strong> نعمت بدر الدين
هل تصل باريس إلى ما تريده أم تستمر في البحث عن القرش الضائع في الشارع المظلم؟ سؤال وجهته محافل أوروبية متابعة للشأن اللبناني وللمبادرين فيه إلى مسؤولين في الإليزيه والكي دورسيه، علماً بأن الإليزيه هو الذي بات يرسم السياسات الخارجية وفق ما يتناسب مع النهج الساركوزي الجديد.
حديث المحافل لاحظ الإصرار الفرنسي على تحميل سوريا والمعارضة اللبنانية مسؤولية فشل حل الأزمة في لبنان وتعطيل المبادرات، وربط الأمور بـ«التسوية الإقليمية»، مذكّراً بالوعد الذي أطلقه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بكشف الذين عرقلوا انتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان الذي دعمته فرنسا، وما زالت، بصفته مرشحاً توافقياً. وقال يومها: «إن الدول التي تُعرقل يجب أن تتحمل مسؤوليتها أمام المجتمع الدولي»، ثم حمّل سوريا وحدها المسؤولية آنذاك ولا يزال.
من جهتها، أكدت مصادر دبلوماسية أوروبية قلقها على لبنان وحرصها الثابت عليه، منطلقة من أن الفرنسيين لا يريدون إلا الاستقرار السياسي والأمني لهذا البلد، وقد بذلوا جهدهم طوال الفترة السابقة لإنجاح انتخاب رئيس قوي للجمهورية اللبنانية. وقالت نقلاً عنهم: «نريد رئيساً قوياً لا تمارس عليه الضغوط من أي بلد، لا من سوريا ولا من الغرب، وكل ما نريده مساعدة لبنان ليصبح دولة قانون و مؤسسات»، مضيفة أن الخوف الكبير هو من أن يعود الوضع اللبناني إلى ما كان عليه سابقاً، «ساحة لكل الصراعات الإقليمية»، مبدية استياءها من اللبنانيين الذين لا يساعدون أبداً في إيجاد الحل، رغم إدراكهم أن هناك مصالح وطموحات إقليمية لبعض الدول في لبنان كسوريا وإيران، مشيرة إلى غياب التحركات السياسية والشعبية، و«أننا نرى الاستهداف الكبير للمؤسسات العسكرية من اغتيالات واعتداءات، ويُخشى من اتجاه الوضع الأمني إلى مزيد من التدهور».
وأكدت المصادر نفسها أن باريس لا تملك مخططات ولا مصالح استراتيجية لها في لبنان، ولكنها مهتمة جداً بالوضع اللبناني، وهي ليست في صدد نسج مؤامرات، بل تمارس دور الحياي وتُخلي الساحة لتحركات الجامعة العربية، لكنها تخشى أن تُبقي الخلافات العربية لبنان سجيناً لها، وخصوصاً الخلافات السورية ـــــ السعودية»، مضيفة أن سوريا تستفيد مما يحصل في قطاع غزة حتى تصرف الأنظار العربية والدولية عن لبنان، لأن تراكم الملفات العربية يضعف مركزية الوضع.
وقالت المصادر الأوروبية إن الإشارات الآتية من دمشق «ليست إيجابية»، وقد حاولنا كثيراً التعامل الحسن النية والاتفاق المبدئي معها، لكنها خذلتنا. فسوريا لا تريد رئيساً للجمهورية في لبنان، ولكن عليها أن تفهم أن الظروف تختلف اليوم عما كانت عليه سابقاً، ولن نسمح بإنتاج رئيس «صنع في سوريا»، وإن كنا لا نعمل على عزل دمشق».
وعما يشيعه البعض من أن قوى 14 آذار لا تريد رئيساً ذا علاقات مع سوريا، قالت المصادر: «حتى صقور 14 آذار يريدون رئيساً له علاقات مع سوريا، لكن وفق أسس السيادة والاستقلال والاحترام المتبادل».