصل دمك إلينا فليس لمثلك حنجرة». مسام جلدك هي التي تتكلم جوعاً، وعطشاً، دماً وحرائق!

نظلمك حين نبحث عنك في الكلمات، فأجمل ما فيك أنك خالٍ من الكلمات. نظلمك حين نعلّق صورتك على الجدران، فلا يهمك أن نعرف اسماً بلا هويتك.
أمدّ عنقي طويلاً كي أصل إلى نظرتك المرتفعة، التي تحجب بعضاً منها نظرة نحو السماء. ترى بماذا تفكر؟ وهم يرتعبون بعد رحيلك أكثر من قبله. ماذا تخبئ لهم؟ فأنت لا شيء يدير صدرك عن مواجهة العدو.
ماذا تخبئ لهم؟ فأنت لا شيء يدير صدرك عن عناق كل الوطن، بحره، أنهاره، سمائه، ترابه. بالأمس كان تأبينك وتحوّل إلى تظاهرة. في المقدمة كان جهاد يحمل صورتك ويرتدي ثوباً بلون الوطن. قالت إحدى الأمهات: إنه يشبه ولدي الذي استشهد في جنين. وقالت أخرى إنه يشبه ولدي الذي استشهد في غزة.
وقالت أم أخرى إنه يشبه ولدي الذي استشهد في بيروت. هكذا صارت صورتك تشبه وجه كل شهيد. سألت رجلاً عجوزاً يسير في التظاهرة وتسابقه دموعه هل تعرف الشهيد؟ أجابني: «منذ كانت فلسطين عشقاً مرسوماً في عينيه، إلى أن صارت فلسطين عشقاً مرسوماً بدمه»! وسألت صبية جميلة تحمل إكليلاً من الزهر: هل تعرفين الشهيد؟ أجابت: لقد كان حبيبي. صار حبيبها.