بيروت ــ حسن عليق طرابلس ــ عبد الكافي الصمد

فجر الخميس الماضي، قامت مجموعة من فرقة الفهود في قوى الأمن الداخلي بتفتيش زنازين الموقوفين والمحكومين الإسلاميين، قبل أن يجري نقل بعضهم إلى زنازين ومبانٍ أخرى داخل السجن، بعد حلق لحاهم ورؤوسهم. فما هي تفاصيل ما جرى؟


علمت «الأخبار» أن حملة تفتيش زنازين الإسلاميين في سجن رومية، ثم حلق رؤوسهم ولحاهم قبل إعادة توزيع عدد منهم على زنازين ومبانٍ غير تلك التي كانوا فيها، أتت بعد أسبوع على انسداد شبكة الصرف الصحي في مبنى المحكومين، والعثور بداخلها على هاتفين خلويين محطّمين. وبعد يومين من انسداد الشبكة، عثرت إدارة السجن في زنزانة محمد الكعكي (محكوم 20 عاماً بقضية تفجير ماكدونالدز عام 2002) في مبنى الموقوفين «ب»، على جهاز هاتف خلوي من دون بطاقة، أثبت التحقيق أن أحد زملائه في السجن، من المحكومين بقضايا مخدرات، كان قد أعطاه إياه قبل عدة ساعات من تفتيش الزنزانة.
ويوم الخميس الماضي، جرت حملة التفتيش التي لحقها حلق رؤوس ولحى الموقوفين والمحكومين الإسلاميين، والتي لم يُعثر خلالها على أي ممنوعات في الزنازين المذكورة. وأعقب هذه الحملة إضراب مفتوح عن الطعام أعلنه الإسلاميون، نقل بسببه، حتى أمس، اثنان منهم إلى مستشفى ضهر الباشق. ونفت مصادر رسمية قضائية وأخرى أمنية أن يكون سبب الحملة وحلق الرؤوس واللحى هو محاولة الموقوفين الإسلاميين أو أحدهم الهروب من السجن، أو أن تكون لها علاقة بقضايا أمنية أخرى خارج السجن.
ويوم الحملة، توقّفت الزيارات التي كان أهالي الموقوفين والمحكومين (من غير الإسلاميين) يقومون بها إلى السجن، فتأجّلت إلى اليوم التالي بعد التنسيق بين إدارة السجن والقضاء المختص.

«تشكيلات» الموقوفين

وأفادت مصادر مطلعة على أوضاع سجن رومية أن حملة التفتيش التي جرت يوم الخميس الماضي شملت كل زنازين المحكومين والموقوفين الإسلاميين، ومنهم الأخوان حسن ومالك نبعة، الموقوفان منذ منتصف 2005 بتهمة الانتماء إلى تنتظيم «القاعدة». وكان الأخوان نبعة و5 من رفاقهما موجودين في مبنى المحكومين بسجن رومية رغم عدم صدور حكم قضائي بحقهم، بسبب جمع الأخوين بشقيقهما ربيع المحكوم سابقاً بالسجن المؤبد بتهمة اغتيال الشيخ نزار الحلبي. وبعد الحملة، نقل مالك إلى مبنى الموقوفين «ب»، فيما نقل حسن إلى مبنى الموقوفين «د»، وبقي ربيع في زنزانته بمبنى المحكومين. أما الموقوفون الخمسة الآخرون فجرى توزيعهم أيضاً على مبنيي الموقوفين «د» و«ب».
وشمل التفتيش زنازين المحكومين في قضية تفجيرات عام 2002 (ماكدونالدز وKFC وسبينس) والقضايا المتفرعة عنها. ومن هؤلاء اليمني معمر العوامي (ابن الشهيد) الذي نُقل من مبنى المحكومين إلى مبنى الموقوفين «د»، إلى حيث نقل علي المصري وبلال الكسن (محكوم في قضية متفجرة البلمند بداية التسعينيات).

تأجيل الزيارات ثم إعادتها

كما فُتشت زنازين موقوفي «فتح الإسلام» الذين كانوا قد وضعوا في طبقة خاصة من المبنى «ب». وتضم هذه الطبقة عدداً آخر من الموقوفين الإسلاميين، ووصل عديد نزلائها إلى ما يقارب 277.
وفي اليوم التالي للحملة، (الجمعة)، أوقفت زيارة أهالي موقوفي طرابلس المتهمين بالانتماء إلى تنظيم «القاعدة» (موقوفون منذ نيسان الفائت)، الذين تأثروا برؤية أبنائهم حليقي الرؤوس واللحى، فحصلت مشادات كلامية بين عدد من الأهالي والموقوفين من جهة، وعناصر الأمن من جهة أخرى. وقد أصدرت إدارة السجن إثر ذلك قراراً بتأجيل مواعيد زيارات أهالي الإسلاميين إلى ما بعد عيد الفطر، إلا أن تدخل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أدى إلى إعادة الامور إلى ما كانت عليه، وبالتالي معاودة الزيارات ابتداءً من غد الأربعاء.

تفتيشات سابقة

من ناحية أخرى، أكّدت مصادر مطلعة على أوضاع سجن رومية أن غرفة الموقوف حسن نبعة فُتِّشَت قبل شهر رمضان، فلم يعثر بداخلها إلا على شفرة صغيرة جداً تستخدم لقطع الورق. كما أن حملة التفتيش المفاجئة التي حصلت قبل نحو شهر لكل الزنازين أثبتت خلو زنازين المحكومين والموقوفين الإسلاميين من أي ممنوعات. وأكّدت المصادر أن سبب الحملة ليس الهواتف الخلوية، لأن من يقوم بتأجير الهاتف الخلوي داخل مبنى الموقوفين مقابل 200 دولار أميريكي لليلة معروف من الجميع داخل السجن، وهو موقوف بقضايا مخدرات.
من ناحية أخرى، استقبل الأمين العام لحركة «التوحيد الإسلامي» الشيخ بلال سعيد شعبان وفداً من أهالي موقوفي طرابلس بحضور بعض رجال القانون. وقال شعبان خلال لقائه بهم إنّ «ما جرى الحديث عنه، من عملية فرار كبيرة من سجن رومية، لا يعدو كونه فيلماً سيّئ الإخراج، هدفه التغطية، ربما، على انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والحريات الشخصية والدينية تمارس بحق الموقوفين».
وأكد شعبان «ضرورة إجراء تحقيق لمعرفة حقيقة ما جرى، ومن يتحمّل مسؤولية الاعتداءات البدنية والاعتقادية التي تعرّض لها الموقوفون».
ودعا شعبان القضاء اللبناني والأجهزة المختصة إلى «ضرورة السماح لأهاليهم بزيارتم للاطمئنان إليهم، وإلا فإنّ عملية المنع تؤكد ما تحدّث عنه الأهالي من اعتداءات تعرض لها أبناؤهم».