strong>غسان سعود
• عقاب الكهرباء والماء يتجاوز الضاحية إلى كل مكان يعارض الحكومة!

ستتوسع، خلال الأيام القليلة المقبلة، دائرة الاحتجاج الشعبي على معاقبة السلطة لبعض الأحياء لتشمل مناطق يؤكد تنوّع طوائفها أن البؤس والحرمان باتا يميّزان فيها بين حي وآخر، بمقدار تأييد الأهالي أو عدم تأييدهم للسلطة. تحركات تعد بتغيّر الأوضاع

خلافاً للمتوقع، لن تنتهي التحركات الاحتجاجية على تقصير حكومة الرئيس السنيورة اقتصادياً واجتماعياً عند الحدود التي رسمها رصاص القناصة المجهولين. إذ يرجّح متابعون من قوى المعارضة أن تتصاعد المواجهة التي دُفعت أمس صوب الدمويّة، عبر مزيد من التحركات الشعبيّة الفوضوية التي ستعيد خلط الأوراق في روزنامة المعارضة، وتدفع مسؤوليها إلى الإسراع في اتخاذ الخطوات الآيلة إلى تغيير الواقع القائم منذ استقالة الوزراء، علماً بأن الشبان الذين التزموا الهدوء أثناء تشييع رفاقهم أمس، كانوا يجاهرون بكونهم فوجئوا برفع الغطاء السياسي عنهم «وهم في وسط المعركة»، وبعضهم عبّر عن غضبه من «تخاذل الزعماء»، مؤكدين أن الحصيلة تريحهم من اضطرار التزام الخطوط الحمراء التي يقيّدهم بها مسؤولوهم منذ أشهر.
في موازاة انشغال بعض أصدقاء «شهداء الكهرباء» في بحث مواقفهم المقبلة خارج الأطر الحزبيّة، في محيط الضاحية الجنوبية وبعض بلدات الجنوب والبقاع، يُعدُّ عرب وادي خالد في أقصى الشمال لاحتجاجات تجذب انتباه الرأي العام بعدما تجاهل الإعلام اعتصاماتهم الثلاثة خلال الأسابيع الماضية. وينطلق هؤلاء من إيعاز مسؤولي تيار المستقبل في عكار إلى المعنيين بقطع المياه عن 24 بلدة في منطقة وادي خالد عقاباً لأهلها المعارضين للحكومة منذ ثاني أيام عيد الأضحى (قبل أكثر من شهر).
ويروي الشيخ طلال الأسعد، المسؤول السابق في تيار المستقبل في عكار، أن الأهالي ظنوا بداية أن ثمة عطلاً طارئاً. ولكن، بعد أيام، أبلغهم أحد الموظفين المعنيين بأن قرار قطع المياه يرتبط بعدم دفع المنطقة المستحقات المترتبة عليها، الأمر الذي ثبت لاحقاً عدم صوابه، وخصوصاً أن ما من موظف مكلّف من مصلحة مياه الشمال جباية الأموال من أهالي هذه القرى، المستعدين لدفع ما يجب عليهم، بحسب الأسعد. ويقول إنهم زاروا أكثر من مرجع شمالي، ولم يستطيعوا تغيير معادلة «تبديل الموقف السياسي مقابل المياه».
ويقول أحد وجهاء العشائر في الوادي إن السيطرة على انفعالات العطاشى لن تكون ممكنة، وخصوصاً أن «مشكلة المياه جاءت لتضاف إلى تصرفات بعض وحدات «القوى المشتركة لضبط الحدود» التي عمدت أخيراً، وفق ادّعاءات أهالي الوادي، إلى دهم بعض المنازل يوم الجمعة الماضي وقت صلاة الظهر، فضلاً عن وقف عمليات تهريب المازوت والمواد الغذائية التي تمثّل «حكم الضرورة»، ويعتاش منها معظم الأهالي.
وفي سياقٍ موازٍ، يقول الأسعد إن منطقته تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحيّة، مما يدفع معظم السكان للجوء إلى سوريا للتطبّب، وهو الأمر الذي تواصل منذ إعلان استقلال لبنان، فيما تعوق وحدات الجيش أخيراً على طول الحدود بين الوادي وسوريا انتقال المرضى بطريقة غير شرعية، دون إيجاد بدائل «شرعية» للانتقال.
وإذ يناشد الأسعد الجيش تفهّم خصوصية الوادي، يؤكد أن «الحصار المطبق على الوادي منذ الانتخابات النيابية الأخيرة» سيدفع بالأمور قريباً جداً صوب الانتفاضة الشعبيّة.
وفي الشمال أيضاً، يقول أحد معاوني الرئيس عمر كرامي إن الأهالي يلمسون يوماً بعد يوم التمييز بين حي وآخر في توزيع الخدمات الأوّلية كالكهرباء والماء وشبكات الصرف الصحي، ومعظم المواطنين باتوا يتأففون من طلب كرامي «ضبط النفس في انتظار التغيير الحكومي» الذي يبدو للمواطنين بعيداً جداً إذا بقيت الأمور على حالها.
بدورهم، يقول بعض سكان زحلة إن قرف الناس، موالين ومعارضين، يتفاقم من أداء المسؤولين، وتقطيع الوقت دون رؤية واضحة لما ستكون عليه الأمور مستقبلاً، وسط شعور زحلاوي بزيادة حرمان المنطقة جراء موقف غالبية أبنائها السياسي. ويقول رئيس المجلس البلدي في زحلة المهندس أسعد زغيب إن خيار التظاهر قد لا يكون محبباً للزحلاويين، لكن ثمة واقعاً يتمثل في عدم تقديم الدولة «أي شيء» لهذه المنطقة منذ عام 1998 بحجة أنها أخذت حصتها خلال حقبة الرئيس الراحل إلياس الهراوي، متفهماً حرص المسؤولين على تطبيق المبدأ اللبناني القائل: «إن من يحكم يأخذ»، ومحذراً في الوقت نفسه من رغبة مبيّتة لدى البعض تريد دفع الزحلاويين إلى أخذ حقهم بأيديهم. وهو ما قد لا يتردد الزحلاويون في القيام به متى دعت الحاجة حقّاً.
أمّا في المتن وكسروان وجبيل، فيقول أحد مسؤولي التيار الوطني الحر إن «الكْلاس» (في إشارة إلى ما أدلى به النائب ميشال المر عن رقيّ أهل المتن) يعرفون كيف يطالبون بحقوقهم، وهم يلمسون يومياً العقاب الجماعي اللاحق بهم منذ أعلنت نتائج الانتخابات النيابية الماضية بفوز كامل للوائح التيار. ويشير مسؤول التعبئة في التيار لواء شكور إلى أن السلطة تجاهلت المراجعات الكثيرة التي قام بها النواب، لوضع السياسة جانباً وتسيير شؤون المواطنين. ويستغرب شكور «أن تعطي الهيئة العليا للإغاثة المساعدات لنواب سابقين ومسؤولين في 14 آذار» فيما تجمّد مخصصات النواب منذ سنتين. والهدف المبيّت من كل هذا، بحسب شكور، هو دفع الناس للانتفاض على ممثّليهم، مراهنين على جهل المواطنين لكون رئيس البلدية والقائمقام والمحافظ أهم من النائب في ما يتعلق بالأمور التنفيذيّة. لكن هذه المحاولات، وفق شكور، ستنقلب قريباً على معدّيها وتسرّع خلط الأوراق.

هكذا يرون


«أثبتنا أول من أمس أننا غير مرتبطين بروزنامة المعارضة وأن تحركاتنا عفويّة، وما حصل أمس لن ينفع إلا في زيادة إصرارنا على التخلص من هذا الفريق المتحكم ببطوننا منذ خمسة عشر عاماً». ناصر حمزة ـــ الشياح.
«بعنا مجوهرات نسائنا واستدنّا بضعة ملايين كي نشتري «فان» لنقل الركاب، لكن السنيورة لم يلبث أن ابتدع قصة المازوت، فتفاقم الدين. وها هو اليوم يضيّق علينا الخناق بكل الوسائل. حتماً لن نسكت». درغام الدندشي ـــ وادي خالد.
«يفترض بالمتسائلين عن أسباب إسراع أهالي الهرمل إلى قطع الطريق يومياً وإحراق الإطارات أن يزوروا المنطقة ويطّلعوا على النقص اللاحق بتجهيزات المستشفى الحكومي، ويعاينوا حالة الطرقات السيّئة، ويسألوا عمّا يعطى لنا». مصطفى جعفر طه ـــ رئيس بلدية الهرمل.