جبيل ـ جوانّا عازار
انتهت الدورة الخريفيّة لعام 2007 التي نظّمها المركز الدولي لعلوم الإنسان في جبيل، بالتعاون مع الجامعة الأميركيّة في بيروت ومعهدي «Walter Eucken Institut» و«Arnold Bergstraesser Institut». وقد حملت الدورة عنوان: «اقتصاد السوق الاجتماعي: رؤية للإصلاح في الشرق الأدنى» وفتحت أبوابها في 14 أيلول أمام طلاب لبنانيين وعرب تراوح عددهم بين 25 و30 طالباً من لبنان، الأردن ومصر يدرسون الاقتصاد أو الاجتماع أو العلوم السياسيّة، فيما ينشط بعضهم في إجراء الأبحاث في هذه المجالات. فالمركز يهتمّ، بحسب مديره البروفيسور تيودور هنف بإجراء الأبحاث والإعداد المتواصل للطلاب الجامعيّين المهتمّين بتطوير معلوماتهم وزيادة خبراتهم. أما دورة هذا العام فهي واحدة من الدورات التي تنظم سنويّاً، وتطرح موضوعات معاصرة. وكانت الدورة الأخيرة قد أقيمت في ألمانيا وحضرها 17 لبنانيّاً رغم تزامنها مع الحرب الإسرائيليّة على لبنان.
وقد بحث المشاركون في الاقتصاد والديموقراطيّة مع مدير معهد والتر أوكن في فرايبورغ ـــــ ألمانيا البروفيسور فيكتور فينبرغ، وتطرّق بعدها الدكتور نيلز غولدشميدت من المعهد نفسه إلى اقتصاد السوق الاجتماعي وجذوره كمفهوم، لاعتماده بعدها سياسةً في ألمانيا بعد الحرب العالميّة الثانية، وكان عرض للتحوّل إلى اقتصاد السوق وعرض لتجارب أوروبا الشرقيّة في هذا المجال مع الدكتور جواشيم زوينرت.
أما البروفيسور هلموت ليبولد من جامعة ماربورغ فتناول العلاقة بين الثقافة واقتصاد السوق وكان شرح للسياسة الاقتصاديّة والاجتماعيّة في اقتصاد السوق الاجتماعي مع البروفيسور توماس أبولت من جامعة مانشستر. وتحدث البروفيسور سمير مقدسي من الجامعة الأميركيّة في بيروت عن الديموقراطيّة، الحكم والتطوّر الاقتصادي في العالم العربي، فيما عرض البروفيسور بطرس لبكي من جامعة القدّيس يوسف الجذور الاجتماعيّة في الدول العربيّة والنظرات المستقبليّة لشركات العائلات في المشرق العربي. وتوقّف البروفيسور دومينيك هنف عند حالة الاتّحاد الأوروبي متسائلاً إذا ما كان اقتصاد السوق الذي يتخطّى الحدود القوميّة يستطيع أن يكون اجتماعيّاً.
وفي معرض تقويم المشاركين للدورة،رأت ألين عزيز من جامعة الروح القدس أنّ حضور طلاب من لبنان وبلدان عربيّة أخرى أتاح اكتشاف آراء متنوّعة، كذلك فتحت فرصة اللقاء بمحاضرين أجانب آفاقاً جديدة، وخصوصاً أنّ اقتصاد السوق الاجتماعي مطروح في الخارج، وتبيّن أنهّ يمكن تطبيق بعض عناصره على السياسة والاقتصاد في لبنان. أمّا الطالب هراتش حاصرجيان من الجامعة الأميركيّة في بيروت فرأى أنّ الدورة أوفت اقتصاد السوق الاجتماعي حقه كمفهوم له قواعده المنظّمة وهو ثمرة اتّفاق بين المواطنين في المجتمع، ولفت حاصرجيان إلى ضرورة تبنّي الجامعات والمؤسّسات التعليميّة في لبنان لهذا المفهوم وعدم اقتصارها على المفاهيم الكلاسيكيّة دون غيرها. أمّا منصور عميرة فتحدّث عن مدرسة الـ Ordoliberism التي تنبع من المدرسة التاريخيّة الألمانيّة، مشيراً إلى أنّ عرض التجربة التاريخيّة لألمانيا بعد الحرب العالميّة الثانية مفيد لفهم اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يتعاون على بلورته المنظّر الاقتصادي، السياسي والشخص الذي يقوم بترجمة المفاهيم الاقتصاديّة إلى سياسة. أمّا في لبنان فالحديث عن تطبيق هذا المفهوم يبدأ بحسب عميرة في إقرار العلمانيّة من ناحية المجتمع المدني وفي كسر الاحتكارات والـ Cartels وتأمين التنافس الشريف اقتصاديّاً.
وأثنت يسرا طه من مصر على أهمية مناقشة الموضوعات من الناحيتين النظريّة والتطبيقيّة. أمّا رحاب صقر فأشارت إلى أهميّة التعرّف إلى التجربة الأوروبيّة في مجال اقتصاد السوق الاجتماعي للتفكير في تطبيقها على المستوى العربي. وتحدّث جو ملكون عن التنوّع الثقافي بين المشاركين، ما جعل كلاً منهم يتشوق لمعرفة ما لدى الآخرين من تصوّرات وخبرات. ورأت سارة مراد من الجامعة الأميركيّة في بيروت أنّ الاستفادة كانت متبادلة بين الطلاب والأساتذة، إذ خرج كلّ المشاركين بمخزون فكريّ جديد.