strong>مهى زراقط
أطلقت أمس «الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات» مشروع «نحو مجلس مستقلّ لميثاق شرف إعلامي» من دون أن تنجح في إطلاق النقاش الذي توقعته للمعايير الإعلامية المقترحة لأسباب علمية لم توضح نتائج دراسة معدّة، و«جغرافية» حالت دون حضور عدد من الإعلاميين

«نحو مجلس مستقلّ لميثاق شرف إعلامي»، كان عنوان الورشة التي نظّمتها «الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات» في السرايا الحكومية أمس حيث «تعذّر إجراء هذا اللقاء في أي مكان آخر نظراً للوضع الأمني» حسبما أوضح الأمين العام للجمعية وليد فخر الدين.
تتضمن الدعوة إلى الورشة تفاصيل الساعات الثلاث التي ستستغرقها، وهي إلى كلمات المشاركين في المشروع، عرض لنتائج «دراسة كميّة ونوعية قامت بها الجمعية حول المساحات التي منحتها الوسائل الإعلامية اللبنانية للقوى والأحزاب السياسية في لبنان» خلال الانتخابات الفرعية الأخيرة في قضاء المتن. بعد هذا العرض يجري «تعليق على النتائج من جانب الخبراء والإعلاميين»، ثم «يتسلّم الإعلاميون مدوّنة السلوك المقترحة على أن تجري مناقشتها لاحقاً».
وكشفت نائبة الأمين العام للجمعية يارا نصّار، خلال النقاش الذي سار بخلاف ما كانت تتوقعه، الأهداف التي كانت تتوخّاها من هذه الورشة وهي، بما معناه، «نعرض الدراسة، تفاجأون بالنتائج التي تكشف سوء الممارسة الإعلامية فتشعرون بالحاجة إلى ميثاق شرف إعلامي».
لكن ما حصل أن عدد الإعلاميين الذين حضروا (ويفترض أن يناقشوا المعايير) لم يتجاوز عدد أصابع اليدين، بعد أن تحفظ عدد منهم «لأسباب سياسية أو خاصة». تحفّظ رفضه وزير الإعلام غازي العريضي لأن «السرايا الحكومية هي بيت من بيوت الشرعية اللبنانية الأساسية، مهما كان الخلاف السياسي وكبيراً».
وما حصل أيضاً أن نتائج الدراسة التي عرضت لم «تفاجئ» أحداً، لأن غالبية الحاضرين لم يفهموها بسبب النقص الكبير سواء في شرح المنهجية العلمية المتبعة، أو النتائج التي ترغب في تقديمها. فقد اكتفى المنظمون بعرض المساحة التي احتلتها الأحزاب السياسية في نشرات الأخبار بين 27 تموز و15 آب 2007، والقول إن كانت هذه المساحة إيجابية أو سلبية من دون تحديد معنى السلبي والإيجابي من جهة، أو كيفية اختيار الخبر الذي ستقاس مساحته: هل هو ما يكتب عن حزب معيّن أو أخبار هذا الحزب من جهة ثانية.
الملاحظة الثانية تتعلق في خلل المقاربة الإعلامية والمهنية لنتائج هذه الدراسة. إذ هل يمكن القول، إذا توصلت دراسة معينة إلى أن المساحات التي تتقاسمها كل الأحزاب هي متساوية كماً ومضموناً، بأن الممارسة الإعلامية باتت جيدة؟ وهل تفضي نتائج دراسة مماثلة إلى صوغ معايير إعلامية، مثل التي وزّعت على المشاركين وهي الآتية: عدم مهاجمة الإعلامي للإعلاميين الآخرين أو لوسائل الإعلام الأخرى، عدم اختلاق الأخبار والتأكد من صحة المصادر، عدم التجريح بالآخرين، عدم الدمج بين الرأي والخبر، واحترام حق الرد؟
أما السؤال الأبرز فيكمن في الشكل. فإذا انطلقنا من مقدّمة ورقة العمل المقترحة من المنظمين، وفيها أن الكثير من الإعلاميين اللبنانيين «انزلقوا في دهاليز السياسية اللبنانية وتحولوا من قادة رأي هدفهم البحث عن حقيقة ما يجري إلى أداة في يد السياسيين» يكون السؤال مشروعاً عن «فائدة» إطلاق المشروع من السرايا الحكومية وفي حضور وزيرين (سياسيين) أحدهما وزير للإعلام يتساءل عن الحاجة إلى ميثاق شرف في ظلّ وجود قانون للإعلام...(!!!) معترفاً في الفقرة نفسها بأن هذا القانون لا يطبق لأسباب تتحمل الدولة مسؤوليتها ومقدّماً أمثلة عن تجاوزات حصلت في عهده... وزيراً للإعلام. هذا إذا لم نستطرد في شرح ملابسات العلاقة بين الصحافيين والسياسيين.
هذه الإشكاليات استدعت نقاشاً وعد المنظمون باستكماله لاحقاً وفي ورش عمل مستديرة. وقبل أن ينتهي الوقت المخصص قدّم المسؤول الإعلامي في اتحاد المقعدين اللبنانيين عماد الدين رائف ملاحظة مهمة عن استعمال تعابير مسيئة في السياسة اللبنانية من قبيل «حوار الطرشان»، «الحكومة البتراء» مقدّماً مجموعة اقتراحات لاستخدام مصطلحات سليمة.
يُذكر أن هذا المشروع يندرج ضمن مشاريع برنامج «أفكار2» لدعم المجتمع المدني اللبناني المموّل من الاتحاد الأوروبي وبإدارة مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية جان أوغاسبيان الذي حضر الافتتاح، كذلك حضره رئيس بعثة المفوضية الاوروبية في لبنان السفير باتريك لوران ووزير الإعلام غازي العريضي وعدد من الأكاديميين وأعضاء الجمعية.