مجدل عنجر ــ أسامة القادري
انطلقت المرحلة الثانية من عمل «الأوتوستراد العربي المقفل» المسماة المرحلة «ب». «ورش» شركة (stfa) التركية بدأت جرف وإزالة المباني التي تعترض المشروع، قبل أن يباشر مجلس الإنماء والإعمار دفع التعويضات إلى أصحاب العقارات والمباني التي تشمل منازل ومحال تجارية.
اعتراض المواطنين المتضررين بدأ مع استملاك الدولة للربع المجاني ولم ينته بالتقدير العشوائي الذي حدّدت لجنة مكلفة من مجلس الإنماء والإعمار قيمة التعويض على أساسه عام 2003، فالتعويضات صرفت بموجب سندات خزينة مؤجلة حتى عام 2010، أي بعد الانتهاء من المشروع حسب ما هو مقرر.
وبسبب الغبن والضرر اللاحقين بهم يعترض أصحاب الأراضي التي يجزّئها الأوتوستراد حيث يجب أن يمر، إضافة إلى اعتراض أصحاب الوحدات السكنية التي بُنيت خلال الحرب الأهلية في ظل غياب الدولة ودوائر التنظيم المدني.
عمليات التخمين العشوائية، التي اعتمدتها اللجنة المكلفة من الحكومة اللبنانية، يقابلها بحركة احتجاج واسعة المتضررون الذين يؤكدون أن أسعار مواد البناء ارتفعت، ما انعكس سلباً على قيمة التعويض المحدد منذ أربع سنوات.
وفي جولة لـ «الأخبار» في عدد من القرى التي تقع على خط سير الأوتوستراد، تكثر شكاوى الأهالي. مراد مراد من بلدة المرج التي يجزّئها المشروع يملك 6 محال تجارية عند مثلث طريق الشام الذي يربط البقاع الأوسط بالغربي، ويقول: «قدمت شكوى الى قاضي الأمور المستعجلة والعقارية ولم يسمعني أحد، أزالوا مصدر رزقي قبل أن أقبض التعويض ولم يمهلونا سوى أربعة أيام».
اعتراض مراد يبدأ من هيكلية التقدير التي قامت بها اللجنة عام 2003، قبل أن تشهد مواد البناء ارتفاعاً في أسعارها أضعافاً مضاعفة. ويضيف «كان سعر طن الحديد 350 دولاراً، أما اليوم فقد تجاوز 900 دولار، وكذلك الرمل والبحص والإسمنت وغيرها»، ويرى أن هذه عملية تهجير يحميها القانون.
أما عبد الكريم هيفا الذي يملك في منطقة ديرزنون عقاراً بمساحة 7000م2، ومنزلاً مؤلفاً من شقتين بموجب ترخيص من التنظيم المدني، بمساحة 400م2، احتُسبتا بـ60 مليون ليرة مؤجلة حتى عام 2010، واحتُسب سعر متر العقار بـ18000 ليرة فيما يباع بـ30 دولاراً. اعترضت ولم أنل سوى 30 في المئة من قيمة ما حدّدوه». أما عن اعتراضه على الربع المجاني فيقول «لا أعرف لماذا شلحونا الربع، المشروع أكل كل العقار... لمن حسّنوا الأرض إذاً؟».
محمود العدوي مالك لمنزل مؤلف من طبقتين يشرح بعملية حسابية أن ما يعوض عليهم هو 30 في المئة لا 75 في المئة، فـ«الدولة تحتفظ بـ25 في المئة الى ما بعد استكمال المشروع، و25 في المئة للربع المجاني ليضاف إليها 20 في المئة والـ25 في المئة للمصرف كفائدة على سندات الخزينة المؤجلة لمن يريد أن يسحب المبلغ قبل استحقاقه ليبني».
بلدة مجدل عنجر أكثر القرى ضرراً، يقتطع فيها 240 عقاراً بمساحة 700 دونم ليضرب فيها 25 منزلاً. المتضرر عادل العجمي يملك عقاراً بمساحة 30708 أمتار. ويشرح بالأرقام مبيّناً الغبن اللاحق به جراء استملاك الدولة للربع المجاني. فالطريق الدولية استملكت من عقاره 8604 أمتار وجزّأته الى ثلاثة أجزاء متباعدة يفصل بينها الأوتوستراد المقفل، لتستملك الدولة منه 7077 متراً «بقانونها للربع المجاني». فيما عوض عليه بمساحة 927 متراً، أي أن الدولة استفادت من الربع المجاني ما يفوق سبعة أضعاف ما اشترته من العجمي. أما طريقة التخمين التي اعتمدتها اللجنة المكلفة من قبل الحكومة اللبنانية يراها العجمي أنها طريقة «عشوائية لا تعتمد الشفافية والإنصاف، بل المحسوبية والمزاجية».
ويلفت رئيس بلدية مجدل عنجر حسين ديب صالح الى أن الحركات الاحتجاجية التي قام بها المتضررون محقة. ويشير صالح إلى أن هناك عقارات اقتطع الأوتوستراد منها «الربع، وبسبب الربع المجاني الذي تستملكه الدولة لم يعوض على المالك بشيء مع أنه وقع عليه الضرر وجزّأ عقاره ولم يعد يستطيع التواصل فيه باعتبار الأوتوستراد مقفلاً. عدا عن الضرر اللاحق بمداخل البلدة. تقدمنا بطلبات اعتراض الى الرئيس السنيورة والى رئيس مجلس الإنماء والإعمار والى النائب سعد الحريري ولا يزال الوضع على ما هو عليه».