حسن عليق
بعد أكثر من 25 جريمة تفجير واغتيال استُهدف إعلاميون في العديد منها ــ ولم يكشف القضاء أياً منها حتى اليوم ــ تلقى عدد من الزملاء الصحافيين تهديدات أمنية، وُضعت الأجهزة الامنية في صورتها، على أمل أن تكون مجرّد «إشارات إعلامية»


تناقلت الأوساط الإعلامية على مدى الأسابيع السابقة معلومات وشائعات عن تلقّي عدد من الزملاء، مباشرة أو بالواسطة، تهديدات بالتعرّض لحياتهم. هذه التهديدات أخذها بعض الزملاء على محمل الجد، وخاصة في ظل الأجواء السياسية والأمنية غير المستقرة التي تمر بها البلاد. وعلى حد قول أحدهم، صار الانتقال من لبنان إلى باريس أكثر أمناً لبعض السياسيين من التنقل في شوارع العاصمة. إعلاميون آخرون آثروا الاستمرار في نمط حياتهم كالمعتاد، إما لاعتبارهم أن المعلومات لا تستحق الوقوف عندها، أو لاقتناعهم بأن الإجراءات الأمنية، مهما ارتفع منسوبها، لا يمكنها أن تحمي أي شخص اتخذ القرار باستهدافه.
التهديدات الأخيرة، أو ما اعتبره الزملاء المعنيون به على أنه تهديد، كان «خبراً» نشرته وكالة «شام برس»، موقّع باسم خضر عواركة. وورد في «الخبر» أن مسؤولاً أميركياً التقى في السفارة الأميريكة في بيروت عدداً من الصحافيين، وتباحث معهم في «كيفية صناعة الرأي العام اللبناني» بما يتماشى مع السياسة الأميركية. وأورد عواركة عدداً كبيراً من الادعاءات أبرزها أن زملاء إعلاميين معروفين في لبنان يقدّمون برامج مموّلة أميركياً.

شدياق: إجراءات حماية أكثر من السابق

ومن الزملاء الذين وردت أسماؤهم في «الخبر»، الزميلة مي شدياق، التي قالت لـ«الأخبار» أمس إنها لا ترى ما يحكى بمثابة تهديدات. وأضافت: «عندما قال مسؤول أمني سوري وآخر لبناني سابق إنهما يريدان أن يشربا من دمي لم أعتبر كلامهما تهديداً، بل استمررت بعملي كالمعتاد. وكذلك الأمر عندما تعرّضت لضغوط في العمل. وفي هذه الأيام، أنا الغريق فما خوفي من البللوقالت شدياق إن وزارة الداخلية والأجهزة الامنية «تقوم بكل ما تستطيعه، لكن القتلة يتمكّنون من الوصول إلى الهدف الذي يريدون عندما يتخذون القرار. فلا أحد كانت لديه احتياطات أمنية أكثر من الرئيس الحريري».
في المقابل، أكّدت الزميلة شدياق أنها تتخذ إجراءات للحماية أكثر من السابق، لكنها لن تقوم بأي إجراءات تؤدي إلى «خنقها» كما يجري مع النواب الموجودين في فندق فينيسيا الذين يقفلون حتى البرادي في غرفهم. وذكرت شدياق أنها تبلّغت أن «المستهدفين حالياً هم النواب، لكن بعد الانتخابات الرئاسية، من المحتمل أن تعود آلة القتل لاستهداف الشخصيات الأخرى».

سلمان: لا يستحق التوقف عنده

الكاتب في صحيفة «المستقبل» الزميل فيصل سلمان، قال لـ«الأخبار» إنه علم بالخبر المنشور في «شام برس»، لكنه لم يتعامل معه كتهديد. «فهو ركيك الصياغة ولا يستأهل الوقوف عنده، وليست له أية مصداقية». وأكّد أنه لم يتبلّغ بتهديدات ولم يهدَّد. «فأنا ما زلت أقضي أيامي كالمعتاد، ولا أعتقد أن لديّ أعداءً أو أشكل خطراً على الأمن القومي لهذه الدولة أو تلك». ورأى سلمان أن المتعاطين بالشأن العام معرّضون للخطر، لكن هذا خيار: إما أن يأخذوه أو أن يتخلوا عنه. وقال سلمان إنه لا يجوز أن نضع الأجهزة الامنية تحت عبء المسؤولية كلما ورد اسم صحافي في إحدى الوكالات.

عين عبّود على «شام برس»

بدوره، نفى الزميل وليد عبود أن يكون قد تلقى تهديدات مباشرة أو غير مباشرة، لكن ما نقلته «شام برس» يمكن أن «يُفهم كإشارة ما، ويمكن في الوقت عينه أن يكون إشارة إعلامية فقط». وأضاف الزميل عبود، «لكنني اتخذت بعض التدابير الشخصية، كما أن الاجهزة الأمنية أبدت حرصاً على تأمين متطلبات الحماية لي»، إضافة إلى الزملاء الذين اتصلت بهم «الأخبار»، تلقى زملاء آخرون تهديدات اعتبروها جدية، لكنهم رفضوا الحديث عنها خوفاً من انعكاسها على عائلاتهم.
من ناحية أخرى، علمت «الأخبار» أن المعلومات عن تهديدات لإعلاميين وصحافيين وسياسيين تصل إلى الجهات المختصة، ويطّلع عليها مجلس الأمن المركزي. ومن المفروض أن مسؤولية حماية هؤلاء من صلاحيات جهاز أمن الدولة، إلا أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تأخذ الأمر على عاتقها. وهذه التهديدات، إضافة إلى جو القلق الطاغي بين المواطنين، انعكست انتشاراً كثيفاً للعناصر الأمنية، وخاصة في محيط منازل المسؤولين وقرب المؤسسات الرسمية والإعلامية.
وفي هذا الإطار، ورغم وصول بعض المعلومات «الغامضة» لأحد الأجهزة الأمنية الرئيسية عن احتمال استهداف إعلاميين وشخصيات سياسية ودينية، لم يوقف أي مشتبه فيه جدي، وتعتمد السلطات الأمنية أساساً على قراءة أمنية ـــــ سياسية لمرحلة مشبعة بالمخاطر الأمنية، أكثر من اعتمادها على معلومات ملموسة.