البقاع ــ رامح حمية
بعد ساعات على مباشرة القوى الأمنية حملتها المضادة على زراعة الحشيشة في بعلبك ــ الهرمل، استطاع بعض المزارعين توقيف الحملة بقوة السلاح. أيام عدة وينتهي موسم القطاف، فماذا في جعبة القوى الأمنية للأيام الآتية؟


هل يُسدل الستار على إتلاف نبتة حشيشة الكيف في بعلبك ـــــ الهرمل هذا العام؟ أم ستواصل القوى الأمنية عمليات الإتلاف رغم التأخير الحاصل؟ سؤال لا يزال يشغل بال المزارعين من أهالي المنطقة من جهة، وأفراد القوى الأمنية المشاركة في عملية الإتلاف من جهة أخرى. فبعدما تأخرت العملية لأكثر من شهر عن موعدها السابق في 8 آب الماضي، شرعت الأجهزة الأمنية في العاشر من أيلول الجاري بعلمية إتلاف خجولة. إذ أقدمت على تلف أقل من ثلاثين دونماً، تقاسمتها مناصفة بلدتا دير الأحمر وبوداي. لكن سرعان ما توقفت الحملة بعد انسحاب «قوة الإتلاف»، إثر تعرضها لإطلاق نار في بلدة بوداي، من دون أن تُقدم في اليومين الماضيين على التحرك من جديد.
وجالت «الأخبار» على بعض القرى التي تُزرع الحشيشة في أراضيها، فتبين من خلال المزارعين أن عملية القطاف قد بدأت منذ أوائل شهر أيلول، وأن ما بقي حتى الآن هو ما يطلق عليه اسم «اللقيسة»، أي النبتة المتأخرة.
فـ«أم علي» شرحت لـ«الأخبار»، بحسب خبرتها الطويلة، أن فترة قطاف الحشيشة تبدأ بين عيدي الصليب، «لكن عوامل الطقس هذه السنة ساعدت في قطافها في أواخر آب. إذ إنها أينعت، فقطفناها قبل بدء عملية التلف من قبل الأجهزة الأمنية في اليومين الماضيين».
وعن تفاصيل معالجة نبتة الحشيشة، أوضحت أم علي أنها «تُقطف وتُنشر تحت أشعة الشمس على «خيش» أو على أسطح المنازل حتى تبلغ مرحلة اليباس، ومن ثم توضع في غرف جافة حتى شهر كانون الثاني، لتبدأ بعدها عملية الدق بعصي، بغية فرز العروق (ساق النبتة) من الورق». تتابع أم علي: «نبدأ بفرك أوراق الحشيشة على ما يسمى زهرة جديدة». وتبعاً لشرحها المستفيض والمصطلحات المتعلقة بهذا العمل، تقول أم علي إن الدونم الواحد يعطي ما بين عشرة إلى عشرين «هقة»، والهقة عبارة عن أكثر من كليو غرام. كما أشارت إلى أن انتاجية نبتة الحشيشة تتضاعف فيما لو تأمّنت لها مياه الري. أما عن سوق التصريف، «فلا تسأل، فالتاجر بيوصل لعندك وبيفتش عليك».
بدوره، رأى المزراع أبو خالد أن «زراعة الحشيشة أمرٌ لا بد منه، وخاصة بعدما تخلت الدولة عن مواطنيها في هذه المنطقة». وأعرب عن رضاه على «إنتاجية العام الحالي»، وخاصة أنه استطاع قطف قطعة أرضه المزروعة، في حين أن القطعة الأخرى التي استأجرها لا تزال بحاجة إلى «بعض الوقت». أما محمد، فأشار إلى أنه بدأ بقطاف الـ20 دونماً التي زرعها بنبتة الحشيشة، منذ أسبوع، وما زال بحاجة إلى «عدة أيّام»، آملاً «أن تغض الدولة الطرف عن حشيشة هذه السنة، لتبحث في البدائل للعام المقبل».
من جهته، رأى رئيس بلدية إحدى القرى في غربي بعلبك أن الدولة تأخرت في خطوات التلف، ذلك أن الناس قد شرعوا بقطاف الحشيشة منذ أسبوع، وأن القوى الأمنية ستحتاج إلى شهر على أقل تقدير لتتمكن من إتلاف هذه المزروعات الممنوعة. وأضاف أنه «من خلال مراقبة عملية التلف، نلاحظ عدم القيام بالتلف الجاد. ومثلما يقول المثل: «إجر بالبور وإجر بالفلاحة».
أما في سياق عمليات التلف التي تجريها القوى الأمنية، وبحسب مصدر أمني متابع، فقد «اعترضت عملية التلف مشاكل جديدة متعلقة بأصحاب الجرافات الذين جرى الاستعانة بهم في اليوم الأول، إذ رفضوا المشاركة بعد تعرّض القوة الأمنية لإطلاق نار».
وأشار المصدر إلى «معلومات مفادها أن وزارة الأشغال العامة سوف تعمد إلى إرسال جرافات خاصة بها للمشاركة في عملية تلف الحشيشة البقاعية». في حين أوضح مصدر أمني آخر أن عملية التلف دخلت خط الاتصالات بين قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني بقصد مؤازرة الجيش لتلك العمليات. ورجح المصدر أن تكون مشاركة الجيش بانتظار القرار السياسي الداعم لهذه الخطوة.
وأمس، أعلن وزير الإعلام غازي العريضي خلال تلاوته مقررات جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس، أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أثار خلال الجلسة «موضوع التخلّص من الزراعات الممنوعة والبحث في زراعات بديلة، مؤكداً أن الأمر سيدرس ويعالج بحكمة وحزم من دون حصول إشكالات». يُذكر أن عدداً كبيراً من مزارعي الحشيشة الذين التقتهم «الأخبار» خلال العام الحالي، أكّدوا استعدادهم للتخلي عن الزراعات الممنوعة إذا وفّرت الدولة لهم البديل.