غسان سعود
خلافاً للتوقّعات، تبدو معنويّات العونيّين مرتفعة جداً في ما يتعلّق بحظوظ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في الوصول إلى بعبدا. وسواء في الغرف المغلقة أو المفتوحة، يطمئن العونيون بعضهم بعضاً إلى أن انتظارهم عقدين من الزمن لم يذهب هدراً، والحلم بوصول عمادهم سيتحقق أخيراً.
وفي الرابية، لا يكاد رنين الهاتف من مواطنين ما عادوا يحتملون ثقل اللحظات التي تفصلهم عن معرفة هوية الرئيس يتوقف. وينقل الزوار روايات من مختلف المناطق اللبنانية عن مواطنين اعتادوا المبادرة إلى سؤال العونيين عن موعد وصول عون إلى بعبدا قبل سؤالهم عن أي شيءٍ آخر. ويقول هؤلاء إن منع عون من الوصول إلى الرئاسة الأولى سيمثّل صفعة قوية لآلاف من المواطنين تجذّرت فيهم القناعة بأن إمساك عون بالسلطة هو الوسيلة الوحيدة لبناء لبنان القوي وقيام دولة المؤسسات.
وفي المقابل، يؤكّد أحد قادة التيّار أنّ مغامرة الأكثرية بانتخاب رئيس غير عون لن تؤثر على الحالة العونية التي سبق أن استوعبت 13 تشرين (الذي هدّد به جنبلاط أخيراً) بشقيه السياسي والعسكري، وصمدت شعبية عون رغم إقصائه الكامل عن السلطة سبعة عشر عاماً.
وفي سياق تطلعات العونيين، يقول أحد أعضاء اللجنة التنفيذية إن كل الأمور تشير إلى ارتفاع حظوظ عون خلال الساعات القليلة الماضية بشكل غير مسبوق. فقد سقط الرهان على تسوية يخرجها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل سعد الحريري. وحسم بري الموضوع بالطلب من محاوريه التفاهم مع عون أولاً. وإذا تعذر وصول عون شخصياً، يتابع القيادي نفسه، فسيكون ابن حارة حريك قادراً على وضع لائحة بالمواصفات والأسماء، وسيكون الرجل الأقوى في العهد المقبل، غامزاً من قناة تمنّي قادة في الموالاة وموفدين دوليين على العماد عون تسمية أي شخص لتولي الرئاسة تفادياً لإحراجهم أمام حلفائهم وقواعدهم الشعبية. ويشدد القيادي البيروتي الشاب في هذا السياق على ضرورة التأكيد أن الكلام على الدور الرديف للجنرال والتيار في حال اقصائهما عن الرئاسة سابق لأوانه، خصوصاً أن مرشحي البطريرك الماروني نصر الله صفير أعطوا دفعاً شعبياً للعماد عون، ومتّنوا الالتفاف المسيحي حوله بصفته قائداً حقيقياً، لا عاجزاً عن تمثيل شعبه والدفاع عن حقوقه.
من جهته، يؤكد النائب عباس الهاشم أن مقاربة تكتل التغيير والإصلاح للاستحقاق قبل ثمان وأربعين ساعة من موعده الجديد تتلخص بالإجماع على أن عدم وصول عون إلى الرئاسة الأولى يمنع اعادة تكوين السلطة في لبنان، ويهدد بنيوية الكيان اللبناني، خصوصاً أن «من سيشعر بالغبن لن يسمح باستمرار الوضع على شذوذه». وأكد أن الإصرار على قمع الطائفتين الشيعيّة والمسيحيّة سيزيد من تطرف الطوائف، وسيدفع أبناء الطائفة السنيّة إلى مزيد من الراديكالية التي تخدم المجموعات السلفية الأكثر استفادة من تطور الصراع السني ـــــ الشيعي. ويجزم الهاشم، باسم التغيير والإصلاح، أن ليس ثمة غير عون رئيساً للجمهورية، مشيراً إلى أن التغيير بات بحكم الأمر الواقع، وقد يكون حضارياً أو يسبقه بعض الفوضى، لكنه حاصل حتماً.
أما النائب إدغار معلوف، الذي تجمعه بالعماد عون صداقة تخطّت الثلاثين عاماً، فيسأل عن حجة الرافضين لتحقيق حلم شريحة واسعة من اللبنانيين ربطوا تطور وطنهم بوصول هذا الشخص «الذي قضى حياته بالعمل الجدي لخلاص لبنان». وبعد قليل من التردد، يقول معلوف إن احتمال إقصاء عون عن الرئاسة ما زال في نظر التيار صغيراً جداً، لكن إذا حصل وتأكد أن «فخامته» في العهد الجديد لن يكون «رجل الجمهورية»، فإنّ خيار العماد عون سيكون الاستقالة من الحياة السياسية على الأرجح، مثلما فعل الرئيس الفرنسي شارل ديغول الذي صنع مجد بلاده وقرر الابتعاد عن المشهد حين حاول البعض تقزيمه، مشيراً إلى زرع العماد عون بذرة مؤصلة ستنمو بعد اعتزاله وتكبر لتغدق ثماراً على مستوى تطلّعات اللبنانيين.