أنطون الخوري حرب
«لن نقبل في أيّ يوم من الأيّام بأن يتولّى سعد الحريري رئاسة الحكومة اللبنانية»، بهذا الكلام يوجز أحد نواب تكتل «التغيير والإصلاح» موقفه وزملاءه من رئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري. وككل مرة، يتنادى أعضاء كثر من التكتل بعد انتهاء الاجتماع في مقر إقامة العماد ميشال عون في الرابية لتقويم اجتماعهم الأسبوعي.
ويضيف النائب المذكور: «سوف يندم الحريري أشدّ الندم على موقفه من ترشيح العماد عون إلى رئاسة الجمهورية، فهو لن يرى رئاسة الحكومة في حياته، وسوف نتصدى له ما حيينا».
ويضيف زميل له: «هو غير مقبول كرئيس حكومة لا عربياً ولا دولياً، ونحن نعرف رأي هؤلاء به كفاقد لأهلية هذا المنصب، وسوف يكون أي موظف في تيار المستقبل كفؤاد السنيورة مقبولاً أكثر منه، أمّا هو، فقد انتهى إلى الأبد ولن يرتقي في حياته إلى رتبة وزير، وحياته السياسية بأكملها ستكون قصيرة جداً بعد اليوم».
ينطلق هذا الكلام من الإشارة إلى عدم إدراك الحريري لأهمية العلاقة بين السنّة والموارنة، كما كان يدركها والده، إضافة إلى بلوغ الغضب المسيحي على فؤاد السنيورة أوجه بعد الفراغ الرئاسي.
وهذا ما ينسحب على الشارع المسيحي العام حيث من المتوقع أن تحشد كل القوى لتفرض على المرجعيات المسيحية موقفاً رافضاً وموحّداً لاستعمال السنيورة صلاحيات رئيس الجمهورية. وإذا كانت الظروف الحالية قد أوصلت لبنان إلى الفراغ الرئاسي «بسبب سياسة سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط»، فإنّ «سياستنا في المستقبل ستمنع سعد الحريري من تبوّء منصب رئيس الحكومة حتى لو كانت كل الأكثرية النيابية له وحده دون شريك، وسوف يفهم عندها ماذا فعل بالموارنة والمسيحيين».
وعن مواقف النائب وليد جنبلاط الهادئة في اليومين الأخيرين، ترى قيادة التيار الوطني الحر أن هذه المواقف هي جزء من مسرحية هزلية معروفة ومكشوفة لدى جنبلاط ولن تلغي شيئاً من موقف عون والتيار منه، ذلك أنه حتى الأمس كان التيار في حال دفاع عن ترشيح عون وموقع المسيحيين في الدولة، لكن من الآن فصاعداً سيتحوّل الدفاع إلى هجوم شرس لكي لا تدفع الطوائف المسيحية الثمن دائماً. فالعونيون مرتاحون إلى كونهم قدموا كل الفرص الحوارية وصولاً إلى تخلّي عون عن ترشيحه للرئاسة خلال مبادرته الأخيرة، لكن التنازل عن هذا الترشيح لم يعد وارداً ولا بأي شكل من الأشكال لا من جانب التيار ولا الكتلة النيابية أو العماد عون بالذات، وإذا ما أرادت قوى الأكثرية المواجهة فإن التيار لن ينتظر موقف الرئيس بري هذه المرة ولديه مفكرته الخاصة المنسّقة مع حزب الله وحلفائه الآخرين، وسيبدأ تنفيذها بعد نهار الجمعة المقبل. فالتيار لن يكون معنيّاً بأي تأجيل جديد لجلسة الجمعة المقبلة، مع إضافة عدم توقّعه أي تغيير في المواقف حتى ذلك التاريخ. وقد يكون الأمر الإيجابي الوحيد الذي حصده التيار ورئيسه الأسبوع الفائت هو عودة تنامي شعبيتهما المسيحية بشكل كبير، مما أراح قيادات التيار وسهّل عليها وضع خطة تحركها المقبلة والتي ستكون «نوعية» هذه المرة. ولن يبقى السنيورة في موقعه إلّا إذا أراد أن يكون رئيس أكثرية الطائفتين السنيّة والدرزية، لا رئيساً على الشيعة والمسيحيين.
ويختم القيادي العوني كلامه لـ«الأخبار» بالتأكيد «أننا سنعيد ترتيب وضعية الواقع المسيحي مع المرجعيات الروحية والزمنية باستثناء مَن يريد أن يبقى على الحياد أو مع السلطة، وسيكون لهذا الأمر وقعه الكبير وتأثيره على حركة التيار الوطني الحر وتيار المردة بشكل أساسي. لكن أهم ما في الأمر أننا لن نعود إلى الوراء، وسوف يرون ماذا يفعل المرء حين لا يبقى لديه ما يخسره من حقوق».