strong>غسان سعود
شيّع لبنان أمس النائب أنطوان غانم ورفيقيه في مأتم حضره قادة 14 آذار وتخلّلته هتافات مجّدت الشهادة، فيما كان لافتاً غياب جماهير «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»

حضور قادة 14 آذار وغياب جماهيرهم والاشتراكيون ردّدوا غيباً أناشيد الكتائب

للوهلة الأولى، بدت الصورة في عين الرمانة وفرن الشباك، أمس، بيضاء وسوداء، كأن عمرها تخطّى الثلاثين عاماً. أقفلت المحالّ، غاب الناس داخل منازلهم، واستسلمت المنطقة بأكملها لحزن ممزوج بأسئلة تقلق الناس ولا يجدون لها أجوبة. وبدا منذ الصباح الباكر خوف الناس من أن يتحوّل استشهاد نائبهم المحب إلى شرارة أخرى أشبه بتلك التي اندلعت يوم سقط جوزف أبو عاصي أول القتلى الكتائبيين عام 1975. وهكذا، خفّت الحركة في أحياء المتن الجنوبي، وبدت الرايات السوداء وحيدة وسط الشوارع ترحّب بالموت. رايات ولافتات وصور نائب اعتاد الربط بين مختلف الأفرقاء، كما اعتاد التدخل عند أهالي فرن الشباك والجوار لحل المشاكل. وتمدّد الوجوم في الصورة الجامدة وسط تحرك الكبار في السن من أهل عين الرمانة وفرن الشباك الذين «يعلمون ما يمكن أن يحصل جراء الاستفزازات الصغيرة لجيرانهم في الجهة الأخرى من الشياح»، فمنعوا المواكب القواتية والكتائبية السّيارة من التوجه الى الأحياء المختلطة. وتركوا الكلام الغاضب للأجراس التي قرعت منذ الساعة التاسعة صباحاً حزناً على شهيد بعبدا.
قبالة المستشفى اللبناني ـــــ الكندي على بعد أمتار قليلة من ساحة الاغتيال، بدا من الجمع أن ثمة من سيحجم عن المشاركة الشعبية الحاشدة، حيث غابت جموع تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية الذين غطوا ساحة الشهداء في وداع رفيق أنطوان غانم الشهيد بيار الجميل الذي حضر بقوة استثنائية أمس.
وكانت الساعة التاسعة والنصف أشبه بلحظة الصفر، فنكّست الأعلام، وأطلت نعوش غانم ومرافقيه نهاد غريب وطوني ضو على وقع الصرخات الكتائبية والوعيد للقتلى بانتقام مدوّ وسط انهيار الأقرباء والأصدقاء، الذين حملوا معهم ثياباً أو أشياء صغيرة تخصّ الشهداء. وبعد دقائق من معانقة أهل الشهداء بعضهم لبعض، واتّكاء أحزانهم فوق ذكريات كانوا يروونها بحرقة مبهمة لا يُفهم منها شيء، مشى جمع قليل خلف السيارات التي وصلت بين المتن الشمالي المثقل بأحد عشر تفجيراً، والمتن الجنوبي الذي هبَّ لتوديع النائب غانم بعدما ودع قبل أقل من سنتين زميله النائب الراحل إدمون نعيم.
وعلى طول الطريق، رفعت لافتات تندّد باستمرار الجريمة، وتؤكد أن «القاتل نفسه من أبو عاصي إلى أنطوان غانم»، وتطالب «الرفيق» أن يسلّم على الشيخ بيار. وبين شارع وآخر رُفعت لافتات تحمل عبارات الشهيد أبرزها واحدة تقول «طالما لنا الأرض ولنا السماء، لن نبخل بالشهداء». وسار في مقدمة الموكب شبان وصبايا كتائبيون يرتدون ثياباً موحّدة، بعضها من العتاد العسكري الذي كان يرتديه مقاتلو الكتائب خلال الحرب الأهلية. علماً أنها المرة الأولى منذ سنوات التي يسجل فيها ظهور كهذا للكتائبيين، الذين كانوا قد نظّموا مسيرة شبيهة بهذه قبل أيام قليلة في ذكرى اغتيال بشير الجميل تحت مظلة «مجلس الطلاب» الذي يرأسه سامي الجميل.
وبدا على طول الطريق بين المستشفى وبيت الكتائب في فرن الشباك أن الجرح الكتائبي كبير، والضربة الأخيرة أكثر من موجعة وخصوصاً «بعد اغتيال بيار الجميل وخسارة الرئيس أمين الجميل معركة المتن الفرعية».
المحطة الأولى للموكب كانت قبالة منزل غانم في أول فرن الشباك، حيث تدافع الجيران لإلقاء نظرة أخيرة على نعش نائبهم الخلوق الذي «كثيراً ما شاركهم أفراحهم وأحزانهم، وتبنّى مطالبهم»، قبل أن يكمل الجمع سيره باتجاه بيت الكتائب، حيث أكّد أحد المسنين المجتمعين هناك أن ما يحصل اليوم هو استكمال لما بدأ عشية مقتل أبو عاصي، واندلاع الحرب الأهلية، «وخصوصاً أن السوريين صُدموا حين اكتشفوا أن الكتائب عادت بعد خروجهم من لبنان أقوى مما كانت عليه قبل دخولهم». وأشار مسنّ آخر إلى أن «القاتل أراد أن يصيب عصفورين بحجر واحد، فينقص عدد نواب الأكثرية من جهة، ويوجّه سهماً آخر إلى قلب الكتائب عساه يقضي على هذا الحزب العريق». وكان لافتاً أن «أبو عاصي» كان حاضراً بقوة أمس، كما كان شبه إجماع عند الأهالي الذين شاركوا في الجنازة على أن ما يحصل يذكّرهم كثيراً بالأحداث في مطلع الحرب اللبنانيّة.
وقرابة الحادية عشرة، وصلت جثامين الشهداء الى قسم فرن الشباك الكتائبي، حيث أدّت ثلّة كتائبية التحية لغانم، كما أقامت فرقة كتائبية «مارش» عسكرياً تحت أنظار عدد من أعضاء المكتب السياسي الكتائبي، ومسؤولين في القوات اللبنانية وممثلين عن قوى 14 آذار وبعض رؤساء البلديات في المنطقة، وسط نثر كثيف للورود والأرزّ، وتصارع أصوات بين زغاريد النساء ونحيبهن وأناشيد الكتائب. ورغم غياب الحشود القواتية، فقد حضر عدد من أصدقاء القواتي طوني ضو، مرافق غانم الذي استشهد أيضاً في الانفجار، وهتف هؤلاء باسم زميلهم وقائد القوات اللبنانية مردّدين أن «القوات وحدها حزب الله»، ومؤكدين أنهم لا يريدون سلاحاً «غير سلاح الشرعيّة».
وتشاركت الزنود الكتائبية والاشتراكية في رفع نعش غانم من بيت الكتائب إلى كنيسة القلب الأقدس في شارع سامي الصلح ـــــ بدارو. وشقت النعوش طريقها وسط الإقفال العام في سوق فرن الشباك ومحيطه، علماً أن بلدية فرن الشباك وزعت بياناً رأت فيه أن «الكلام عن شهيد لبنان النائب أنطوان غانم لا يختصر بكلمات قليلة، لأن حياته كانت مليئة بالعطاءات والتضحيات التي لا حد لها وخصوصاً أنه «كان ممثلاً صادقاً وجريئاً في الدفاع عن حقوق الناس ومصير الوطن». و«ممثلاً مشرّفاً في تعاطيه حيث كان الأب والأخ والصديق»، إضافةً إلى كونه «الإنسان المتواضع والمحب لكل الناس». وبدورهم وزّع الكتائبيون بياناً سألوا فيه عن «الثمن الذي يتعين على المسيحيّين عموماً، والكتائبيين خصوصاً دفعه لتحقيق الرسالة، بعدما قدموا آلاف الشهداء ومئات المعوّقين وعشرات المخطوفين والمعتقلين»، مؤكدين أنهم «إذا عجزوا يوماً عن الكلام، فستنطق باسمهم الصخور والجبال والأودية، لتردّ لهم قليلاً من الجميل»، واستغرب بعض المشاركين تلكّؤ الرفاق في الحضور خوفاً أو إحباطاً، مؤكّدين أن الإحجام الكتائبي عن المشاركة يعني انتصاراً للقاتل. فيما هتف البعض مبايعين الرئيس الأعلى لحزب الكتائب رئاسة الجمهورية قائلين «ما بدنا إلا الأمين رئيس جمهورية». أمّا الاشتراكيون الذين رددوا أناشيد القوات والكتائب غيباً، فقد أكد بعضهم أن مشاركتهم تأتي وفاءً لشهيد «انتفاضة الاستقلال» على مواقفه الشجاعة، واحتراماً لذكرى نائب في اللقاء الديموقراطي، والتزاماً بدعوة رئيس الحزب التقدمي النائب وليد جنبلاطوعلى هامش المسيرة الجنائزية، كان البعض يحاول تحليل الجريمة في الواقع المسيحي، مؤكداً أن استهداف الكتائب مرة أخرى هدفه الأساسي منع قيام حزب المئة ألف محازب، القادر وحده على خلط التوازنات في الساحة المسيحية. فيما كان نائب رئيس الحزب التقدمي دريد ياغي يوضح لبعض المتحلّقين حوله قبالة الكنيسة أن هدف الجريمة كان إثارة العصبية الكتائبية في فرن الشباك وعين الرمانة خصوصاً، مؤكداً في الوقت نفسه أن الخوف وحده يمنع سياسيين كثراً من الجهر بعدائهم للنظام السوري.
ومع دخول النعوش إلى الكنيسة وسط هتاف عناصر الكشافة من أصدقاء ضو، وزملائه في المعهد المهني، وإغماء عدد كبير من السيدات، بدا المشهد أكثر وضوحاً حيث غابت الجموع، وبدا أن الحشد يقتصر على المقرّبين من الشهداء الثلاثة والحزبيين الملتزمين. وهكذا ازداد الوقار حول الكنيسة، وخفت صوت الشعارات، وشُغل الناس بمراعاة بعضهم لبعض، وعمد كتائبيون من لجنة التنظيم إلى إسكات بعض الشبان الذين كانوا يصرخون قائلين «سيعود الغضب الكتائبي ليرعب المجرمين ويقلب المعادلات».
وعلى بعد أمتار من الكنيسة التي ارتفعت فيها أعلام التقدمي، وغصت قاعتها بالسياسيين الذين تقدمهم رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، ورئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط، ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والرئيس أمين الجميل، فيما كان بعض الكتائبيين يوزّعون بياناً مذيلاً بختم مقاطعة كندا الكتائبية، يقولون فيه إن «نصاب الكتائب قد اكتمل في السماء، من أبو الحن الى جوزف ابو عاصي وبشير وأغلى الغوالي بيار. وأخيراً، أشرف الشرفاء وأوفى الأوفياء الرفيق الشهيد النائب أنطوان غانم».
وفي بكفيا شيّع شارل سمير شيخاني الذي استشهد في انفجار حرش تابت، وذلك في حضور الرئيس الجميل، مدير التعليم الخاص عماد الأشقر ممثلاً وزير التربية خالد قباني. ترأّس الصلاة الجنائزية متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الكاثوليك المطران يوسف كلاس، الذي ألقى كلمة تحدث فيها عن مزايا الراحل، ورأى أن انتخاب رئيس الجمهورية «هو أول خطوة للخروج من هذه الأزمة الموجعة على أمل أن تتابع المعالجات بترتيبها المنطقي».



والجميل يطالب أيضاً بحماية عربية ودولية للاستحقاقوقال في كلمة خلال الصلاة على جثامين النائب أنطوان غانم، ومرافقيه في كنيسة القلب الأقدس في بدارو: «لقد شبعنا اجتهادات دستورية، لا هدف منها سوى تعطيل الانتخابات الرئاسية وإنهاء دور المسيحيين على رأس الدولة اللبنانية، ودفع البلاد نحو الفراغ، وأكثر ما أخشاه هو أن يؤدي الفراغ بلبنان الى التقسيم. هل هذا ما يريده المقاطعون ولا سيما المسيحيين منهم؟ ألا يشعر كل نائب يقاطع هذا الاستحقاق بأنه يغتال في شكل أو في آخر أنطوان غانم وسائر الشهداء مرة أخرى؟».
ورأى أن «معنى نداء بكركي الأخير، ألّا يشعر كل نائب مسيحي يقاطع هذا الاستحقاق، بأنه يعصي نداء البطريرك والأساقفة، ويخون أمانة الناخب المسيحي الذي منحه الثقة لتعزيز دور المسيحيين»، مضيفاً «لا يستطيع أحد أن يطالب بالمشاركة ويمارس سياسة المقاطعة. لا يستطيع أحد أن يتحدث عن المساواة ويطبق سياسة الاستفراد بالقرار».
ورأى أن الوفاق يبدأ، بانتخاب رئيس، لا إمرار رئيس لا يجد القرار الوطني الحر ورسالة الشهداء. وبالتزام مشروع الدولة بدون شرط، إذ إن وضع شروط الانخراط في بناء الدولة هو خرق فاضح لمبدأ الاعتراف بنهائية الوطن اللبناني». وقال إن «انتخاب رئيس للجمهورية، استحقاق غير قابل للنقاش لأنه من ثوابت النظام لا من المتغيرات السياسية».
وناشد كل المسؤولين والقادة «أن يوقفوا رياضة الاجتهادات الدستورية والفذلكات ولعبة المصالح الخاصة والطموحات الشخصية المستحلة»، وأن يرتفعوا «الى مستوى الأخطار المصيرية».
وإذ رأى أن استشهاد غانم «أمانة في عنق كل نائب، فلا يقاطع أحد انتخاب رئيس جديد لئلا يتحمل المسؤولية أمام الشعب والوطن والتاريخ»، قال إن اغتياله «يعزز موقفنا، لكنه لن يدفعنا الى التطرف، إن استهدافنا يثبت مواقعنا، لكنه لن يدفعنا الى الانغلاق. نحن منفتحون بواقعية على مساعي الخير، وعلى المبادرات، وعلى الحلول الوفاقية في إطار السيادة والاستقلال، ومن دون تفريط بموعد الاستحقاق الرئاسي وحتمية حصوله». وأضاف: «لقد حان الوقت لنزيل من أنفسنا الخوف بعضنا من بعض، فلا نعيش في هاجس انتظار الأسوأ. إن الخوف من العدو الخارجي يقوّي وحدة الشعب، أما خوف الشعب من بعضه من بعض فيقوّض الوطن».
وختم داعياً إلى أن «نترك الهواجس والتحديات والشروط جانباً، ونمشي يداً بيد نحو استحقاق الرئاسة، نحو الجمهورية الجديدة، نحو الغد الأفضل».
وأمل أمين سر البطريركية المارونية المونسنيور يوسف طوق، في الرقيم البطريركي، أن يكون غياب غانم «فدية لمن بقي بيننا يكافح في سبيل غد أفضل على أرض لبنان»، مشيراً الى تاريخه الأكاديمي كمحامٍ ومحاضر، وكعنصر ثم مسؤول في حزب الكتائب، وكنائب وعضو في اللقاء الديموقراطي وعضو مؤسّس في لقاء قرنة شهوان، وعدد من اللجان النيابية.
وبعده ألقت ابنة الراحل منية غانم، كلمة العائلة، فتوجّهت بدايةً الى القاتل «بسلاح قاطع» هو الصلاة. وأعربت عن الفخر والاعتزاز بالشهيد «الذي كرّس حياته لخدمة لبنان حتى الاستشهاد». وقالت إن «أنطوان غانم، أرزة قطعوها من غابة الأرز، لكن الأرزة شامخة وطاهرة، والأرزة صلبة ولو مسلوبة، والأرزة أصيلة متجذّرة مهما أمعنوا في القطع». وأضافت: «يا أنطوان غانم، الدين معاملة، تهافت الى عرسك أحباؤك، مسلمين ومسيحيين. يا أنطوان غانم، الحياة وقفة عز، ونحن اليوم بك نعتز، وبتعاليمك مؤمنون الى أبد الآبدين آمين».



مزيد من التنديد... واستنكار لـ«التهم الجاهزة» و«تدويل» الرئاسة فقد وصف عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب علي خريس، في احتفالين تأبينيين في الجنوب، جريمة الاغتيال بـ«الهادفة إلى ضرب الاستقرار، وضرب مبادرة الرئيس نبيه بري»، مؤكّداً أن الرئيس برّي «مستمرّ في مبادرته»، وأن لقاءه بالبطريرك مار نصر الله صفير «لا يزال قائماً»، آملاً «أن يتصاعد الدخان الأبيض من بكركي».
ورأى عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب نوار الساحلي، في كلمة ألقاها خلال حفل إفطار أقامته «هيئة دعم المقاومة الإسلامية» في الهرمل، أن الجريمة تهدف إلى «ضرب الوفاق في لبنان»، متوجّهاً إلى مطلقي التهم الجاهزة بالقول: «لا تستغلّوا دماء الشهداء لتصلوا إلى مآربكم. وإذا أردتم الحل، فهو في مبادرة الرئيس نبيه بري».
وأشار النائب قاسم هاشم، في تصريح أدلى به أمس، إلى أن الوفاء لدماء وقيمة الشهادة يستدعي «توسيع مساحة التلاقي والتوافق، لوضع الأسس السليمة من أجل إخراج لبنان من الأزمة السياسية الراهنة»، وذلك «بدل الاستقواء بمجتمع دولي يستغلّ قضايانا وآلامنا لتنفيذ سياسته ومشاريعه».
ومن بكركي، رأى الوزير السابق يوسف سلامة أن اغتيال غانم «يندرج في إطار تعميم ثقافة الفوضى في لبنان، ويؤكّد تحوّل هذا البلد إلى ساحة مفتوحة لمعظم الاستخبارات الدولية والإقليمية، وإلى مختبر حيّ لإنضاج المشروع الجديد للشرق الأوسط الجديد»، لافتاً إلى أن الخروج من المأزق الوطني الكبير الذي يعيشه لبنان يستوجب «وفاقاً حقيقياً وعميقاً يكون أكبر من أي عرف أو دستور أو قانون».
وفي تصريح أدلى به أمس، وضع رئيس «جبهة العمل الإسلامي»، الداعية فتحي يكن، جريمة الاغتيال في خانة «تدويل الملف الرئاسي. وبالتالي، تدويل لبنان وفرض الوصاية عليه»، مهيباً بقوى الموالاة والمعارضة «تفويت الفرصة على المتآمرين والمجرمين، والإصرار على إجراء الانتخابات في وقتها، وفي المجلس النيابي تحديداً».
من جهته، شدّد رئيس حزب «الحوار الوطني»، فؤاد مخزومي، خلال حفل إفطار أقامه الحزب على شرف محازبيه، على ضرورة «النأي بلبنان عن التدويل»، وحذّر قوى السلطة من محاولات «استثمار دماء الشهداء في سوق المزايدات الإقليمية والدولية»، داعياً لـ«المسارعة إلى التوافق على مبادرة الرئيس بري».
وندّد «حزب الوطنيين الأحرار» بالجريمة التي «تحمل بصمات مرتكبي اغتيال شهداء انتفاضة الاستقلال»، مطالباً الشرعيتين العربية والأممية بـ«اتخاذ الإجراءات العملية لضمان إمرار الاستحقاق الرئاسي».
بدوره، استنكر رئيس «تجمع الإصلاح والتقدّم» خالد الداعوق الجريمة التي «استهدفت الجهود المبذولة للملمة الوضع اللبناني»، مستغرباً «إطلاق التهم جزافاً»، وداعياً إلى «انتظار نتائج التحقيق، ليُبنى على الشيء مقتضاه».
واستنكر «لقاء الجمعيات والشخصيات الإسلامية» في لبنان اغتيال النائب غانم، مؤكّداً أن «المستفيد الأول مما حصل ويحصل هو العدو الإسرائيلي والإدارة الأميركية، حتى يكون لبنان لقمة سائغة لهم».
(الأخبار، وطنية)



ميقاتي للمسؤولين والقيادات:الى أين تأخذون البلد؟

حذّر الرئيس نجيب ميقاتي من «أن النار اقتربت من الصيغة اللبنانية»، و«إذا أكملنا السير على الطريق الذي نسلكه حالياً، فإننا سنصل الى الهاوية، وعندها ماذا تعود تنفع رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة ورئاسة مجلس نواب». وسأل: «ما قيمة بلد ونظام وسياسة ورئاسة ووزارة ونواب، إذا لم يكن هناك وطن نستطيع أن نمارس فيه السياسة والرئاسة والوزارة والنيابة؟»، و«ما قيمة السياسيين والزعماء إذا فقدوا ثقة شعبهم بهم؟». وقال: «لا أحد أكبر من الوطن، لأنه إذا لم يبق الوطن فلا أحد سيبقى».
ورثى في مداخلة تلفزيونية النائب أنطوان غانم «الإنسان الطيب، المحب، الصادق وذا الخلق الكبير»، معتبراً أنه بعد الاغتيالات والخلافات «صار من حق الناس أن تسأل الى أين تأخذون البلد؟». ونبّه الى أن البلد «وصل الى الهاوية، والخطر يكبر وسيكبر أكثر إذا لم يعد جميع المسؤولين والقياديين الى ضمائرهم وقاموا بمراجعة حقيقية وصادقة لكل حساباتهم»، داعياً الى التجرد من الأنانيات والحسابات الذاتية وإطلاق «حوار صادق ومفتوح وبدون شروط، لا من هذه الجهة ولا تلك، لكي نبني شراكة حقيقية»، وأضاف ان ذلك «لا يمكن أن يحصل إذا بقي كل فريق أسير شعاراته ومواقفه».
وناشد القيادات أخذ العبر من التجارب وحماية لبنان، مضيفاً: «ولا يقنعنا أحد بأن الاستقواء بالخارج إنجاز، ولا يقل لنا إن الشروط التعجيزية ضمانة، وإن تهميش فريق وتقوية فريق آخر هو بطولة. ولا أحد يقنعنا بأن الكلام الكبير الذي نسمعه دليل قوة». ورأى أن مسلسل الإجرام لن يتوقف «إلا إذا عدنا الى بعضنا واتحدنا وتعاطينا مع الاستحقاقات المنتظرة بمسؤولية وطنية لا مكان فيها للاعتبارات الشخصية والارتباطات الخارجية، وأوقفنا السماح لأي كان من الخارج بأن يتدخل في أمور وطننا».
(وطنية)

بطريركية الكاثوليك: هل تجمّدت دماء التراحم في عروق السياسيين؟

استنكرت بطريركية الروم الملكيين الكاثوليك «الانفجار الإجرامي المخيف» الذي أودى بالنائب أنطوان غانم ومرافقيه ومواطنين. ورأت «أن أفضل ما يجب أن نواجه به سلسلة الاغتيالات الأثيمة التي تضرب لبنان الضربة تلو الضربة، هو وحدتنا الوطنية، ومصالحة لبنانية حقيقية ندعو إليها بشدة وإلحاح أكثر من أي يوم مضى».
وإذ لفتت إلى أن الأوقات عصيبة ودقيقة، والأحوال مأساوية، أسفت «لهذه المواقف المتشنجة التي تسبّب كبريات مآسي لبنان، ولرؤية الرؤساء الثلاثة في صوامع وأبراج متباعدة، يعيشون فيها منعزلين الواحد عن الآخر، حيث يبرز الخطاب السياسي المتشنج الذي لا يعكس حقيقة النسيج اللبناني الراقي والشخصية اللبنانية الحضارية». وانطلقت من القول المأثور: «جبل على جبل لا يلتقي. ولكن الإنسان يلتقي مع الإنسان»، لتسأل: «هل أصبح لبنان جبلاً، وفُقد فيه الإنسان، وتجمدت في عروق السياسيين دماء التراحم والمودة والحمية، الواحد نحو الآخر، والحدب على الوطن وعلى مصير المواطنين الذين يخافون على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، وعلى أمنهم وأمانهم وعلى خبزهم اليومي ورزقهم ومصالحهم؟».
ودعت المسؤولين «للعودة إلى ربهم والتوبة والصلاة، لكي يلهمهم الله ويُفهمهم عمق مسؤولياتهم الجسيمة، فيلتقوا معاً على مقاعد البرلمان المشتركة، يداً بيد وقلباً إلى قلب وكتفاً إلى كتف، لأجل الحوار والمصالحة والتحابّ والتخطيط والتوافق والاتفاق، ما خلاص لبنان». وتوجهت إلى «جميع المواطنين، مسيحيين ومسلمين» بأن «كل بيت ينقسم على ذاته يخرب»، مشيرة إلى أن «المحبة هي حصننا تجاه ما يحاك للبنان الحبيب في الخارج».
كذلك استنكرت رابطة الروم الكاثوليك، «الإرهاب المتنقل لتأجيج الفتنة بين اللبنانيين»، ودعت المسؤولين «إلى تحمّل مسؤولياتهم لتجنيب لبنان المزيد من المآسي والانقسامات»، و«العمل الجدي والتشاور والتوافق لتحصين الوفاق الوطني، وإعادة بناء الدولة الواحدة القوية القادرة والآمنة والعادلة».
(وطنية)