نهر البارد ــ نزيه الصديق البداوي ــ عبد الكافي الصمد
صيدا ــ خالد الغربي

المساعـدات تعـود بعد تراخٍ والمتضـرّرون اللبـنانيـون يتسلّمون تعويضاتهم

ارتفعت حرارة الاشتباكات بشكل كبير يوم أمس في مخيم نهر البارد، ودارت معارك عنيفة على مختلف محاور القتال بين الجيش اللبناني ومسلحي حركة «فتح الإسلام»، استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، عدا القذائف البعيدة المدى.
وتركزت الاشتباكات على محورين متقابلين داخل المربع الأمني الذي يسيطر عليه المسلحون داخل المخيم القديم، وهما محور التعاونية ـــــ مركز ناجي العلي الطبي ومستوصف الشفاء، ومحور مقر التنظيم الواقع وسط الطريق العام عند مدخل السوق؛ وهما محوران يبعد بعضهما عن بعض قرابة 300 متر، ومن شأن سيطرة الجيش عليهما وتقدمه فيهما، ووضع يده بشكل كامل على الشارع العام، تحقيق إنجاز عسكري هام للجيش، وتقدمه باتجاه حسم المعركة مع المسلحين نهائياً.
في موازاة ذلك، عبرت قوات عسكرية الجسر الحديدي فوق مصب نهر البارد عند المدخل الجنوبي من المخيم، واتّجهت نحو عمقه الداخلي، لتنضم إلى القوات العسكرية المتمركزة عند المحور الجنوبي على تخوم المربع الأمني، حيث دارت أمس معارك عنيفة، وخصوصاً في أحياء البروة والغوارنة ومحيط مسجدي الحاووظ والشيخ علي.
وعلى المحور الشمالي، وتحديداً في المنطقة الواقعة بين مركز صامد ومدارس الأونروا، دارت اشتباكات عنيفة جداً، استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة، ودارت مواجهات عنيفة في محيط مباني صافية المحصنة جداً، التي تفصل بين ساحة المدارس، ومركز صامد، ومدخل الشارع العام من الناحية الشمالية، حيث يتخفّى المسلحون مع عائلاتهم داخل ملاجئ محصنة جداً. وفي مواجهة الضغط المركز من جانب الجيش على مواقع مسلّحي الحركة وتحصيناتهم داخل المربع الأمني، رد هؤلاء بإطلاق رصاص القنص على مواقع الجيش والمناطق المجاورة، ما أدى الى إصابة خمسة جنود بجروح، إضافة الى إطلاقهم ثلاثة صواريخ باتجاه كل من بلدة دير عمار حيث سقط صاروخان في حي الكسارة بعيداً عن المنازل، فيما سقط الصاروخ الثالث في بساتين بلدة العبدة، من غير أن تتسبب بوقوع إصابات في صفوف المواطنين.
ونعت قيادة الجيش ـــ مديرية التوجيه المعاون أول الشهيد صلاح خالد سكرية من الفاكهة ـــــ بعلبك الذي استشهد يوم أول من امس الاثنين أثناء قيامه بواجبه العسكري في مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الشمال. وشيّع الشهيد أمس في بلدته ووري الثرى في جبانة البلدة. وبذلك يرتفع إجمالي خسائر المؤسسة العسكرية منذ بدء المعارك الى «134 شهيداً» بحسب ما أفاد مصدر عسكري. وفي البداوي، استدعى تراجع حجم المساعدات المقدمة إلى نازحي مخيم نهر البارد في الآونة الأخيرة، بعد الزخم الكبير الذي اتّسمت به في الأيام الأولى من النزوح، تصاعد نداءات ودعوات عدة من أجل رفع مستوى هذه المساعدات، أو الاستمرار فيها على الوتيرة نفسها في أضعف الأحوال.
وسبّب تراجع حركة المساعدات والتقديمات والهبات في الأيام السابقة، نتيجة تراخي الهيئات الإنسانية في نشاطاتها، أو انتهاء المدة الزمنية المحددة للمشاريع والبرامج الإغاثية التي أطلقتها بعض الجهات، بلبلةً واسعةً في صفوف النازحين المقيمين بأغلبيتهم في مخيم البداوي، والمشرفين على لجنة الإغاثة المحلية الفلسطينية، إضافة الى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان «الأونروا»، التي كانت تعوّل كثيراً على هذه المساعدات، من أجل التخفيف قليلاً عن كاهلها عبء بعض المسؤوليات الكبيرة في هذا المجال.
وتجاوباً مع هذه النداءات المباشرة وغير المباشرة، تدفقت في اليومين الماضيين على مخيم البداوي كميات لا بأس بها من المساعدات، جاءت في مقدمها المساعدات التي قدمتها اللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة، من أجل توفير الحاجات والمتطلبات الضرورية للنازحين، وذلك في إطار سلسلة الأعمال والأنشطة التي تقوم بها، فوزعت قسائم ألبسة على المحتاجين من النازحين، على أن توزع بعد ذلك الألبسة على حاملي القسائم من خلال المؤسسات المعتمدة لذلك في طرابلس.
في السياق نفسه، أطلق بيت الزكاة في لبنان، بالتعاون مع صندوق الزكاة القطري، حملة إغاثة جديدة للنازحين حملت اسم «حملة الأمل والعودة»، وتهدف الى مساعدة النازحين الفلسطينيين والمتضررين اللبنانيين، عبر تقديمات تُعنى بالنظافة العامة والبيئة والنظافة الشخصية، وتقديم احتياجات الأطفال والرضّع وكسوتهم، إضافة الى الاستمرار في تقديم المساعدات الغذائية، وزيادة نسبة وعدد العيادات الجوالة التي يتكفّلها مستشفى الحنان التابع لبيت الزكاة، وإجراء المعاينات وتقديم الأدوية المجانية والخدمات الطبية للنازحين. إضافةً إلى ذلك، بدأ بيت الزكاة حملة تهدف الى تأسيس قرية بيئية في أطراف مخيم البداوي، وهي ستضم حمامات حديثة مجهزة باحتياجات الاستحمام كافة، وهي مخصصة للنازحين، مع توفير عيادات طبية وغرفة إدارة لتسجيل احتياجات النازحين الخاصة بالأمور البيئية، واحتياجات الأطفال ورعايتهم.
على صعيد متصل، تسلمت حركة فتح في مخيم البداوي ألف حصة تموينية غذائية مقدمة من تيار المستقبل، في إطار حملة الإغاثة التي يقوم بها التيار لمساعدة النازحين. وأعلن أمين سر الحركة في مخيم البداوي الحاج خليل لـ«الأخبار» أنه تم «تسلّم 3850 حصة حتى الآن، من أصل عشرة آلاف حصة وعدنا التيار بتقديمها للنازحين الذين بلغ عددهم حسب الإحصاء الأخير لوكالة «الأونروا» 5125 عائلة مقيمة في مخيم البداوي». وأشار الحاج خليل إلى أن مؤسسة الإغاثة الأهلية (aed) قدمت «مساعدات عديدة إلى النازحين، وخصوصاً لجهة إجرائها دورات لمساعدة الشباب وتدريبهم على حل النزاعات، ومواجهة الحالات النفسية والاجتماعية للنازحين، بإشراف أساتذة متخصصين». من جهة أخرى، بدأت الهيئة العليا للإغاثة تسليم الشيكات المالية العائدة لـ384 متضرراً من أبناء بلدات المنية بحنين والمحمرة، المقدمة من المملكة العربية السعودية، والبالغة قيمتها مليوني ليرة لبنانية لكل متضرر، وذلك في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس.
وكانت الهيئة قد سلّمت في وقت سابق متضرري أحياء الزاهرية وشارع المئتين وأبي سمرا في طرابلس، والبالغ عددهم 133 متضرراً، الشيكات العائدة إليهم عن الأضرار التي حلّت بهم، والتي تنوعت بين أضرار في المنازل والسيارات والأثاث والمتاجر، وبلغت قيمتها الإجمالية 784 مليون ليرة لبنانية.
وفي صيدا، قال ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي إن فتح الإسلام هم الذين اختاروا طريق اللاتسوية وسياسة فوهة البنادق، وهذه قضية يتحملون هم مسؤوليتها، وأن مهمة الجيش اللبناني مستمرة حتى يسلّموا أنفسهم أو ينهي الجيش هذه العملية بما يليق بكرامة المؤسسة العسكرية اللبنانية وسيادة لبنان.
كلام زكي جاء إثر لقائه في مجدليون النائبة بهية الحريري يرافقه القنصل محمود الأسدي، حيث كان بحث في التطوّرات على الساحة الفلسطينية.