strong> ليال حداد
كلما توغّل المرء داخل مخيّم برج البراجنة كثرت المباني والبيوت وقلّت مساحات اللعب المخصصة للأطفال. في المخيّم لا مكان لشرعة حقوق الطفل ولا لمادّتها السابعة التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1959 وأكّدت أهمية «اللعب واللهو، اللذَين يجب أن يوجها نحو أهداف التعليم، وعلى المجتمع والسلطات العامة السعي إلى تيسير التمتع بهذا الحق». على جدران المخيّم لا ألوان ولا رسوم، بل صور لشهداء وزعماء سياسيين ولبنانيين فقط.
انطلاقاً من هذا الواقع، شارك أكثر من مئة تلميذ تترواح أعمارهم بين السادسة والثانية عشرة، في النشاط الذي نظّمته الجمعية الفلسطينية «أحلامنا» ومنظّمة «وورلد فيزيون»، لأطفال المخيّم. بدأ النّشاط عند العاشرة صباحاً، غير أن الأولاد تجمعوا منذ السابعة، فالحديث عن هذا اليوم المنتظر طال، وساعتان من اللّعب المتواصل حلم لكل ولد.
تضمّن النشاط أكثر من عشر ألعاب خاصة بالأولاد، من ضمنها لعبة الرسم على أحد الجدران بمشاركة الياس زعرور، وهو متطوّع من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية. كلّ ذلك جرى على وقع أغانٍ للأطفال تحوّلت في آخر النشاط إلى أغان لوائل كفوري «أطفال المخيّم يحبّون وائل كفوري»، يقول منسّق النشاط جاد تامر ممازحاً.
يتحدّث تامر عن أهمية النشاط بالنسبة إلى مخيّم كمخيّم «البرج»: «من حقّ الأولاد أن يلعبوا، هذا حقّ أساسيّ مثل التّعليم، والأكل والمأوى. لكن في هذا المخيّم لا مكان للّعب، لذا قمنا بهذا النشاط». لا يدرك العديد من أولاد المخيّم ذلك. فاللعب جزء من الرفاهية التي قد يحظون بها وقد لا يفعلون، من هنا بدت الدهشة واضحة على وجوههم عندما رسم زعرور على الجدار كله أولاداً يلعبون وكتب إلى جانب الرسوم «اللعب حقّ لي». والهدف الثاني، بحسب تامر هو «تجميل أمر قبيح، فالحائط كان بشعاً ولا حياة فيه. قمنا بتوريقه ودهنه والرسم عليه. عندما يرى الأولاد التحوّل يهتمون به تلقائياً».
وبالنسبة إلى تشابه النّشاطات مع معظم ما تقوم به الجمعيّات في المخيّم يقول تامر: «بدأنا بالإعداد للنشاط منذ أكثر من سنة، لكننا لم نستطع تنفيذه حتى الآن، أمّا التّشابه، ولا سيما مع ما يقوم به النادي الثقافي الفلسطيني في مخيم شاتيلا، فهو أمر بديهي إذ إنّ كلّ المخيّمات تحتاج إلى تجميل».
أما مي خشّان من جمعيّة «أحلامنا» فتتحدّث عن هدف آخر للنّشاط وهو تعليم الأولاد والشباب كيفيّة التّفاعل في الحياة الاجتماعية لمحاربة أوضاع المخيّم «وللتأكيد على أننا نقدر أن نغيّر الواقع الذي نعيش فيه». فالجمعيّة التي تهتمّ بالأولاد من عمر سنة حتى الثانية عشرة، والشباب من عمر الثانية والعشرين حتى الرابعة والعشرين.. على معرفة واسعة بالأوضاع التي يعيشونها في المخيّم.
النشاط ليس الأول من نوعه في المخيّم، إذ افتتحت «أحلامنا» و«وورلد فيزيون» مشاغل دبكة ورقص ورسم وغيرها من النشاطات الترفيهية بعد عدوان تموز وتستمرّ حتى نهاية عام 2009.