strong> سوزان هاشم
إذا كان سجن النبطية يعدّ بمثابة «سجن بخمس نجوم» مقارنة مع وضع سائر السجون في الجنوب، فإن ذلك لا يعني أن السجناء فيه على أحسن ما يرام، أو أن حقوقهم مصانة وفقاً للمعايير المعتمدة دولياً لحماية حقوق السجين الإنسانية، أو على الأقل أنها تتوافق مع المرسوم 14310\49 الذي ينظم أوضاع السجون في لبنان.
يقع سجن النبطية ضمن مجمّع قوى الأمن الداخلي الواقع في أول المدينة (مفرق كفرجوز)، علماً انه قبل سنتين توسط المدينة، وتحديداً في السوق التجارية حيث الازدحام والضجيج، وافتقر حينها إلى جميع المواصفات السليمة.
أمّا السجن الحالي، وإن كان أفضل حالاً من القديم، فيفتقر إلى الكثير من المعايير الأساسية التي يفترض توافرها في السجون. فهو عبارة عن طابق أرضي يتألف من ثلاث غرف: اثنتان صغيرتان (تبلغ مساحة كل منهما 96 متراً مربعاً) وغرفة كبيرة (مساحتها 240 متراً مربعاً). وكلها تضيق بالسجناء لكثرة عددهم نسبة إلى حجم الغرف.
سجن النبطية كغيره تغيب عنه عملية فرز السجناء. ويقول أحد القائمين على السجن «مدة العقوبة القصوى في سجن النبطية لا تتجاوز أربع سنوات، وليس من العدل أن يتقاسم الموقوف أو المرتكب لمخالفة، الغرفة مع المحكوم بجناية». ويتكبّد أهالي السجناء العناء لإرسال الطعام إلى أولادهم بشكل شبه يومي، وبحسب أحدهم أن «رائحة الأكل في الحبس بتقرّف، كيف الطعمة؟». أما الإشراف الصحي على السجناء، فهو جيد نسبة إلى بقية السجون، حيث يخضع هؤلاء لمعاينة دائمة من الأطباء، والمعالجين النفسيين، إذ إن أكثرية السجناء يعانون مشاكل نفسية، ويتناولون أدوية للأعصاب.
ولأن السجن مجتمع مصغّر عن الخارج، فإن ذلك من شأنه أن يثير الإشكالات بين السجناء التي لا تخلو من الطابع السياسي ــ الطائفي، ما يستدعي مراقبة دائمة من رجال الأمن. ولعل أبرزها يحصل بسبب النزاع على اختيار المحطات التلفزيونية المحلية، وخصوصاً في فترة النشرات الإخبارية.
أما التأهيل والإصلاح الاجتماعيان اللذان يفترض أن تكون لهما الأولوية في السجون، فهما أبرز الغائبين، إذ إن الإصلاح يقتصر على زيارات لبعض الواعظين والجمعيات الدينية. وفي هذا الصدد يقول المحامي نعمة جمعة: «ينبغي أن تكون الهيئات الإصلاحية هيئات اجتماعية لا دينية، فالسجن مدرسة للإصلاح، والذي يدخل إلى السجن يعتبر مفقوداً، والخارج منه مولود، لا العكس».
إشارة إلى أن إدارة السجون لا تزال حتى اللحظة، مناطة بوزارة الداخلية، على الرغم من صدور مرسوم يقضي بربطها بوزارة العدل، وهنا يتساءل د. غياض: «هل الضابطة العدلية مؤهلة فعلياً للإشراف على السجون؟ ولماذا لم تُنظّم حتى هذه اللحظة إدارة خاصة للسجون؟». الجواب يبقى برسم المعنيين بهذا الشأن.