راجانا حميّة
لم تخرج الطالبة منال سلامة في مشروع تخرّجها الجامعي «لبناني أنا» من يوميات صيفها الدامي ودفاتر مذكّرات حمّلتها صوراً ومشاهد كثيرة «لحروب أخرى» لم تعشها. جهدت الطالبة في قسم «التصميم الغرافيكي» في معهد الإدارة والكومبيوتر الجامعي «BCU» لإعادة الحياة إلى ذاك الـ«لبنان»، سافرت في رسومها... طالبت... تأمّلت... حذّرت... وعادت بقناعة عن لبنانها «لشو بدنا نكون ببلد ناسي أصلو...».
سلامة واحدة من الكثيرات والكثيرين من الطلّاب الذين لم يفلحوا في الإفلات من المذكّرات السوداء، ويجهدون أيضاً على طريقتهم في رسم تطلّعات جديدة للبنان تختلف عن تلك التي ينفّذها «قادة اليوم». فهنا يحاول عمر بيضون تجسيد مخاوفه وأحلامه كشاب يحلم «بغير هاللبنان»، وهناك ينتفض بشير إسماعيل على السياسة والسياسيين «حطّ عقلك براسك، لبنان مش حلو أسود»، وتلك زورا حمّود تتهيّأ للهجرة «بنضل بس ليبقى بلد نعيش فيه»... وأخريات وآخرون يفضحون في تصاميمهم حال القلق التي يعيشونها.
إلّا أنّ هؤلاء الطلّاب لم ينجحوا، على رغم ذلك، في إخفاء انتماءاتهم التي رسمتها «السياسة الجديدة في لبنان»، فبانت في الغالبية من التصاميم والتعليقات، وتوزّعت اللوحات ما بين موالٍ ومعارض و... «حدا مش مع حدا» يسعى للتغيير والتعبير الحرّ.
ومن تناسى ما يحصل خارج أسوار الجامعة، تعمّد تنفيذ مشروعه بالاستعانة «بالخصم»، على اعتبار أنّ «الشراكة الوطنيّة تبدأ من هنا بين الشباب وفي الجامعات»، ونجح الطالب حسام سويد «الشاب الحركي» في جذب زميلته من «تيّار المستقبل» كاملة الشيخ موسى لرسم «النبض» الذي صمّمه أيّام العدوان الأخير مع مجموعة من الشباب «المختلفين بأفكارهم وانتماءاتهم»، وأشار إلى أنّ اختياره لكاملة يكمل الولادة الحقيقية لـ«نبض» التي قطع خلالها الطالبان من الموت «لنعيش الحياة»، وتوزّعت ما بين «الموت وإعادة النبض» سلسلة من المطالب الحياتيّة والاجتماعية والاقتصادية، فكانت الحملة الأولى التي تحظى بدعم مادّي كفيل بخروجها إلى العلن الأسبوع المقبل.
لم تغب السوداوية عن معظم تصاميم الطلّاب وإن كانت في الشكل، فكانت الخلفيّة السوداء أوّل ما يخطر ببال هؤلاء للتعبير عن لبنان، إضافة إلى كلمات منتقاة بعناية «فائقة» تفضح حال القلق. فيما تعمّد بعض الطلّاب تفعيل «دوز» التوتّر، فاستخدموا «الألوان التحذيرية والأخرى الثوريّة كالأصفر والأحمر»، وخفّفوها بألوان «العلم اللبناني» المتبقّية للتذكير «بصاحب العلاقة... لبنان»، حسب ما تشير إيمان مشلاوي.
نبض، لبناني أنا، بدنا نعيش، يا بلدنا، كلنا واحد، بيرجع لبنان، عناوين عريضة تكفّل طلّاب السنة الثانية في قسم «التصميم الغرافيكي» في «BCU» بترجمتها ستّين تصميماً محورها «كرمالك يا لبنان»، تنوّعت ما بين الحملات الإعلانيّة و«البوسترات» وإعلانات المجلّات والصحف. وتندرج هذه التصاميم في إطار مشاريع التخرّج التي ينفّذها طلّاب مادّة «graphic design 2» تحت إشراف الدكتور شريف شهاب.


دنا نعيش

«سرقت» إيمان مشلاوي من «جماعة أحبّ الحياة» عبارة بدنا نعيش. أخرجتها من الخلفيّة السوداء بلونها الأبيض مع علامة التعجّب، وختمتها باسم لبنان باللونين الأخضر والأحمر. توجّهت بذلك إلى «من يجعل الحياة حقّاً حصريّاً له»، لتقول «نحن بدنا نعيش وهنّي كمان بدّن يعيشوا وكل الناس بدها تعيش»، وربطت العبارة باللون الأسود للدلالة «على الحياة التي يريدونها للبنان والتي نعيشها اليوم في عجقة التصريحات».

فكّوا هالعقدة بقى


لا تطلب ليلى خفاجة من السياسيين والمواطنين سوى «حلحلة الأمور بطريقة الحوار». وقد تعمّدت في تصميمها إبراز خطورة أن «يبقى هؤلاء متمسّكين بقراراتهم وأفكارهم على حساب وطنهم»، مشبّهة «تشبّثهم بقساوة الشوك». ليلى «حدا» لا يطمح سوى «لإيجاد الحل من أجل لبنان»، وقد ساعدت في مشروعها «أولئك المتمسكين بآرائهم بتوفير الأداة اللازمة لقطع ما يعوق طريقها وحركتها».



يا بلدنا

«حملة أهلية بمحلّية مننا وفينا»... كتب إيهاب الأسعد هذه الملاحظة قبيل التطرّق إلى أيّ من المواضيع. ويعزو السبب إلى تبرئة حملته من «الدعم»، كي تحظى «بقليل من الوطنيّة». حاول الأسعد من خلال لوحته الإعلانيّة دعوة السياسيين إلى «شنّ» حملة «مننا وفينا» تخرج من البلد إلى البلد، كما تعمّد رصف خلفيّة تصميمه بتصريحات السياسيين والعمل على إخفائها بمطالب «نراها أكثر أهميّة من مجرّد رفع الصوت ولوم بعضنا بعضاً»، واصفاً تصاريحهم بالخطيئة «والعدول عنها فضيلة».

110 أو 220 ما فرقت

ما فرقت مع عمر بيضون «السنّي» أن ينعتوه بالـ110... فرقت معه أن «تتحكّم 110 و220 في مصير البلد»، استعان بيضون بتناقض «المي والكهربا» لينبّه «أبناء الخطيّن» إلى أنّ المذهبية لن تصل سوى إلى نتيجة واحدة هي الحرب الأهلية التي تخدم «أصحاب الفكرة في الخارج». ورأى أنّ تفاعل الدين والسياسة يولّد «الشرارة القاتلة» كما تفعل الكهرباء إذا وصلت بالمياه. «الدين أخلاق»، بحسب بيضون، وأنّه «لمّا نفهمه صح وقتها بس بيرجع لبنان».

نبض

ولدت الفكرة في ذروة العدوان الأخير بين خمسة شبّان، من بينهم حسام سويد. أحسّ هذا الأخير بأهميّة إعادة النبض إلى ما بقي من لبنان. اعتمد سويد وزميلته كاملة الشيخ موسى على مبدأ «الصدم» في التعبير عمّا يحدث في لبنان اليوم، وانقسمت الحملة إلى 15 لوحة إعلانيّة «مشينا فيها من الموت لنعيش الحياة». وعرض الطالبان بين لوحتي «الموت وإعادة النبض» سلسلة مطالب اقتصاديّة واجتماعيّة وحياتيّة.


لبنان

وصل مازن العكيلي إلى مرحلة لم يعد قادراً فيها هو و«المواطن الآخر» على لململة أجزاء لبنان الأساسيّة، تبعثرت الأرزة «التي شهدت عام 1943 على الخطوة الأولى من الاستقلال»، والتي باتت اليوم 14 لوناً و8 فرقاء و11 منظّراً، وغيرها من المصطلحات التي تبقى أرقاماً شاهدة على «التراجع والانقسام». عشرات الأجزاء المبعثرة حمّلها العكيلي مواضيع ومشاكل شائكة تنتظر الحل، وشدّد في غالبيتها على تجسيد فكرة الهجرة وضياع الشباب ما بين البقاء والرحيل.

الوحدة تحميه

استوحى حسن عبيد فكرته من ساحتي الاعتصام المفتوح. جمع الكثير من المعتصمين الذين تعمّد تصويرهم من انتماء واحد «للعلم اللبناني»، وبعثرهم في لوحته المقسّمة إلى مربّعات تمثّل المناطق اللبنانيّة. أراد عبيد من خلال لوحته أن يبيّن أهميّة «الجمع والوحدة في حماية لبنان».

هيدا لبنان

صحن تبّولة وصحن فلافل ومشاوي وكبيس وكاس... «هيدا لبنان» الذي يراه وسيم ربعة. لم يخطئ ربعة في لبنانه، فهذا «اللبنان الذي تعوّدنا عليه قبل هذه الأحداث». استعاد شريط ذكريات يعود إلى الستينيات «كان خلالها لبنان سويسرا الشرق» وجسّدها على الورق، محدّداً هدفه مسبقاً بأنّ «لبنان لن ينجح في العودة إلى تلك الذكريات إلا بعودة الكلّ إلى رشدهم».