149; عون بدأ مشاورات واسعة وجنبلاط يطالب برئيس موزون يضمن التعدّدية
وفي اليوم الثالث، ملأ اللبنانيون الفراغ بالانقسام
في شأن المشاركة في مؤتمر أنابوليس، وتولّي الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية «المغيّب» إلى أجل غير معلوم بعدما بات في حكم المؤكد أن جلسة الانتخاب المؤجلة ستؤجل أيضاً


بينما حافظ المشهد السياسي على رماديته، في ظل ترويج لانتظار ما بعد أنابوليس، فاجأ قائد الجيش العماد ميشال سليمان، المتابعين، بزيارة البطريرك الماروني نصر الله صفير، وإبلاغه بأن «الإجراءات الأمنية المتخذة في كل أنحاء البلاد، هي من أجل تأمين الاستحقاق الدستوري». وقال: «إن الأمن هو تكليف عام من الإرادة الوطنية الجامعة، وهو حق للشهداء وملك لجميع الناس، ولا يختلف اثنان في لبنان على أن الأمن هو تماماً كالرغيف بالنسبة إلى الشعب اللبناني».

السنيورة يهاجم بري: المجلس مخطوفوكان السنيورة قد رأى في حديث إلى صحيفة عكاظ السعودية، أن المجلس النيابي «مختطف»، واتهم الرئيس نبيه بري، بـ«الانتقائية» عبر اختيار اسم واحد من لائحة صفير، بينما «كان الأجدى أن ترسل اللائحة بكاملها أو الأسماء الثلاثة التي لا تنتمي لفريق دون آخر، وكان بالإمكان أن يترك الأمر للمجلس النيابي ليقرر». واستبعد عودة مسلسل الاغتيالات والعنف، قائلاً ليس «هناك من مشكلة أمنية على الإطلاق...أساساً الجيش اللبناني يتولى مهمة حفظ الأمن والنظام منذ فترة».
ومستعيناً بالمثل: «ضربني وبكى سبقني واشتكى»، رد النائب علي حسن خليل نافياً وجوب إرسال اللائحة «بكاملها أو بنصفها إلى المجلس. فالاتفاق يقضي بأن الاسم الذي يُتوافق عليه وفيه صفة «التوافقي» هو الذي ننزل به إلى المجلس. والرئيس السنيورة يعلم من رفض ذلك، وعلمنا بعد ذلك لماذا. لأن المخطط كان، وسيبقى لأمد بعيد بحسب ظاهر الحال، لإبقاء السنيورة في الحكم حتى لا يأتي غيره، ولو كان رئيس كتلة المستقبل». أما «لماذا المجلس مختطف؟ فالجواب بسيط ودائم وقائم وإلى الأبد: لا يدخل الشرعية إلا من كان شرعياً، ولا يدخل المجلس النيابي حكومة غير شرعية».

مشاورات عون: المادة 62 خطأ جسيم

وأمس بدأ النائب ميشال عون مشاوراته مع الفاعليات المسيحية لبحث موضوع الفراغ الرئاسي، فالتقى الوزير المستقيل يعقوب الصراف، والوزراء والنواب السابقين مخايل الضاهر، جبران طوق، إيلي الفرزلي، ناجي البستاني، إسطفان الدويهي وإلياس حنا، ووفوداً من: الرابطة المارونية، الاتحاد من أجل لبنان، الرابطات والمجالس اللبنانية المسيحية، وفداً من الفاعليات والشخصيات الحزبية، وعائلة يوسف بك كرم.
وشدّد كل من التقاهم على ضرورة المشاركة وملء الفراغ في أقرب وقت. وانتقد الضاهر، الذي زار أيضاً الرئيس أمين الجميل وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع، المادة 62 من الدستور، مشيراً إلى أنها خطأ جسيم ارتكب عام 1990 «عندما قيل: تناط صلاحيات رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء وكالة، وهذا لا يقوله الطائف». وسأل: «كيف تنتقل صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية لا يستطيع أن يمارس صلاحياته من دون أن يُقسم اليمين الدستورية». وحذّر مسعود الأشقر من «تطبيع الفراغ». أما حبيب افرام فقال: «لسنا أهل ذمة عند أحد». فيما حذر الفرزلي من تأثير إطالة الفراغ «على استمرار ضبط الإيقاع». ودقّ الصراف ناقوس الخطر على الوجود المسيحي في لبنان والشرق.
وفيما كان عون ماضياً في مشاوراته، تعرّض لأكثر من هجوم مباشر وغير مباشر من قيادات في الموالاة، إذ دعا النائب وليد جنبلاط في موقفه الأسبوعي في جريدة «الأنباء»، بعدما ألغى مؤتمره الصحافي، إلى تركيز الجهود على انتخاب رئيس جديد «كي لا نقع في الفراغ لفترة طويلة نتيجة مزاجية بعض الأشخاص الذين يقودون مغامرات دون كيشوتية لم تصل حتى إلى مستوى البونابرتية، بل هي أشبه بالانقلابات العسكرية في دول أميركا اللاتينية السابقة والعسكريتاريا العربية». كما طالب بلبننة الاستحقاق وبرئيس «معتدل وموزون، هو ضمان للتعددية والنظام الديموقراطي».
وإذ كرّر في موضوع سلاح حزب الله «أن القرارات الدولية لا تنفذ بالقوة بل بالحوار ووفقاً للمعطيات المحلية»، توجه إلى الحزب «وجمهوره، لأن يدرك، بصرف النظر عن ارتباطاته الفقهية، أهمية حماية التعددية والتنوع في النظام اللبناني».
أما الوزير مروان حمادة، فقد تولى بعد استقباله السفير الأميركي جيفري فيلتمان والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون، الهجوم على «المواقف المتطاولة على بكركي ومرجعيتها».
وهاجم جعجع، بعد لقائه السفير السعودي عبد العزيز خوجة، «المتباكين، على التخلي عن سدة الرئاسة وتحوّل حقوق المسيحيين لمصلحة مجلس الوزراء ورئيسه السنّي»، مشيراً إلى أن الحل في يد «الذين قاطعوا جلسات الانتخاب». وقال إن عون «مطران وليس بطريركاً (...) ويلزم سينودوس مطارنة لينتخب بطريركاً، واستطراداً لينتخب ويختار رئيساً للجمهورية». كما قال عن نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، إنه «لا يقدر أن يعيّن بطريركاً سياسياً للمسيحيين».
واستقبل جعجع النائب بيار دكاش الذي زار أيضا السنيورة بناءً على دعوته، معلناً استعداده لخدمة الوطن «إذا رأت الموالاة والمعارضة أنني أصلح لأن أكون رئيساً لهذه الجمهورية»، مبدياً الاستعداد للالتزام بالقرارات الدولية. وإذ أبدى في معراب تفاؤله بعقد جلسة الجمعة، عاد وقال في السرايا: «إذا لم تحصل الجلسة يوم الجمعة فإنها ستحصل في أقرب وقت ممكن».
في هذا الوقت، عاد الجميل إلى الاستراتيجية الدفاعية، مناشداً بري الدعوة الفورية للعودة إلى طاولة الحوار، واستئناف البحث في هذه النقطة، مشيراً إلى أن من شأن التفاهم عليها «توفير الأجواء لتسهيل انتخاب الرئيس الجديد يوم الجمعة المقبل». ومساءً زار السنيورة، وقال إنه «متفائل خيراً».

«أنابوليس لحماية إسرائيل»

وأثارت المشاركة في مؤتمر أنابوليس موجة ردود فعل غاضبة. وحذرت لجنة المتابعة للقاء أحزاب المعارضة، الحكومة «من الموافقة على أي التزامات أو توجهات يتخذها المؤتمر تتعارض مع الثوابت والحقوق والسيادة الوطنية، أو محاولة فتح قناة للتفاوض مع العدو الصهيوني». وكررت على الصعيد الداخلي أن عون هو مرشح المعارضة للرئاسة «ما دام مستمراً في ذلك، وأن أي حل توافقي هو ركيزته الأساسية».
كذلك تمنى الرئيس سليم الحص، في بيان باسم منبر الوحدة الوطنية، لو لم يشارك لبنان في المؤتمر، مشيراً إلى أنه «لن يؤدي إلى أية نتائج ملزمة على صعيد السلام في المنطقة»، ولافتاً إلى أن أميركا «لا تلتزم الحياد بين العرب وإسرائيل». وأبدى خشيته من أن يكون «محاولة لبدء تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني»، نافياً وجود علاقة للمؤتمر بالانتخاب الرئاسي.
وبينما توقع النائب إسماعيل سكّرية أن يخرج العرب من المؤتمر «بدور ينسجم مع اسم مكان المؤتمر» أنا police «لحماية اسرائيل»، ورفض الشيخ عبد الأمير قبلان أن يكون لبنان «شرّابة خرج»، عمّت الاعتصامات المندّدة مختلف المخيمات الفلسطينية. وأعلنت قيادة تحالف القوى الفلسطينية اليوم «يوماً للغضب الفلسطيني». كما دعت المنظمات الطلابية والشبابية اللبنانية المعارضة، إلى جمعيات عمومية في كليات الجامعة اللبنانية.
ومن أنابوليس، دافع الوزير طارق متري بالقول إن لبنان يشارك بوصفه عضواً في لجنة متابعة مبادرة السلام العربية، وإنه «لن يفاوض أحداً أو يساوم على أي حق من حقوقه، بل سيطالب المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، ولا سيما القرار 1701»، وسيؤكد أن المبادرة العربية «كل لا يتجزأ».
أمنياً طمأن الرئيس عمر كرامي بعد اجتماعه و«لجنة المساعي الحميدة» التي تضم قيادات وحركات وجمعيات إسلامية من فريقَي 8 و14 آذار، إلى أن «الوضع مضبوط»، مشيداً بإجراءات وتعاون الجيش وقوى الأمن ووعي اللبنانيين «الرافضين لأي فتنة».