في ساعات الفجر الأولى من يوم أمس، نجحت المفاوضات بين السجناء المتمردين في رومية والسلطات القضائية والأمنية، وأُفرج عن الحرّاس الرهائن واستعيد النظام
أعلن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي الساعة الثانية من فجر أمس أن التمرّد الذي كان قد بدأه سجناء محكومون الساعة الرابعة من بعد ظهر الأول من أمس في سجن رومية انتهى وأُفرج عن العسكريين السبعة الذين كان المتمردون قد احتجزوهم رهائن. وصدر عن مديرية قوى الأمن بيان جاء فيه شرح أوّلي للشرارة التي أشعلت التمرّد، إذ جاء فيه أن «مشادة كلامية وقعت بين الرتيب المناوب في أحد طوابق المبنى وأحد المحكومين تبعه تدخل عدد من السجناء لمناصرة رفيقهم ولم يتمكن عناصر قوى الأمن في المبنى من السيطرة على الوضع»، وتابع البيان: «ما لبثت هذه المشادة أن تطورت إلى إشعال بعض المحكومين النيران بأغراضهم وأمتعتهم الشخصية في الباحة الداخلية من المبنى التي بدورها امتدت إلى الطابق الأول منه». وكان القضاء قد أُعلم بالحدث «وأُحضرَت ثلاث سرايا من فرق مكافحة الشغب والفهود التي حاصرت مبنى المحكومين وأحكمت الطوق عليه».
حضر إلى المكان قائد الدرك الإقليمي العميد أنطوان شكور وبدأ عملية تفاوض لتهدئة الوضع وإنهائه سلمياً وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي قبل اللجوء إلى القوة. كما حضر أيضاً مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد للوقوف عن كثب على حيثيات هذه الحادثة والعمل على إنهائها. وفي ساعة متقدمة من الليل حضر اللواء ريفي إلى سجن رومية وتابع المفاوضات التي كان قد أسس لها كل من العميد شكور والقاضي فهد، حيث استمع إلى مطالب المحكومين مجدداً وما آلت إليه المفاوضات معهم، واضعاً النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا في صورتها، وكانت المطالب «في معظمها تدخل في إطار تحسين وضع السجن بشكل عام، لناحية الاكتظاظ وعدم توافر الشروط الحياتية اللائقة، وتحسين المواجهات العائلية واستكمال تركيب الآلات الهاتفية، فضلاً عن طلب المساعدة للتوسط لدى المراجع ذات الصلاحية لتطبيق قانون تنفيذ العقوبات، وخاصة لجهة جعل السنة القضائية تسعة أشهر».

مناشدات لإصلاح السجون

كان اللواء ريفي قد كرّر في مناسبات عدّة عدم اختصاص قوى الأمن الداخلي في إدارة السجون، وفي 17 آذار الماضي أمل استعادة وزارة العدل لإدارة السجون بدلاً من وزارة الداخلية التي تتولّاها منذ عام 1949، وأقرّ بالواقع المزري للسجون في لبنان، مستعرضاً سوء كلّ منها، وخصوصاً أنها تضمّ عدد سجناء أكبر بكثير مما تستوعب. وتمنّى أن تبنى سجون مركزية في المناطق يتّسع كلّ منها لنحو 1000 سجين. وقال إن المعرقل الأكبر لتحسين السجون هو نقص المال.
وصدر أمس عن مركز الخيام بيان جاء فيه سؤال عن «الطريقة التي يعامل بها السجناء من المسؤولين والحراس الذين لا معرفة كافية لديهم والعدد الأكبر من الحراس من المجندين ذوي الخبرة المحدودة». كما ذكر البيان «أن السجناء المتمردين هدفوا أولاً وأخيراً إلى المطالبة بحقوقهم وتحسين أوضاعهم، ومن الخطأ تفسير ذلك بمسميات أخرى. وكأن هؤلاء ليس لهم حقوق أو كأن التمرد ليس الأول لتغيير ظروف السجن. لكن عساه أن يكون الأخير بالجهد الجدي الجماعي لقسم حقوق الإنسان في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ولجمعيات حقوق الإنسان في لبنان للعمل معاً على الكشف الميداني على ظروف السجناء وتغييرها وفق المعايير الإنسانية». ودعا مركز الخيام قوى الأمن إلى «السماح للجمعيات الحقوقية المعنية بالدخول إلى كل السجون في لبنان للبدء بوضع خطة تأهيل متكاملة نفسية واجتماعية للسجناء وللحراس على حد سواء».
ومن جانبها دعت «الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان» لمعالجة مشكلة السجون بنظرة إصلاحية. وذكرت في بيان صادر عنها أن «ما حصل في سجن رومية لم يكن مفاجئاً لأي مراقب لأوضاع السجون في لبنان، وهذا الملف المفتوح منذ أعوام لم يجد له المسؤولون المعالجة الناجعة، وكأننا خارج الركب الإنساني الذي يعمل على الإصلاح الجنائي بمفهومه الحديث». ورأت الجمعية أن «هناك عدم مسؤولية من المعنيين بهذا الملف نتيجة انعدام الرقابة والمحاسبة».
(الأخبار)