باريس ـ بسّام الطيارة
حتى اللحظة الأخيرة من انتهاء مهمة عمرو موسى وإعلانه لنتائجها المتواضعة كان الناطقون باسم الدبلوماسية الفرنسية يؤكدون عدم وجود مبادرة فرنسية «حاضرة في الأدراج» تنتظر إعلان «قصور المبادرة العربية عن بلوغ أهدافها» أي إمكان انتخاب الجنرال سليمان رئيساً توافقياً.
وتشدّد مصادر مسؤولة واسعة الاطّلاع في العاصمة الفرنسية على مسؤولية الجميع في إيصال المبادرة العربية إلى حائط مسدود، مؤكّدة بالتالي ما لم يعد خافياً على أحد أن «المبادرة العربية لم تعد قادرة على إعلان إمكان حصول انتخابات والوصول إلى تعديل دستوري».
وتلخص المصادر نفسها موقف الدبلوماسية الفرنسية بالجملة التالية «إن باريس الآن بعيدة عن موقع إعطاء تقويم لموقف هذا الفريق أو ذاك، وتوزيع نقاط سوداء». وتبرّر ذلك بأنه نتيجة «استنتاج بسيط» بأنه «ليس هناك اتفاق اليوم» رغم اعتراف المصادر بأن «مبادرة الجامعة العربية تذهب في الاتجاه الصحيح».
وتقول هذه المصادر لـ«الأخبار» إن ما ينقص المبادرة العربية التي يسوّقها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كي تلاقي النجاح هو «موافقة الجميع»، لكنها تستطرد رابطةً هذا النقص في أسباب نجاح المبادرة بالموقف السوري «وما نقوله لأصدقائنا السوريين» من المطالبة بالعمل باتجاه «ممارسة نفوذهم الايجابي الذي يسمح للأمور بالسير بصورة جيدة».
إلا أن هذه المصادر تؤكّد أن هذا الحديث «موجّه إلى جميع القوى التي تملك نفوذاً في المنطقة» مثل إيران ومصر والسعودية، مع اعترافها «بوجود علاقات خاصة ما بين لبنان وسوريا»، كما تضيف إن «باريس تقول هذا الكلام أيضاً لكل الفرقاء اللبنانيين».
وتتابع المصادر إن باريس ما زالت حتى الساعة تدعم «مرشح التوافق ميشال سليمان» لأنه مرشّح مدعوم من القوى اللبنانية كلّها، لكنها عندما ترى أنه «هناك ما يعوق انتخابه» فهي «تدعو اللبنانيين إلى تحمل مسؤولياتهم»، مشددةً على أنه «بوجود أكثرية وأقلية فإن على الأقلية أن تؤدّي دوراً بنّاءً».
وفيما تقول أخبار من وراء الكواليس إن فرنسا يمكن أن تعود إلى بحث «سلّة ضمانات فرنسية» يمكن أن يتم البناء عليها للوصول إلى توافق يقود إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، تشدّد المصادر على أن «عودة كوشنير مرتبطة بمطالبة اللبنانيين» لأنه في كل مرة كان يتوجه إلى لبنان بناءً على «طلب أصدقائه عندما يرى أنه مفيد للمساعدة على تذليل الصعاب».
وربطاً بما «يقال عن تسلّم مجلس الأمن الدولي الملف اللبناني» يقول المصدر نفسه «إن استقرار لبنان يؤدّي دوراً مهماً في استقرار المنطقة» وهذا يفسر «مجموعة البيانات الرئاسية عن لبنان» واهتمامه بما يحصل فيه. ويرفض المصدر تأكيد أو نفي نية بعض القوى وضع الملف في أيدي مجلس الأمن في حال فشل مبادرة الجامعة العربية «بانتظار ما سوف يقوله عمرو موسى الاثنين (اليوم)» ربما كان هناك «بصيص أمل».
رغم هذا لا يخفى على أحد أن فرنسا، مثلها مثل قوى دولية أخرى، باتت تتحضر لمرحلة «ما بعد مبادرة الجامعة العربية بشكلها الحالي» ورغم عدم إخراج الخطط من أدراج وزارة الخارجية الفرنسية، فإن الخطّة موجودة كما يقول دبلوماسي عربي قريب من الملف، مضيفاً «إن قسماً من لائحة المرشّحين التوافقيين لمنصب رئاسة الجمهورية قد عاد إلى قيد التداول»، ممّا يشير إلى أن التأجيل الثالث عشر سوف يفتح باباً نحو طرق جديدة للأزمة اللبنانية.