عكار ــ خالد سليمان
ازدهر تهريب المازوت من سوريا إلى لبنان بشكل كبير في حرب تموز الماضية، بسبب زيادة الاستهلاك في الأسواق اللبنانية الناتج من انقطاع التيار الكهربائي من جهة، وبسبب الحصار البحري الذي فرضته القوات الإسرائيلية على الشواطئ اللبنانية. واستمر التهريب على حاله بعد انتهاء الحرب نظراً إلى انخفاض أسعار المازوت السوري مقارنة بالأسعار التي تضعها وزارة الطاقة للمشتقات النفطية.
وتنشط على طول الحدود اللبنانية السورية الشمالية من منطقة العبودية إلى وادي خالد عمليات التهريب بكميات كبيرة، رغم انتشار القوى الأمنية من جيش وجمارك وقوى أمن داخلي.

رشى للجمارك؟

قدر أحد المهربين الذين تحدّثوا لـ«الأخبار» كمية المازوت المهربة خلال حرب تموز، بنحو 200 برميل يومياً، وتراجعت هذه الكمية بسبب تشديد مراقبة الحدود بعد انتشار الجيش.
وقال مهرّب آخر لـ«الأخبار» إن «عناصر من الجمارك اللبنانية تتقاضى رشى مرتفعة مقابل تسهيل مرور المازوت المهرب، وتتغاضى عن المهربين الكبار وتلاحق الصغار».
وأضاف أن هؤلاء «العناصر يتقاضون نحو عشرين دولاراً عن حمولة البيك أب الصغير ونحو 100 دولار عن الشاحنة الكبرى».
يذكر أن عناصر الجمارك اللبنانية ينتشرون على مفارق الطرق في بلدات شدرا، مشتى حمود، وادي خالد، إضافة إلى مركز الجمارك في البقيعة.
أحد المهرّبين في وادي خالد قال لـ«الأخبار» إن «أحد عناصر الجمارك تقاضى مبلغ 15 ألف دولار لقاء تسهيل مرور المازوت من «المهربين الكبار»، فيما يطارد ويلاحق أصحاب السيارات الصغيرة غير القادرين على دفع الرشوة».وللتعليق على ادّعاءات المهربين، اتصلت «الأخبار» بمكتب المدير العام للجمارك، لكنها لم تلقَ جواباً.

عملية التهريب: تمويه بروث الحيوانات؟

يتّبع المهرّبون، كما رووا لـ«الأخبار» طرقاً وأساليب مختلفة، «يصعب على القوى الأمنية كشفها، كالخزانات السرية التي توضع في مخابئ داخل الشاحنات والآليات، إضافة إلى تكبير حجم «الريزرفوارات» للسيارات الصغيرة لتتسع لأكبر كمية ممكنة من المازوت».
ويعمد المهرّبون إلى تمويه حمولتهم بوضع البحص والتبن وروث الحيوانات والخضار فوق الخزانات السرية.
ويُنقل المازوت المهرب من سوريا إلى لبنان عبر البغال والحمير ودراجات نارية تسلك طرقاً وعرة إلى محال تسمى «مصالح المازوت» وهي عبارة عن شركات غير مرخصة يديرها أشخاص يتقاسمون أرباح المبيعات.
وهناك طرق أخرى لنقل المازوت المهرب، هي عبارة عن مضخات وصهاريج توضع على جانبي الحدود، وتستخدم المضخات لنقل المازوت عبر الحدود.
ويسلك مهربو المازوت في وادي خالد طريقين رئيسين: طريق حلبا ـــــ طرابلس باتجاه بيروت، أما الكميات الكبرى فتنقل عبر شاحنات ضخمة تسلك طريق وادي خالد ـــــ أكروم وصولاً إلى البقاع.
يقول أحد العاملين في المازوت المهرّب إن هذه السلعة تباع لمحطات الوقود والأفران وأصحاب مولدات الكهرباء وغيرها من المصانع في بيروت. ويتراوح سعر تنكة المازوت المهرب من 13 إلى 15 ألف ليرة، أي أقل بـ5000 آلاف عن أسعار وزارة الطاقة. وفي الجرود يبلغ سعر برميل المازوت نحو 80 دولاراً أميركياً، فيما يبلغ سعره داخل الأراضي السورية نحو 40 دولاراً.

خطف متبادل خلفيته المازوت المهرّب

ومن الهرمل، أفاد مندوب «الأخبار» رامي بليبل أن الوساطات التي نشطت القوى السياسية والأمنية بالتعاون مع الفعاليات والعشائر الهرملية في القيام بها بين عائلات جعفر وناصر الدين وعواد، نجحت في «لملمة» الإشكال الذي حصل بين أفراد من العائلات الثلاث، واستمر طوال يومين في أطراف مدينة الهرمل، نتيجة مرور شاحنات تهريب المازوت في أراضي تعود لآل عواد ولآل ناصر الدين. وقد تخلّل الإشكال بين العائلات المذكورة عمليات خطف متبادل، جرى إطلاق سراح من كانوا ضحيتها. وقد كشف مصدر مطلع من حزب الله أنه سيُعقد في الرابعة من بعد ظهر اليوم اجتماع المصالحة الأخير بين الأفرقاء المختلفين في مقر الحزب بالهرمل.