وفاء عواد
الرئيس الحريري صاحب إقتراح ضم المختبر المركزي إلى عين التينة لدواعٍ صحيّة وأمنية

... وفي اليوم السادس، وفيما كان رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي يترقّب ما يدور من تطوّرات حول مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، ومنها صدور «الموقف الواضح» من فريق «الأكثرية» من المبادرة التي أطلقها، أكان «رفضاً لها أو قبولاً بها»، أطلّ عضو «كتلة المستقبل» النائب عزّام دندشي من «بوّابة» المختبر المركزي، ليجدّد التحذير الذي كان قد أطلقه منذ تسعة أشهر من «احتلال» هذا المختبر وضمّه الى مقر إقامة «سكن» الرئيس برّي.
وإذ فضّلت مصادر قريبة من الرئيس برّي عدم الردّ على «المغالطات الكثيرة» التي تضمّنها بيان دندشي، مصنّفةً كلامه في خانة «رمي الأسافين»، و«الدسّ، والحرتقة» في الوقت الضائع، علمت «الأخبار» أن الحيثيات القديمة لقصّة إزالة المختبر المركزي وضمّه الى مقرّ الرئاسة الثانية بدأت مع اقتراح عرضه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أيام ترؤّسه الحكومة، على الرئيس برّي، لعدم صلاحية وجود هذا المختبر في منطقة تبدّلت صورتها الديموغرافية وأصبحت مأهولة بالسكان من جهة، وللخصوصية الأمنية المرتبطة بوجوده الملاصق لمقرّ الرئاسة الثانية من جهة أخرى.
وفي عودة سريعة الى ما كان عليه مشهد المختبر، وتحديداً قبل الأشهر التسعة الفائتة، قبل اتخاذ قرار الضمّ، فإنه كان عبارة عن «مستودع للنفايات العضويّة»، حسب تعبير الشهيد الحريري نفسه، وكانت «العجقة» مقتصرة على توافد الخادمات الأجنبيات إليه مع أرباب أعمالهم الساعين الى توفير المال، من أجل إجراء الفحوص المخبرية، ما عوّض الغياب «المزمن» واللافت لأكثرية موظّفيه الـ40 الذين «لم يُطردوا»، بل انتقل معظمهم الى مستشفى بيروت الحكومي أو مركز وزارة الصحة في الكرنتينا اللذين زُوّدا بالمعدات المخبرية المتطوّرة واللازمة، حسب تأكيد مصادر وزارة الصحة.
واستناداً الى كون مقرّ الرئاسة الثانية مؤسّسة حكومية تابعة للسلطة اللبنانية لا ملكية خاصة للرئيس برّي، فقد ارتأت رئاسة المجلس «السير في مشروع الضمّ، لإحالة مبنى المختبر الى قاعات اجتماعات ومكاتب إدارية»، لا من أجل «إنشاء مقر إدارات رديفة عن دوائر المجلس النيابي، أو تحويل إقامة سكن إلى مجمع إدارات»، بما يعدّ «تعطيلاً إضافياً للمجلس»، كما ورد في بيان دندشي. وبعدما تقدّم وزير الصحة محمد خليفة بطلب من مجلس الوزراء، تمّت المناقصة التي استوفت الشروط المطلوبة، منذ أكثر من شهرين، وأعلن عنها في الصحف.
وفي مقابل ما تضمّنه بيان دندشي من إشارة الى أن تلزيم الهدم والبناء جرى بـ«ملايين الدولارات»، أفادت المعلومات أن المبلغ لن يتجاوز ثلاثة ملايين دولار، وبعلم وزارة المال. وذلك، بعدما رست المناقصة التي جرت بين ثماني شركات على شركة «عقاريا» لصاحبها عماد الخطيب، المقرّب من «تيار المستقبل»، لكونها قدّمت أرخص الأسعار.
والى جانب كون شركة «عقاريا» من الشركات «النخبويّة»، حسب تصنيف وزارة الأشغال ومجلس الإنماء والإعمار، فإن شركة «سبيكتروم»، المعتمدة من جانب الحكومة ومجلس الإنماء والإعمار، هي التي تولّت مهمة الاستشارات.
وبالعودة الى بيان النائب دندشي، الذي اختتم بعبارة: «لقد استباحوا تحت الأرض بإقامة شبكة اتصالات، واستباحوا فوق الأرض باحتلال مؤسّسات الدولة وهدمها من دون مسوّغ قانوني.. إنها حارة كل مين إيدو إلو، وليست دولة غطّيني يا صفية»، لم يعثر أحد المصادر على ردّ أكثر ملاءمة من تقديم اقتراح لدندشي يقضي بـ«البحث عن صفية، لسؤالها عن باقي التفاصيل»..!
الى ذلك، أصدر المكتب الإعلامي في وزارة الصحة بياناً، رداً على البيان «القيّم» الذي أصدره دندشي، أشار فيه الى أن افتتاح المؤسّسات ونقلها واستبدالها تتمّ وفق «مقتضيات المصلحة العامة، ووقف الهدر، والحرص على المال العام»، موضحاً أن الوزراة قامت في عهد حكومة الرئيس عمر كرامي، وبالتعاون مع المشروع الإيطالي والجامعة الأميركية وجامعات أخرى، بـ «دراسة جدوى وإعادة هيكلة المختبر المركزي، بما يحسّن الإنتاجية ويوفّر المال العام»، وأن فحوص الدم التي كانت حصراً بهذا المختبر «أصبحت في متناول جميع مختبرات المستشفيات الحكومية، في الأقضية والمحافظات».
وفي الشق السياسي، لفت البيان الى أن الاستعجال في نقل المختبر الذي يتمّ فيه «تخزين موادّ كيميائية وجرثومية»، في مبنى متداخل مع مكاتب وإقامة الرئيس نبيه برّي وفي منطقة مكتظّة بالسكان، هو «أضعف الإيمان، في هذه الظروف»، في ظلّ «إشادة القلاع والحصون والحواجز الشائكة ونقاط التفتيش عن مراكز إقامة السياسيين الجدد».
وإذ أكّد البيان أن التلزيم وطلب النقل قد تمّا في الدوائر المعنية «حسب الأصول»، فإنه ختم بالقول: «ما أحوج البلد الى الأشخاص الحكماء والمتعقّلين، للخلاص من هذه الأزمة. ويبقى الحلّ، فعلاً، في قانون الانتخابات».