عكار ــ خالد سليمان
بهدف مكافحة التهريب بين لبنان وسوريا، انتشرت القوة الأمنية المشتركة على طول الحدود الشمالية في عكار. لكن عملها لم يرُق عدداً من أبناء المنطقة، وخاصة أولئك الذين يعتاشون من التهريب، فوقع بين الطرفين عدد من الصدامات

لم يعتد أهالي عكار بعد، ولا سيما المهربون منهم، حواجز القوة الأمنية المشتركة لمراقبة الحدود الشمالية، والتي انتشرت على طول الحدود اللبنانية ـــــ السورية، من مصبّ النهر الكبير حتى حدود البقاع. وفيما بدت الأمور هادئة في سهل عكار، حصلت مواجهات بين الأهالي وعناصر من القوة المشتركة في منطقة وادي خالد، حيث قطع أهالي بلدة المجدل الطريق بالإطارات المشتعلة قبل نحو 10 أيام احتجاجاً «على تضييق القوة عليهم» حسبما ذكر أحد أهالي البلدة لـ«الأخبار». وقد حصلت مواجهات عنيفة بين الأهالي وعناصر من القوة أدّت إلى تحطيم عدد من السيارات، تدخلت على أثرها قوة من الجيش اللبناني التي قامت بمصادرة صهريج فارغ معدّ لتهريب المازوت.
هذا الحادث هو الثاني من نوعه في المنطقة، بعدما قطع شبان من بلدة الهيشة الطريق المؤدية إلى وادي خالد الاسبوع الماضي احتجاجاً على دهم القوة المشتركة منزل أحد المتهمين بتهريب المازوت.
تضم القوة الأمنية المشتركة لمراقبة الحدود الشمالية نحو 700 عنصر من الجيش والدرك والأمن العام والجمارك. وقد استكملت انتشارها في عكار بعد تأخير لنحو شهر، موزعة أفرادها ونقاطها على طول الحدود الممتدة من سهل عكار (نقطة مصب النهر الكبير) وصولًا حتى النبي بري في جبل أكروم على بعد كيلومترات قليلة من البقاع، مروراً ببلدتي التليل وخراب الحياة (بالقرب من معبر جسر قمار الحدودي).
وقد قدمت عدة دول أجنبية، منها ألمانيا وكندا وإنكلترا والولايات المتحدة، معدّات وآليات وعتاداً للقوة المشتركة بقيمة 11 مليون يورو تقريباً لتنفيذ المهام الأمنية، حسبما ذكر مصدر أمني لـ«الأخبار».
وبعد انتشار القوة، حصلت عدة احتكاكات بينها وبين عدد من أهالي عكار، وخاصة بعدما دهمت منازل عدد من المشتبه فيهم بالتهريب من سوريا. مختار وادي خالد أحمد الشيخ قال لـ«الأخبار» إن هذه المداهمات مخالفة للقانون لأنها لا تجري بناء على مذكرات قضائية. وأضاف: يفرض القانون إبلاغ مختار البلدة عند دهم أحد المنازل، وهذا ما لم يحصل في بلدة الهيشة حيث جرت عمليات الدهم بناءً على إفادات مخبرين لا صحة لها. ودعا الشيخ إلى تخفيف الحصار عن وادي خالد، لأنه ليس لدى الناس مصدر رزق سوى التهريب نتيجة الحرمان المزمن منذ عقود.
من جهة أخرى قال الدكتور جلال العلي، من بلدة الكنيسة الحدودية، إن من يعمل في التهريب هو من يواجه القوة المشتركة، رافضاً التعرض لها لأنها تنفّذ عملًا مطلوباً منها، داعياً إلى حل المسائل حبياً بين الناس والدولة. ولفت العلي إلى أن التهريب هو مصدر رزق الأهالي في المناطق الحدودية مثلما في باقي بلدان العالم وليس فقط بين لبنان وسوريا.
وقالت إحدى النسوة وهي تعبر من سوريا إلى لبنان عبر معبر جسر قمار الحدودي المقفل، إن أفراد القوة الأمنية المشتركة لم يتعرضوا لها عند الدخول إلى سوريا ولا عند العودة، مضيفة أن ما يحصل ليس هو التهريب الذي يضر بالاقتصاد بل «تجارة حرة» بين بلدين متجاورين، داعية إلى فتح المعبر لأنه يسهم في التخفيف من التهريب وتسهيل الأمور على الناس الفقراء.
ويقصد المدن السورية، ومنها حمص وتل كلخ، يومياً آلاف الأشخاص من مختلف مناطق عكار، وخاصة القرى الحدودية للاستشفاء والتسوق وزيارة الأقارب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية.
وفيما رفض قائد القوة المشتركة الحديث عن هذه الحوادث بحجة أن «العميد درويش لا يتحدث إلى الصحافة» كما قال مكتبه، ذكر مدير التوجيه في الجيش اللبناني العميد صالح الحاج سليمان في اتصال مع «الأخبار» أن القوة الأمنية المشتركة تعمل على مكافحة عمليات التهريب الضخمة التي تضر بالاقتصاد الوطني ولا تصادر الكميات القليلة الحياتية. والجيش اللبناني يتحسس هموم الناس في المناطق الحدودية.
وأضاف سليمان أن القوة ستعمل على ضبط الحدود، وهي ستواجه أية حالات تمنعها من أداء واجبها، مشيراً إلى أنه لم يثبت حتى اليوم وجود عمليات لتهريب للسلاح.
من جهة أخرى قال أحد المهربين رافضاً الكشف عن اسمه، إن من وفّر الوقود للجيش اللبناني خلال حرب تموز هم أبناء وادي خالد بعدما حاصرت اسرائيل لبنان، وإن كميات كبيرة كانت تنقل إلى بيروت والمناطق لسدّ حاجات الناس وبأسعار مقبولة، فهل يكافأ هؤلاء المهربون بمصادرة ممتلكاتهم التي كانت تنقل المازوت إلى الجيش؟
وأفاد عدد من الأهالي بأنهم سيقومون بزيارات إلى المسؤولين ومن بينهم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري، لشرح واقع المنطقة ومعاناتها بعد انتشار القوة الأمنية المشتركة، رافضين أن تحاصر وادي خالد مثل «حصار غزة»، متسائلين: لماذا لا تراقَب كل الحدود مع سوريا، علماً أنه لا تهريب للسلاح عبر هذه المنطقة باعتراف السلطات الأمنية
نفسها.