غربي بعلبك ــ رامح حميّة
بعد سلسلة الحرائق الكارثيّة التي طالت الثروة الحرجية في لبنان من شماله إلى جنوبه، والتي قضت على آلاف الهكتارات من الأشجار، تكمل اليوم الأيدي العابثة الجريمة في جرود السلسلة الغربية بمقلبيها الشرقي والغربي، بقطع آلاف أشجار السنديان واللزاب والملّول تحت جنح الظلام بقصد الاتجار بها ودون أن يكون هناك أي رادع بيئي أو أخلاقي أو حتى أمني يمنع ارتكاب مثل هذه الجرائم.
وتضم أحراج غربي بعلبك في السفح الشرقي للسلسلة الغربية محميّة اليمونة الطبيعية الغنيّة بالنباتات والأشجار النادرة، وتتعرّض هذه الأحراج لأعمال القطع العشوائي ولمساحات شاسعة، علماً بأنها ملكيّة خاصة تعود لأهالي البلدات والقرى المتاخمة للسلسلة الغربية، ويشكو أصحابها من أعمال القطع الليلي للأشجار دون تمييز بين سنديان معمّر أو لزاب. ويشير «أبو محمد» صاحب أحد الأحراج وهو في العقد السابع من العمر إلى أن هناك «لصوص حطب» يسرقون مئات الأطنان من رزقنا من دون أن يكون لمأموري الأحراج والقوى الأمنية أي دور يذكر»، مؤكداً «أن هذه الأعمال تؤثر على التوازن البيئي بشكل كبير، ونطالب وزارتي البيئة والزراعة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بلجم أعمال القطع».
بدوره، أوضح أ .ش. «أن من يقطع الأشجار يتذرع بالرخص التي تمنحه الحق بذلك، إلا أن هذه الرخص لا تمنح صاحبها الشرعية بقطع مئات الأطنان بقصد الاتجار لأغراض التدفئة والتفحيم».
أعمال القطع لم تقتصر على أحراج غربي بعلبك، بل تشمل أيضاً أحراج العاقورة وجبيل وأفقا، فقد رصدت «الأخبار» عدداً من سيارات النقل «بيك أب» تسلك يومياً طريقي عيون السيمان ـــــ حدث بعلبك ، وأفقا ـــــ حدث بعلبك وهي تنقل أطناناً من السنديان والملّول المقطّع والجاهز للتوضيب في المخازن استعداداً لفصل الشتاء.
أحد أصحاب هذه السيارات، أثناء مروره قرابة الساعة السادسة صباحاً في بلدة حدث بعلبك، أشار إلى «أنه ينقل الحطب من أفقا إلى شمسطار»، وأن الحمولة هي الخامسة له خلال أسبوع وأن سعر طن السنديان المقطّع من أفقا أو جبيل إلى البقاع يتراوح بين 200 و250$ ، أما اللزّاب والملّول فأسعاره 100$، وأضاف أنه ينقل مع زملاء له قرابة خمسة أطنان يومياً إلى قرى البقاع الأوسط والشمالي.
ويسود اعتقاد مفاده بأن الحطب يذهب إلى الطبقة الفقيرة التي لا تستطيع شراء مادة المازوت الخاصة بالتدفئة. وعن ذلك يوضح أحد مخاتير غربي بعلبك «أن هذا الاعتقاد خاطئ ومجحف، فالحطب يسرق بقصد الاتجار به وبيعه إلى الأثرياء». ويتابع شارحاً :إن قرانا يتراوح ارتفاعها ما بين 1000 ــ 1500م عن سطح البحر ويحتاج كل منزل ما بين 7 إلى 8 أطنان من الحطب لفصل الشتاء بسعر (2000$)، وبالتالي يفوق هذا المبلغ سعر كميّة مازوت التدفئة التي يحتاجها ابن البقاع (1300 ليتر) بسعر (1000$). وبالتأكيد لن يشتري صاحب الدخل المحدود الحطب في ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية، بل سيعمد إلى شراء المازوت وعلى دفعات متفاوتة، إما بالبرميل أو بالغالون.
إلا أن اللافت أن الرقابة الخاصة بتهريب المازوت تبدو أكثر فعالية منها على قطع الأشجار ونقلها لمسافات كبيرة من قبل أصحاب سيارات النقل. ويعترف مصدر أمني بأنه، حتى اللحظة، ليس لديهم أي صلاحية بملاحقة ومتابعة هذه المسألة، متذرّعاً بأن أصحاب سيارات «البيك أب» قد يدّعون أنهم اشتروا الحمولة. وأكد المصدر أن القوى الأمنية خلف مأموري الأحراج في متابعة أعمال القطع.