فداء عيتاني
إلى كل معتوه يعتقد أن الحرب الأهلية يمكن إذا وقعت أن تحسم أي أمر في هذه البلاد، ليتذكر كل صباح ما هي الحرب الأهلية: هي مجموعات من المواطنين، والمراهقين خاصة الذين يقاتلون مراهقين آخرين، وهي هجرة وتشرّد لمجموعات بشرية من جهات إلى أخرى بثيابهم لا غير، وهي روائح الحرائق التي تغطي القرى والحقول والمدن، وهي سواد يصبغ المباني التي نراها اليوم مزدهية بالألوان، وهي جوع لأطفال الفقراء، وصعود نجم أثرياء الحروب وتجار الموت، وهي موت مجاني للصغار، وتشوّه رضّع بإصابات يحملونها كل عمرهم، وهي اختفاء أبناء وإخوة وآباء دون معرفة لماذا وكيف وأين، وهي خوف مقيم من رصاص يطلقه حمقى وزعران في شوارع مكتظة، وهي طلاب يهربون من مدارسهم تحت وقع شظايا حارقة، وهي جثث متروكة وسط حرائق أشعلتها عبوات ناسفة وسيّارات مفخخة، وهي حلقات من الاغتيالات التي لا تنتهي.
إلى كل معتوه يعتقد أن الحرب الأهلية يمكن أن تعفيه من مواجهة فكرية، يجب أن يتذكر أنه أجبن من أن يتلقى بصدره مسؤولية موت الآخرين.