strong>لا تزال قضية الأسرى في السجون السورية، وقضية المفقودين تأخذ حيّزاً كبيراً لدى اللبنانيين، في ظل التجاذبات السياسية والتقصير الرسمي. بالرغم من تأييد كل اللبنانيين واهتمامهم بهذه القضية التي تعدّ جريمة ضدّ الإنسانية
انتقدت أمس لجنة أهالي المعتقلين في السجون السورية، في مؤتمر صحافي عقدته في حديقة جبران مقابل مبنى الاسكوا في وسط بيروت «تقصير السلطات اللبنانية في معالجة هذا الملف»، وطالبت بتدويل التحقيق فيه للوصول الى نتائج مرجوّة. وأشارت الى أن «الاعتصام في الاسكوا باق ليذكّر الحكومة والمسؤولين والرئيس المقبل بأن الإخفاء القسري جريمة ضد الإنسانية لا حل لها إلا عبر لجنة تحقيق دولية كاملة الصلاحيات».
وتحدّث عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب غسان مخيبر الذي حضر المؤتمر بصفته مقرر اللجنة النيابية لحقوق الإنسان، فرأى أنه يجب أن «يمثّل هذا الملف أولوية عند اللبنانيين أسوة بانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تكوين السلطة». وطالب الدولة بـ«وضع آليات تنفيذية للوصول الى الهدف»، مشيراً الى ضرورة تعاون مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية في هذا الإطار.
بدورها، قالت جمعية دعم المعتقلين اللبنانيين قسراً «سوليد»، إنها أرسلت وفداً من شخصين الى جنيف، التقيا مسؤولي مجموعات العمل للإخفاء القسري والتعذيب التابعة للأمم المتحدة، وحضرا الجلسة السادسة لمجلس حقوق الإنسان في المنظمة الدولية، وذلك في إطار «استراتيجية هادفة الى إنشاء لجنة دولية ذات صلاحيات قضائية للتحقيق في جرائم الإخفاء القسري والتعذيب والاعتقال الاعتباطي على يد القوات السورية التي عملت في لبنان منذ عام 1976 حتى انسحابها في 26 نيسان عام 2005».
وعدّد أحد أعضاء سوليد والعضو في اللجنة الى جنيف رامي صليبا، الخطوات التي قامت بها الجمعية في سبيل تحريك ملف المعتقلين، وقال إنه «من واجب الحكومة اللبنانية توجيه دعوة رسمية، الى مجموعات العمل حول الإخفاء القسري التابعة للأمم المتحدة، لإرسال مقرّر خاص كي يحضر الى لبنان ويقدم تقريراً رسمياً الى مجلس حقوق الإنسان»، ورأى أن هذه الخطوة «ضرورية لاستصدار قرار في المجلس يدعو الى تشكيل لجنة دولية».
وانتقلت سوليد بعد ذلك الى اللجنة اللبنانية السورية المشتركة، بعدما اتهمتها بالتقصير والإهمال والعجز، وأكدت على مطالبة لجنة أهالي الموقوفين للجنة «بتقديم تقرير نهائي عن نتائج عملها خلال العامين الماضيين»، على أن ينشر هذا التقرير في كل وسائل الإعلام، ورأت أنه «يجب أن تعلن الحكومة إنهاء عمل هذه اللجنة، وأن تبادر الى تحويل هذه الجريمة ضد الإنسانية الى التحقيق الدولي».
من جهة أخرى، تحدثت جمعية دعم الموقوفين، عن استعداد مجموعات العمل حول التعذيب، في الأمم المتحدة، لاستقبال قضايا التعذيب التي تعرّض لها المعتقلون السابقون، وقالت إنها قدمت لائحة كاملة تضم 640 حالة الى مجموعات العمل حول الإخفاء القسري التابعة للأمم المتحدة، والتي ستتم متابعتها عبر جلسة خاصة خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان ومجموعات العمل في تشرين الثاني المقبل. كما تحدثت عن استعداد اللجنة الدولية للصليب الأحمر للمساعدة التقنية «وخاصة في مجال فحوص الحمض النووي، بشرط أن تبادر السلطات اللبنانية الى الطلب منها ذلك». مع العلم بأن المساعِدة المسؤولة في وكالة البحث عن المفقودين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر كريستين رشدان، كانت قد تحدثت في المؤتمر الذي عقدته اللجنة الدولية في 30 آب الماضي بمناسبة اليوم العالمي للمفقودين، عن «عدم وجود قاعدة بيانات للحمض النووي للمفقودين، وذلك بسبب التكلفة الباهظة».
وكانت لرئيس لجنة أهالي الموقوفين في السجون اللبنانية غازي عاد، كلمة أشار فيها إلى «أن الخطوات التي قامت بها سوليد لا تعفي الدولة اللبنانية من مسؤولياتها في إيجاد حل لهذه المشكلة على الصعيدين الوطني والدولي». وقال إنه «لا يكفي أن تذكر الحكومة هذه المشكلة في البيان الوزاري، بعد اعتصام ناهز سنتين ونصف سنة»، ودعاها الى تحمّل مسؤولياتها بشكل أكثر فعّالية من اللجنة اللبنانية السورية. وتطرق عاد الى وسائل دعم مطلب تدويل التحقيق، فقال إنه يجب «أن يصدق لبنان على العهد الدولي لحماية كل الأشخاص من الإخفاء القسري، وعلى إعلان روما للمحكمة الجنائية الدولية»، ولفت إلى أن الطلب مقدّم من البعثة الدائمة للبنان إلى الأمم المتحدة الى مكتب الأمين العام منذ 25 نيسان 2006.
وتحدث أيضاً رئيس مركز الخيام محمد صفا، الذي سبق أن نوّهت «سوليدا» بجهوده في التعاون معها، ومع لجنة أهالي المفقودين، فشدّد بدوره على «ضرورة العمل والتنسيق مع جمعية سوليد، وأهمية متابعة اجتماعات جنيف عبر وزارة الخارجية». وختم بالقول إن «من المفترض بالبعثة اللبنانية في جنيف إبقاء قضية المعتقلين حية».
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر كانت قد انتقدت هي أيضاً تقصير الحكومة في التعامل مع ملف المفقودين، معتبرةً أن هذا الموضوع «لا يمثّل أولوية بالنسبة إلى الحكومة»، وطالبت بمزيد من الاهتمام.
(الأخبار، وطنية)