نيويورك ـ نزار عبود
«الحرب المقبلة بدأت سياسياً وسيكولوجياً على لبنان وسوريا»، هكذا يقرأ دبلوماسي عربي في الأمم المتحدة القرار الأميركي إرسال المدمرة «كول» أمام السواحل اللبنانية. ويضيف «الاستعدادات العسكرية لهذه الحرب ماثلة أمام الأنظار، لكنها قد لا تتعدى إطار التهويل».
الحرب الجديدة إسرائيلية ـــــ أميركية ـــــ عربية. الطائرات العربية السعودية أجرت أخيراً بطيّاريها دورات تدريبية أطلسية مشتركة في كل من سنغافورة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. بارجتان حربيتان إيطاليتان هما «كوماندانت بورسيني» و«أنتا» حلتا منذ الأربعاء في ميناء الشويخ الكويتي، مهمتهما، حسبما ورد على لسان قائد أركان البحرية الإيطالي باولو لاس روسا، تتعلقان بـ«خطط المستقبل». وأكد أن قيادات سلاح البحرية الإقليمية، وخصوصاً في الكويت، «عامل مهم لحفظ الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط». وبعد الكويت، ستزور البارجتان دبي قبل الابتعاد قليلاً إلى الهند، ولن تعودا إلى إيطاليا إلا في حزيران المقبل.
الأسطول الألماني أيضاً أجرى أخيراً مناورة شملت الدوران حول قارة أفريقيا. ولا يغيب بالطبع ظهور قاعدة بحرية فرنسية في أبو ظبي بعيد زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ونظيره الأميركي جورج بوش للمنطقة قبل أسابيع.
التعبئة البحرية الأميركية جلية ومنتشرة من جبل طارق إلى الهند وقبالة سواحل الخليج العربية. وحصة لبنان منها ثلاث قطع تقدمت فجأة نحو سواحلها، لكنها تبقى بعيدة عن مرمى الصواريخ، إلى جانب القطع الألمانية والإيطالية في عداد قوات اليونيفيل.
يأتي التحرك الأطلسي ــــ العربي، دون تجاهل التعبئة الإسرائيلية، بعد وقت قصير من نصح السعودية والكويت والبحرين لرعاياها بعدم التوجه إلى لبنان. سبقه، ورافقه، سحب سفير السعودية من دمشق قبل شهر فقط من موعد القمة العربية المزمع عقدها، بدون ترشيح سفير بديل يحل محله واستمزاج رأي دمشق به، كما تقتضي الأعراف الدبلوماسية. وقيل إن السفير العتيد نقل إلى الدوحة. الخطوة جاءت بعيد ربط مشاركة السعودية للقمة العربية بانتخاب رئيس لبناني وفق مصلحة لبنانيي «الاعتدال» وشروطهم، وبعد القمة المصرية ــــ السعودية، بينما العمل لم يتوقف عن تعطيل الحل السياسي في لبنان، من واشنطن مباشرة هذه المرة.
سبقت هذه التطورات جولة قام بها سعود الفيصل، وزير خارجية السعودية، على عواصم عربية وغربية عدة والأمم المتحدة لحشد الدعم المادي والسياسي لمشروع محكمة لبنان الدولية، التي بقيت في إطار التهويل والتهديد لأغراض سياسية محضة. وفي السياق نفسه، تستعد واشنطن لاستقبال قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، بعد استقبال البيت الأبيض النائب وليد جنبلاط أيضاً بهدف «تنسيق المواقف».
وبعد أنابوليس، لم يعد أحد يذكر مؤتمر موسكو للسلام. وأصبح الأمن الفلسطيني مطلباً بعد تقطيع الأوصال والأجساد. وإسرائيل تقول إنها لا تريد مؤتمر موسكو بحجة أن أولمرت لا يستطيع تقديم تنازلات لأن «حكومته ضعيفة». والأميركيون لا يذكرون المؤتمر، واكتفوا باتهام السوريين بدعم «الجماعات الشريرة في الشرق الأوسط». «إذا لم تكن هذه بداية الحرب، فإنها على الأقل، تلويح بها، وسير على وتر مشدود فوق حافة الهاوية بهدف التهويل لفرض شروط وخطط» حسب وصف أحد الدبلوماسيين في الأمم المتحدة.
وأضاف الدبلوماسي أن الولايات المتحدة ربما تريد أن تهدد لبنان وسوريا بالبقاء على الحياد عند توجيه أية ضربة لإيران. كما تعدُّ دول الخليج لتولي جانب من المعركة بتأمين مياهها وأجوائها حمايةً للقوات الأميركية في المنطقة. لكنه استطرد، «تستطيع الولايات المتحدة ممارسة التخويف، وربما إشعال حرب تود أن تكون خاطفة ومحدودة، لكنها لا تستطيع حصر نارها ومدتها مهما بلغ عنف الضربة الأولى. فالولايات المتحدة حبلى بالحروب غير المنجزة، وحرب أخرى بحجم إيران أكبر من قدرة معدتها على الهضم».