بنت جبيل ـ داني الأمين
لم يمضِ شهر على بداية العمل في نزل «بيت الشمس» قرب السوق القديم في بنت جبيل، حتّى أجهز عدوان تموز على واجهته الأماميّة وأثاثه، مدمراً بذلك بعضاً من مبنى شُيّد في عام 1365.
غير أنّ ما حدث في تمّوز، لم يمنع مدير النزل، علي الصغير، من إعادة ترميمه، رغم خوفه من المجازفة التي كان يقوم بها، وخصوصاً أنّ بنت جبيل تقع على الحدود مع فلسطين المحتلة، «وبالتالي فلا مانع أمام إسرائيل من تدميره مجدّداً». ورغم ذلك، أعاد الصغير بناء ما تهدّم، آملاً العودة المؤقّتة لأبناء البلدة المغتربين والمصطافين الذين يزورونها صيفاً. إلا أنّ أحوال المغتربين والمصطافين تغيّرت في وقتٍ لاحق، فالتفجيرات وحوادث القتل التي حدثت أخيراً في الجنوب أدّت إلى تراجع حركة الاصطياف، وبات الأوتيل ملاذاً للنزلاء من الصحافيين الذين يأتون لإعداد تقاريرهم عن حرب تموّز وتداعياتها، إضافة إلى أبناء البلدة النازحين الذين هدمت منازلهم خلال الحرب، ويأتون بشكل موقّت لمتابعة إعادة بناء منازلهم».
ويعلّق الصغير أهمّية على النزل، رغم تراجع الحركة السياحيّة، إذ يُعَدُّ المكان الثاني في قضاء بنت جبيل بعد الخان القديم في المدينة القديمة الذي بناه أبو بكر شهاب عام 1365م، من ثلاث طبقات، وكان عبارة عن «أقبية وعقود من الحجر والكلس وسبع غرف وإسطبلات تتوسطه باحة كبيرة، بمساحة أكثر من سبعة آلاف متر مربّع». وقد نُقل عن غالي سليقة في كتابه «تاريخ حاصبيا وما إليها» أنّ النزل كان ملاذاً للغرباء الذين يقصدونه للمنامة أو عرض بضاعتهم، وخصوصاً نهار الثلاثاء من كل أسبوع.
واليوم، يتسع بيت الشمس لستّ شقق مجهّزة بلوازم المسافرين مع تأمين الخدمة اللاّزمة. ويلفت الصغير إلى أنّ بدل الإقامة في النزل ليس مرتفعاً، نسبة إلى بدلات الإيجار للمنازل القليلة الشاغرة في بنت جبيل وجوارها بعد الحرب الأخيرة، فسعر بدل الإقامة فيه لليلة الواحدة تتراوح بين أربعين وخمسين دولاراً أميركياً، بحسب الشقة السكنية المختارة، في حين أنّ بدل إيجار المنازل في المنطقة يزيد على ثلاثمئة دولار شهرياً.
الصغير، الذي دفعته المجازفة إلى إعادة إعمار بيت الشمس، ينتظر عودة الحياة من جديد، وعودة أبناء المدينة المغتربين، والسياح والغرباء بدلاً من الصحافيين... أو قدوم الصحافة التي تنقل يوماً نصراً آخر لنهضة المدينة وتطورها الاقتصادي.