نعمت بدر الدين
أكّدت مصادر دبلوماسية روسية أن الزيارة السريعة التي قام بها النائب سعد الحريري الى موسكو الإثنين الفائت كان هدفها بحث قضيتين أساسيتين، أولاهما التوسّط الروسي لدى طهران ودمشق لتسهيل عملية انتخاب رئيس لبناني جديد، وثانيتهما موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وترى المصادر أن سبب الأزمة السياسية الحالية في لبنان هو التدخلات الخارجية والتجاذب السوري ـــــ الإيراني من جهة والأميركي ـــــ الفرنسي من جهة أخرى، مضيفة أن أميركا لا تريد حلًّا توافقياً، معتبرة أن أميركا في الأساس دعمت «ثورة الأرز» وفريق 14 آذار وحكومة الرئيس السنيورة، وحرّضت طرفاً على طرف. أما مبادرة الفرنسيين فهي جيدة، لكنها غير واقعية ولا فعالة. وتبدي المصادر اعتقادها بأنه بات من الصعب الاختيار بين اسماء لائحة البطريرك صفير في الوقت القصير جداً الباقي قبل الاستحقاق، فضلًا عن أن بعض الأسماء المقترحة لا يتمتع أصحابها بصفات تؤهلهم حقاً لتسلّم مسؤوليات الرئاسة.
وتقول المصادر إن تجارب موسكو مع إيران أظهرت للأولى أن الثانية مرنة بالمقارنة مع عواصم أخرى مثل دمشق وواشنطن وباريس. وأكدت المصادر أن لبنان يحتاج إلى اتفاق سياسي شامل وإلى سلة واحدة. فإذا جرى التوافق على الاستحقاق الرئاسي وحده، فإنّ معارك أخرى ستبدأ في اليوم التالي، وأولاها معركة تأليف الحكومة.
وأكّدت المصادر أن روسيا لن تدعم رئيساً بالنصف الزائد واحداً لأن الأخير سيكون هو الشرارة التي تؤدي الى الانفجار، بينما يترك الفراغ مكاناً للمفاوضات. وأضافت أن موسكو في حال قيام حكومتين لن تدعم أياً منهما، بل ستتعامل بحذر مع جميع الاطراف وستبذل جهدها لتقريب وجهات النظر وإيجاد حلول.
وكشفت المصادر أن هناك أطرافاً شيعية، ملمّحة إلى «حركة أمل»، كانت تتفاوض مع الأميركيين حول تطبيق القرار 1559، وقدمت واشنطن عرضاً بسحب شرط نزع سلاح حزب الله مقابل تسهيل المعارضة انتخاب رئيس من 14 آذار، ورأت أن الطرف الشيعي رفض هذا العرض.
وأضافت المصادر أن ما قدمه الطرف الأميركي عملياً هو تجارة خاسرة، ذلك أن ما يؤجل طرحه الأميركيون من طلبات قبل الانتخاب سيطلبه الرئيس الجديد بعد انتخابه، وأن الأميركيين يطلبون رئيساً يطبق القرار 1559 وينزع سلاح المقاومة.
أمّا في موضوع المحكمة، فتؤكد المصادر أنّ النائب الحريري يرغب في تغيير المدعي العام فيها الذي اقترحه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الكندي دانيال بلمار، كذلك يريد الحريري مناقشة بعض التحفّظات الروسية حيال المحكمة.
وأشارت المصادر إلى أنه لا يزال لدى روسيا تحفظات عديدة حيال المحكمة الدولية بسبب تجربتها في محكمة يوغوسلافيا التي رأتها غير مشجعة، وأن جميع التجارب في الدول التي شهدت محاكم دولية كانت تجارب غير منتجة وكانت غايتها محض سياسية. ومن أسباب التحفظ الروسي على المحكمة أيضاً، عدم وجود إجماع لبناني عليها، لكنّ روسيا ستلتزم قرار المحكمة ذات الطابع الدولي لأن القرار قد اتخذ في مجلس الأمن.