strong>أنطون الخوري حرببعدما كانت المعلومات المتداولة قد كشفت منذ قرابة الشهرين عن نية الفاتيكان إرسال بعثة رسمية لتقصّي حقائق الوضعين اللبناني العام والمسيحي الخاص، وخاصة وضع البطريركية المارونية وسط تجاذب القوى السياسية في لبنان، وهو ما سبق أن أشارت إليه «الأخبار» في حينه، وصل إلى لبنان قبل ثلاثة أيام الموفد الفاتيكاني المونسينيور أنطونيو ماريا فيليو ممثلاً وزارة خارجية الفاتيكان وليس البابا بينيديكتوس السادس عشر تحديداً كما كان قد أشيع.
وكشفت مصادر دبلوماسية بابوية لـ«الأخبار» أن اختيار فيليو كموفد فاتيكاني استطلاعي جاء لأسباب عديدة، أهمها كونه سفيراً بابوياً سابقاً في لبنان عايش مرحلة شكوى المسيحيين من تهميشهم الكامل في زمن الهيمنة السورية على البلاد، وله صلات وثيقة بمعظم المرجعيات السياسية المسيحية، ويفهم تركيبة المجتمع السياسي اللبناني أكثر من غيره في الحاضرة.
وجاءت الزيارة كثمرة طبيعية للشكاوى والملاحظات التي وردت إلى الفاتيكان منذ اعتماد فريق السلطة قانون انتخابات العام 2005، وهي الملاحظات والشكاوى التي وصلت إلى الفاتيكان إما شخصياً وإما عبر المراسلات من مختلف الأطراف، التي لا يزال ورودها مستمراً.
وكان لدور التسوية الذي لعبه السفير البابوي الحالي المونسينيور لويجي غاتي نصيب في دوافع المهمة الفاتيكانية التي من المفترض أن تكون في غاية الموضوعية، لقطع الطريق على المشككين في موضوعية الصرح البطريركي.
وعقد فيليو برفقة غاتي أحياناً اجتماعات مع مختلف ممثلي الصف السياسي الأول لدى القوى المسيحية، مكتفياً بطرح أسئلة تتعلق باستراتيجياتهم للمستقبل وبخلفيات مواقفهم الانقسامية، مدوناً ملاحظات «جوهرية» يتطابق الكثير منها مع التقارير الدبلوماسية والشكاوى والملاحظات الواردة أصلاً إلى الفاتيكان، مكوناً فكرة أعم وأوضح عن الواقع المسيحي ليضمّنها تقريراً خاصاً يرفعه إلى إدارته ويتسلمه بعد ذلك مكتب بينيديكتوس.
وكشفت المصادر أيضاً أن فيليو لم يندهش بالمعطيات التي جمعها، ولم يفاجأ بجديد رغم اختلاف بعض العبارات ودخول لغة الأرقام على التخاطب السياسي اللبناني، لكن ما ثبت لديه هو ما تعلمه من مهمته الدبلوماسية السابقة بأن «الوضع اللبناني خاص إلى درجة يستحيل معها تشبيهه بأي وضع سياسي في أي بلد آخر، لذلك فإن فريق العمل المختص بمتابعة الوضع اللبناني في الكرسي الرسولي يتبع منهجية الإشراف المباشر على هذا الملف والتنسيق مع سفارة الفاتيكان في لبنان، والتعامل مباشرة مع أصحاب الشأنين السياسي والديني دون اتباع الهرمية والمواقع الرسمية». وخرج فيليو من محادثاته باستنتاج عبر عنه بشكل ساخر: تغيرت بعض الأسماء وبعض الظروف، لكن المشكلة ما زالت هي نفسها، وما زال الرعاة في واد والرعايا في واد آخر.