فاتن الحاج
فوجئ طلاب معهد العلوم الاجتماعية ــ الفرع الأول هذا العام بورش بناء مجاورة لمبنى التدريس تعوق العملية التعليمية. وقد وقّعوا عريضة تطالب رئيس الجامعة بتوفير مبنى بديل، علّ القرار السياسي يساعدهم على حل الأزمة

لم يعد طلاب معهد العلوم الاجتماعية ــــ الفرع الأول ينتظرون الكثير من إدارة الجامعة اللبنانية، فقد باتوا يتوقعون الجواب المسبق عن هواجسهم: الانتقال إلى الحدث غير وارد، وتوفير المبنى البديل مرهون بقرار سياسي.
لكنّ الغريب أن يتآلف الطلاب مع المكان الذي يفتقر إلى مقومات الحياة، فتغدو المشكلة «تحصيل حاصل»، والخطأ هو المنطق، وكل ما تسمعه منهم عبارات «الاستسلام»: «طبيعي، تعوّدنا، كلو غلط بغلط، ما في جو درس... الأهم أننا نتخرج ولا نعثر على فرصتنا في سوق العمل حتى في مجال التعليم».
تضيق القاعات بطلاب المعهد، فيقاطعون المحاضرات قسراً أو طواعيةً، باعتبار أنّ الحضور ليس إلزامياً، لكن هناك من يريد أن يتابع الصفوف، تقول سحر «بس ما في مطرح نقعد فيه جوّا». من هنا يجد الطلاب ملاذهم خارجاً في الكافيتريا وعلى الدرج و«الحفّة» وسطح مبنى قريب أو في الأفران والمقاهي المجاورة.
يتذكر علي كرسياً وضعوه مقابل مبنى التدريس وجلسوا عليه طوال العام الماضي حتى أصبح مهترئاً. «ضيعانو»، يقول بتحسّر وكأنّه فقد كنزاً.
أما جديد هذا العام فهو غياب الكافيتريا التي آثرت الإدارة المركزية عدم استثمارها هذا العام، لكونها تتحول مع نهاية العام الجامعي إلى قاعة لإجراء الامتحانات تتسع لـ160 طالباً، وبالتالي الاستثمار سيكون خاسراً، باعتبار أنّ الحركة تنشط في فترة الامتحانات. هذا ما أفاد به مدير المعهد الدكتور محسن صالح، لكن لدى الطلاب معطيات أخرى، فقد وعدهم مجلس طلاب الفرع بفتح الكافيتريا خلال هذين الأسبوعين، وينتظر استقرار الوضع السياسي ومرور انتخابات رئاسة الجمهورية على خير، وخصوصاً أنّ موقع المعهد «حساس»، وتكاليف الكافيتريا باهظة. وإذا كانت رنا ترى أنّ «الكافيتريا بتلم أفضل من الشارع»، فإن سميرة لا تراهن كثيراً «فالمكان ضيق وتنبعث منه رائحة الرطوبة».
ومع ذلك تبقى الكافيتريا مطلباً ملحاً لدى معظم الطلاب، وخصوصاً في فصل الشتاء، لغياب الحرم الجامعي الذي يحتضنهم.
وفوق هذا وذاك، لم يكن ينقص طلاب المعهد «المحظوظين» سوى الضجيج المتصاعد من ورشتي البناء المجاورتين الذي يحول دون تمكّنهم من متابعة محاضراتهم، ما يضطر الأستاذ إلى توقيف الدرس مراراً. ويوضح حيدر في هذا الإطار «أننا في السنة الأولى نعاني ضغط الطلاب في قاعات صغيرة، وبالتالي نشعر بالاختناق حين نقفل النوافذ، في محاولة لعزل أنفسنا عن أصوات الورش، وبعدين الصوت مش عم بيودي ومش عم نسمع عالدكتور».
لكنّ براءة حيدر ورفاقه غنوى وملاك وندى وموسى تجعلهم يتسلّحون بأمل الانتقال إلى الحدث «هيك عم يحكوا، يمكن السنة المقبلة».
وقد أثارت ورش البناء حركة اعتراضية في صفوف الطلاب والأساتذة الذين بادروا إلى توقيع عريضة تدعو إلى إيجاد حل للأزمة المستجدة وتوفير مبنى بديل، وخصوصاً أنّ الورش لا تزال في بدايتها وتحتاج إلى سنتين لإنجازها.
وتولّت مجموعة طالبية من كل الانتماءات التوقيع على العريضة، فيما تابع مندوب الأساتذة الدكتور إبراهيم مراد القضية على أن ترفع إلى مدير المعهد، تمهيداً لتحويل الرسالة عبر المسار الإداري المعتاد إلى رئيس الجامعة لاتخاذ القرار بشأنها. ويؤكد مدير المعهد أن «المطالبات المتكررة بإيجاد مبنى بديل لم تلق آذاناً صاغية في صفوف المسؤولين، إذ يبدو إنّو في أطراف سياسية مش موافقة على النقلة».
ويشرح صالح المشكلة البنيوية للمعهد من حيث السعة، فهو يضم 2500 طالب فيما لا يستوعب أكثر من 200، «لذا نضطر في نهاية العام إلى استخدام الكافيتريا ومرأب السيارات لإجراء الامتحانات».