ديما شريف
«إنها اللغة التي تتقارب الأرحام على أساس منها». هكذا عرّف الدكتور نادر سراج اللغة الأم في الندوة التي أقامتها اللجنة الوطنية اللبنانية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بعنوان «اللغة الأم: مقاربات في الممارسة والوظائف» وذلك لمناسبة اليوم الدولي للغة


وزير التربية والتعليم الدكتور خالد قباني الذي رعى حفل الافتتاح رأى أن اللغة هي وعاء الحضارة، وتنمو معها، وتحديداً اللغة العربية التي استطاعت أن تبقى لغة تواصل يومي وثقافي. واعتبر قباني أنه يجب التركيز على اللغة العربية في التعليم الأساسي كخطوة أولى يتبعها اهتمام أكبر بالتأليف والنشر باللغة العربية لكل ما فيه فائدة للتلامذة وطلاب العلم.
من جهتها، الأمينة العامة للجنة الوطنية اللبنانية للتربية والعلوم والثقافة سلوى بعاصيري، اعتبرت أن اللغات هي المسؤولة عن صون هويات الأفراد وعامل مهم للدمج الاجتماعي، فيما الخوف كبير بسبب اندثار العديد من اللغات ما يؤثر على التنوع الثقافي. جلسة العمل الأولى كانت تحت عنوان «اللغة الأم في الحياة الأكاديمية» تحدث فيها الدكتور طانيوس نجيم عن اللغة الأم في التعليم الجامعي. ورأى أنه يجب أن يكون هناك تطابق بين أهداف التعليم العالي وأهداف تعزيز العربية وهي اكتساب المعرفة وتحصيلها، الإبداع وإنتاج المعرفة. وشدد على ضرورة تعليم اللغة العربية في الجامعات الخاصة والرسمية مادةً أساسية تبعاً للاختصاصات.
كذلك قدم الدكتور هنري عويس مداخلة أظهر فيها التداخل بين اللغة الأم (العربية) واللغات الأخرى عارضاً أمثلة عن كتاب وروائيين مثل الحبيب السالمي وأمين معلوف استخدموا التداخل الكلامي. ورأى عويس أن التفاعل بين اللغة الأم واللغات الاخرى هو مصدر تبادل وتعارف ولا يشكل خطراً على اللغة الأم. أما الامين العام لاتحاد المترجمين العرب والأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور بسام بركة فتناول في مداخلة تحت عنوان «اللغة الأم، هدف الترجمة» مسألة اللغة الأم في العلاقة بين النظام الرمزي المعقد والإنسان في هويته وثقافته وقيمته التواصلية والاجتماعية والانسانية. ورأى أن الترجمة تكرس العلاقة المتعددة الجوانب بين الإنسان واللغة وتبع الجلسة نقاش مع الحاضرين تناول تعليم اللغة العربية في المدارس والجامعات، وجرى عرض لتجربة مدارس المقاصد الناجحة في تعليم العلوم والرياضيات باللغة العربية.
أما الجلسة الثانية فتناولت اللغة الأم في شواغل الحياة اليومية. فتحدث الدكتور رمزي نجار عن موقع «اللغة الأم في عوالم الإعلان والتسويق» التي رآها تقترب من المصطلحات الحربية. وتحدث عن الاستعمال الخاطئ للغة والمصطلحات والتعابير على شاشات التلفزة وفي نشرات الأخبار والإعلانات ما يؤدي إلى مأزقية في فهم المصطلح. أما الدكتور هيثم قطب فتناول مسألة التواصل الإلكتروني وعلاقته باللغة الأم وعن كيفية استعمال التعابير في مدلولات جديدة، واضطرار الشبان الى اختراع لغتهم الخاصة قبل تطوير برامج عربية للأجهزة الخلوية وأجهزة الكمبيوتر. وفي النقاش الذي تلى الجلسة كان هناك تركيز على ضرورة الرقابة على ما ينطق على التلفاز لتحصين الأولاد من الاستعمالات الخاطئة للغة. الجلسة الأخيرة كانت عن اللغة الأم بين الخطابين السياسي والديني. فتحدث أستاذ اللسانيات في الجامعة اللبنانية الدكتور نادر سراج عن موقعها في تراكيب الشعار السياسي متخذاً أمثلة من تظاهرتي 8 و14 آذار معتبراً أن اللبنانيين كسروا جدار الصمت السياسي وعبره خرقوا جدار اللغة السكونية.
من جهته رأى الدكتور طلال وهبة في مداخلة عن أشكال ومضامين وأهداف اللغة الأم في الخطاب الديني. إن المزج بين العاميّة والفصحة لا يأتي عشوائياً. فالعامية مرتبطة بالواقع اليومي فيما الفصحى تحمل الخطاب التراثي. «اللغة الأم بتلم». هذا ما تخلص له الندوة التي جاءت للتذكير بأهمية اللغة العربية التي هي نتاج حضارة عريقة وما زالت قادرة على مواكبة التطور العلمي والحضاري رغم عمرها.