تحرك النائب سعد الحريري، في الأمم المتحدة أمس تحت عنوان مطالبة المجتمع الدولي باجراءات عملية للضغط على سوريا التي أضاف الى اتهامها بالاغتيالات بأنها تريد «تعطيل الحوار بين 8 و14 آذار»، متعهداً مواصلة الحوار مع الرئيس نبيه بري لاجراء الانتخابات الرئاسية بعد عودته. وإذ شدّد على وجوب «أن نتحاور مرة وعشراً وخمسين»، لمح الى أن انتخاب رئيس سيتم بواسطة الضغوط، بقوله «أنا أؤمن أنه من خلال الضغوط التي ستحصل من هنا، ومن بلاد أخرى، سنتمكن من انتخاب رئيس من دون مشكل».فبعد سلسلة إجتماعات (من نزار عبود) عقدها الحريري في الأمم المتحدة، أمس، شملت الأمين العام بان كي مون ونائبه ومساعديه وناظر القرار 1559 تيري رود لارسن وسفراء الدول الكبرى الخمس، قال إن النقاش مع بان تناول التحديات والإحتمالات في لبنان، وتطبيق القرار 1701 والتقدم الذي تحقق في موضوع مزارع شبعا «المهمة للبنان»، ووجوب بلوغ وقف شامل لإطلاق النار والعودة إلى إتفاقية الهدنة. ورأى أن عدم إنتخاب رئيس جديد سيؤدي إلى تعطيل القرار 1701، كاشفا أنه طلب من المندوبين الروسي والصيني استخدام نفوذ دولتيهما لتسهيل انتخابات حرة ومستقلة. كما طالب بتسريع إنشاء المحكمة الدولية، معتبرا التمويل «شأنا عاديا يتم حله». وكرر اتهامه لسوريا بالاغتيالات، وقال ان ادانات المجتمع الدولي «لم تكف، لذا طالبنا باتخاذ موقف أشد من جانب المنظمة الدولية».
لكن زلماي خليل زاد المندوب الأميركي كشف ردا على سؤال لـ «الأخبار» أن البحث مع الحريري يتمحور على تأمين التمويل للمحكمة بعد تأمين عشرة ملايين دولار من أصل 35 للسنة الأولى. والحصول على تعهدات مؤكدة للسنة الثانية لا تقل عن 40 مليونا.
وقال فيتالي تشوركين مندوب روسيا إنه ناقش مع الحريري أهمية إجراء الاستحقاق في موعده وفق الشروط الدستورية. وقال إن بلاده «ستبذل جهودها لتحقيق ذلك من خلال إتصالاتها بكل الأطراف». أما المتحدث باسم الأمين العام فرحان الحق فقال إن البحث تركز على العمل الوثيق بين اليونيفيل والجيش اللبناني، وعلى ضرورة إختيار «رئيس جمهورية بالتوافق يعبر عن مصالح لبنان».
وأكدت مصادر «الأخبار» أن رئيس كتلة «المستقبل» لم ينل من أعضاء مجلس الأمن سوى على إلتزامات بدعم لبنان «السيد المستقل». وأن معظم الأعضاء أبلغه أن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يؤمن أكثر مما تحقق من قرارات. وأن المحكمة ستحاسب من تثبت إدانته.
وكان الحريري قال في حفل استقبال للجالية اللبنانية ان المحكمة «التي تزعج البعض آتية قريباً»، معلنا أن زيارته هي لطلب «مساعدة حلفائنا لوقف الاغتيالات السياسية»، وانه أبلغ من التقاهم «أن النظام السوري يذبحنا ولا بد من اتخاذ تدابير ضده»، وحدّد لذلك «خطوات عملية تترجم بإجراءات»، قائلاً: «من أراد أن يبقى لبنان وأن تستمر فيه الحياة الديموقراطية، فعليه أن يتحرك الآن بالأسلوب الذي يراه مناسباً».
وعن خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، اعتبر ان ما قاله رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «كاف للرد»، لكنه أضاف: «سمعنا الكثير من التهويل من عواقب إقرار المحكمة. ونسمع بتهويل وبتسليح وتهديدات، وكأن ليس هناك طرف آخر في البلد. نقول لهم إن قوى 14 آذار موجودة ولن تسمح بأي عدم استقرار (...) لا يهمني ما يقال من تهويل وشتائم وكلام، ولا يجب أن نرد أو نسمع كل من يتكلم، وخصوصاً إذا كان يردد أسطوانة معينة».
وعن التسلح وسلاح «حزب الله» قال: «الحرب الأهلية لم تنته لأن الجيش نزع السلاح، بل انتهت باتفاق سياسي»، معتبراً أن «من يتسلح اليوم مفلس». وطالب بـ«بناء جيشنا من أجل حماية بلدنا»، مستطرداً: «عندما يعرف المواطن أن الدولة قادرة على حمايته وتدافع عن كل اللبنانيين من دون استثناء، فهو لن يلجأ إلى شراء السلاح».
وعن إمكانية مجيء رئيس من خارج 14 آذار، قال: «نحن توافقيون. لا أريد أن أدخل في لعبة الأسماء، وهناك بعض الصحف أصدرت عناوين بأنني أسوّق فلاناً أو غيره من الأشخاص، وهذه الصحف لا أعرف من أين تصدر. ولكنني أؤكد أن لا تسوية على حساب دماء الشهداء».
وقال إن الموقوفين بجريمة عين علق لا علاقة لهم بـ «فتح الإسلام»، موضحاً انهم «خمسة أشخاص من الاستخبارات السورية، وهم معروفون وموجودون في السجن وملفهم واضح وقد أحيل على الأمم المتحدة». وإذ أكد التمسك بقضية فلسطين وحق العودة ومساعدة الفلسطينيين في لبنان «على العيش بكرامة»، غمز من قناة سوريا بالقول: «إن أردت تسليم هذه القضية إلى الذين يرفعون شعارات القضايا العربية وما زال 1820 كلم2 من الجولان محتلاً، ويقولون لك في كل مناسبة إنهم محتفظون بحق الرد؟ فالعوض بسلامتك».
ونفى تمايز موقفه عن مواقف قيادات 14 آذار، معربا عن فخره بحلفائه «وقد وقفوا إلى جانبي في كل المراحل». وقال من «يحاول تصوير نفسه بأنه طاهر ولم يدخل في أي معركة داخلية، هذه كذبة لا يصدقها أحد». واتهم النظام السوري بأنه يدق أبواب أميركا ليبحث معها في تسوية لإلغاء المحكمة، كما رأى أن «تهديدات إيران وغيرها، هي هجوم على أميركا وحلفائها». وبعدما سأل «ماذا أعطت أميركا لحلفائها في لبنان؟ هل أعطتنا أكثر من الدفاع عنا عندما شنت إسرائيل حربها علينا؟»، قال: «غيرنا يحصل على دعم من إيران وسوريا، ومال طاهر وغير مال طاهر، واللبنانيون يقتلون».
وفي رد غير مباشر على نصر الله، قال: «اليوم عندما تقول إن الإسرائيليين هم القتلة، فلنترك المحكمة الدولية إذاً تحاسب إسرائيل. فممَّ تخافون؟»، معتبراً «الدفاع عن القتلة غير مشروع». وسأل: «هل نخطف خمسة جنود من أجل الأسرى ولا نرد على إسرائيل بسبب اغتيال رفيق الحريري؟».
(الأخبار، وطنية)