طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
أكّدت المداخلات التي ألقيت في ختام الحلقة الثالثة من ورشة العمل بخصوص إعادة إعمار مخيّم نهر البارد، على جملة اعتبارات أساسية تتعلق بمعالجة الخلل القائم في العلاقات اللبنانية ـــــ الفلسطينية، تحديداً بعد أحداث المخيّم الأخيرة، وعدم جواز تحميل أهله مسؤولية ما حدث فيه، خصوصاً أنّهم كانوا أبرز ضحاياه، ورفض الخطاب العنصري المنطلق بحقهم.
الورشة التي نظمتها «الحملة الأهلية لنصرة فلسطين والعراق»، بالتعاون مع «المركز الثقافي في طرابلس» و«جمعية الوفاق الثقافية» و«المركز الوطني للإحصاء والتوثيق والبحوث التنموية»، اختتمت أعمالها أمس، وهي أقيمت تحت عنوان «مخيّم نهر البارد: من النزوح إلى العودة وإعادة الإعمار».
بدأت الورشة بكلمة لرئيس المركز الوطني للإحصاء عبد الله خالد أشار فيها إلى أنّ «بعض الأيدي المشبوهة تعمل على تحويل الاحتقان الشعبي المؤقّت، الذي أفرزته أحداث مخيّم نهر البارد، إلى شرخ حقيقي يصيب العلاقة اللبنانية ـــــ الفلسطينية».
نقيب المحامين السابق في الشمال فادي غنطوس تحدّث عن «آفاق علاقة لبنانية ـــــ فلسطينية سليمة»، فأشار إلى أنّ «شيئاً ما قد حدث أصاب العلاقة بخلل يوجب تشخيص المرحلة لبدء المعالجة».
بدوره، النقيب الأسبق للمحامين في الشّمال خلدون نجا، ألمح إلى أنّ «فئات مذهبية قامت بالتحريض على أهلنا في المخيّم، منطلقة من تعليمات مبرمجة وفق مساعدات وهمية، للتصدّي لإخوة الدم والإنسانية»، معتبراً أنّ «على الدولة أن تستشرف مآسي ما بعد الحرب لنشعر بإنّنا انتصرنا على الإرهاب، وإلا فإنّنا سنخسر كلّ المعارك المتعلقة بالإخوة الفلسطينيين».
أمّا مسؤول العلاقات الإعلامية في «التيّار الوطني الحرّ» طوني نصر الله فأشار إلى أنّه ينتمي «إلى جيل رأى سوء العلاقة مع الفلسطينيين»، معتبراً أنّ «ما يزيد العلاقة بين اللبنانيين والجوار سوءاً، هو أنّ السّاحة الفلسطينية مُشرذمة، والسّاحة اللبنانية منقسمة أيضاً.
المداخلة الأخيرة كانت لرئيس مركز التنمية الإنسانية الدكتور سهيل النّاطور الذي تحدّث عن الحقوق المدنية للفلسطينيين، ففرّق بين «الحقّ الوطني والسّياسي، وبين الحقوق الإنسانية الاقتصادية والاجتماعية»، مؤكّداً أنّ «الفلسطيني في لبنان لا يملك إلا حقّ الإقامة فقط»، ومعتبراً أنّ «العودة إلى فلسطين بموجب القرار 194 هي حقّ وطني، أمّا العودة إلى مخيّم نهر البارد فتتضمن حقّ السكن وهو حقّ اجتماعي».
من جهة ثانية، أعلنت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) وعموم أهالي مخيم البارد أنهم تلقّوا تصريحات المطران سمعان عطا الله بدهشة واستغراب شديدين. وكان المطران عطا الله قد انتقد بشدة عودة بعض النازحين إلى مخيم نهر البارد أثناء قداس بمناسبة مرور أربعين يوماً على استشهاد النقيب صبحي العاقوري في بلدة دير الاحمر في البقاع بتاريخ 28/10/200. ودعا المطران عطا الله إلى تحويل مخيم نهر البارد إلى متحف أو معرض يزوره الناس ليأخذوا درساً في كيفية بناء السلام، داعياً أيضاً إلى جعل وسط المخيم حديقة عامة.
وأكدت مؤسسة (شاهد) أن عودة النازحين إلى منازلهم مكفولة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأنها تنظر إلى تصريحات المطران عطا الله على أنها منافية لمبادئ حقوق الإنسان وأنها دعوة تفوح منها رائحة العنصرية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وأكدت (شاهد) أن اللاجئين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد قد دفعوا ثمناً باهظاً أثناء المعارك وبعدها، كذلك فقدوا حقهم في الإقامة فدمرت منازلهم تدميراً كاملاً وخصوصاً في المخيم القديم ـــــ الحديقة العامة كما يتمنى المطران عطا الله ـــــ وعطلت مصالحهم وتجارتهم، ودُمّرت مدارسهم وعاشوا في مخيم البداوي في ظروف إنسانية بائسة يرفض المطران عطا الله أن يعيشها حتى لساعات. وعند عودتهم وجدوا أن بيوتهم إما سرقت أو حرقت أو دمرت، فقتلت الروح بداخلها وهم أحياء يتمنون لو قضوا جميعاً حتى لا يجدوا أنفسهم على هذه الحالة».