عاليه - عامر ملاعب
«هل من المقبول إذا حصل سوء تفاهم بين الرجل وزوجته أن نتّهم الاحزاب الشمولية والمخابرات السورية ومحور الشر ونصف الكرة الأرضية بالوقوف وراء هذا الأمر، وكأن المتحكمين عندنا مثال الديموقراطية والحرية، وتحت شعار دقة المرحلة وحماية وليد جنبلاط، تتحكم طبقة مافيا فاسدة بمفاصل الحزب التقدمي الاشتراكي، ولذلك أؤكد أننا إنتاج «أجهزة مخابرات» الفقر والحرمان والقمع وتسلط القيادات الوسطية في الحزب على الناس ونهب الثروات والمال الحرام». بهذه الكلمات يختصر المرحلة مؤسس «الحركة الإصلاحية» في الحزب التقدمي الاشتراكي رائد الصايغ.
وسط بعض «الإجراءات الأمنية» وفي مكانٍ جبلي ما، يجلس الصايغ يحيط به رفاق وأصدقاء، يتحدث بثقة كاملة عن مشروعه «الإصلاحي» وهو يؤكد أن نتائج حركته بدأت تظهر سريعاً وأولاها «الوظيفة التي طارت»، وهو موظف بالتعاقد في وزارة التنمية الإدارية، «وقد طلبوا مني تسليم مفاتيح مكتبي عقب المؤتمر الصحافي، الأمر الذي يعني الطرد لكن بطريقة «ديموقراطية» تؤكد الشعارات التي رُفعت في وجه الديكتاتوريات الظلامية».
ويبدأ الصايغ حديثه بتوجيه «تحية صادقة من القلب إلى الرفيق وليد جنبلاط» ويؤكد أن «الحركة ليست انقلاباً بل تصحيحية لتحسين الأداء، وهي انطلقت منذ ثمانية أشهر واليوم فقط أعلنّاها وبشكل بسيط من دون حشود حتى لا نقدم فرصة لهواة القتل والقمع من مافيات الحزب كي يمارسوا دورهم في مواجهتنا، وإن بدت حركتنا ضعيفة فإننا نعمل بسرية في مناطق وجود الحزب، وكنت مع بعض الرفاق الانتحاريين الاوائل». ولا ينسى أن «يوجه إليهم التحية قبل أن توجه لهم تهم الإرهاب وربما الانتماء الى تنظيم القاعدة». ويستدرك بأن الحركة ليست مثل «القوى المستجدة الأخرى التي تعمل على إذكاء الفتنة في الجبل، نحن حركة تغيير ولن نكون عنصر تفجير».
العناوين تشمل مروحة من القضايا «حزبية داخلية وعامة تتعلق برؤية الحزب في ضوء التحولات في المنطقة» وجاءت «بعدما تعاطى ممثلو الحزب في المناطق والقرى بالملفات السياسية والاقتصادية بطرق مشبوهة» ولم «ننطلق من فراغ، طلبنا التصحيح في لقاءات وحوارات متعددة مع بعض نواب الحزب وقياداته الوسطية، كان الرد بأن الظروف لا تسمح، ونفتقد الإمكانات المادية، وحاولوا تصوير الحزب مؤسسة مفلسة مادياً، وتناسوا أن الجميع يعلم اين تذهب المساعدات المخصصة لعائلات الشهداء والجرحى، و«المناضلون» على تلك الجبهة أصبحوا مثال الفساد في محيطهم». أما عن الديموقراطية التي «ألهمت مشاعر شباب الحزب وحماستهم منذ ثلاثة اعوام، فإنها مطلوبة عند الآخرين، وفي حزبنا ما زال «التقدميون» وكلاء الداخلية وأعضاء مجلس القيادة منذ ربع قرن ولم تطلهم أدوات التغيير والمحاسبة ولو بالشكل»، ويؤكد أن «هؤلاء مع مرور الوقت شكّلوا دائرة حول رئيس الحزب لا تسمح له بمعرفة الواقع بشكل صحيح، الى حدود منعي من مقابلة وليد جنبلاط تحت حجج واهية. وبالمناسبة كرر وليد جنبلاط سؤال ،الى أين، وأنا بدوري أسأله إلى أين الحزب التقدمي التنظيم؟ الى أين نذهب في ظل التحولات الكبيرة في المنطقة والسقوط الاميركي المدوي في العراق وخروج الجماعات التكفيرية السلفية من مكامنها؟ الى اين تصل زعامتكم مع هذا الأداء المافياوي الميليشياوي».
وبأمل كبير يوجه الصايغ النداء الى الذين يقفون على الحياد بانتظار نتائج الأحداث «لمساعدة الحركة لأنه ما زال هناك أمل ورمق أخير للحزب على الصعيد التنظيمي، وهناك امل بإنعاشه».
ويضع الصايغ الآلية لتلك التغييرات عبر وقف مبدأ «التعيين داخل الحزب، والعمل من خلال مبدأ الانتخاب، وإنشاء المحكمة الحزبية التي تحاسب الفاسدين والعابثين بمبادئ كمال جنبلاط وقيمه وعروبته وفكره، ولن نغير ما كتبه وقاله مع النخبة التي اسست الحزب مثال الشيخ عبد الله العلايلي وغيرهم» وهو «الذي علمنا منذ عقود مثل سلطان الاطرش وشبلي العريان وشكيب ارسلان، أن نقف في وجه الأحلاف الغربية وأن نتبنى القضية الفلسطينية، ونحن الذين فتحنا طريق الشام من اجل المقاومة وإسقاط اتفاق 17 ايار، سنبقى كذلك ندافع عن القضايا العربية وخطنا العربي». «وبكلام واقعي»، يضيف الصايغ، «الحزب الاشتراكي بعد الحرب الأهلية تحوّل الى تمثيل الشريحة الأكبر من طائفة الموحدين الدروز. لا بأس، فتاريخ الدروز لا يكون الا بحضن العروبة والمقاومة لكل محتل، كفى خبثاً، كانت ارتباطاتهم مع ايران حتى الأمس القريب، فكيف أصبحت الآن مجوسية، وأموالها جنت عليهم الثروات وعشرات العقارات، وخير شاهد على ذلك مؤسسة العرفان التوحيدية، وكذلك كنتم خير من يستعمل عصا السوري التي اذلّت العديدين من الأشراف في الحزب». ويوضح لـ«الرفاق» أنه «ليس هناك فروقاً بين الاحزاب في لبنان من حيث الأداء، فالجميع شمولي والعلمانية لم تعد موجودة إلا في المبادئ العامة فقط»، لذلك «سيبقى الدروز عرباً يحملون مشعل المقاومة لكل محتل».
ولا يستطيع الصايغ الإجابة عن الموقع الذي على الحزب أن يتّخذه في ظل انقسام البلد، ويجيب «أنا في الوسط»، ويسارع الى القول «لا شرق ولا غرب، لبنان ديموقراطي مستقلّ، مع تبنّي القضايا العربية، وبالمحصلة البلد لا يتحمل الوضع القائم، فالقوّتان المتصارعتان اليوم 8 آذار و14 آذار لا تستطيع أي منهما أن تحكم البلد وحدها بل عليهما العمل للخروج من الأزمة عبر الحوار ووضع الحلول المنطقية».
وعن الآلية التي ستعتمدها حركته لتحقيق اهدافها يقول الصايغ: «سنعمل بسرية عبر رفاق اعضاء من داخل فروع الحزب كي نصل الى ما نريد، ومن على منابر الإعلام، وأجدد القول إننا لسنا ضد وليد والحزب بل حركة اصلاحية تنقذ الواقع الذي نعيشه». ويؤكد «لم ولن أهرب، والحيثية والصدقية ستثبتها الأيام اذا بقينا على قيد الحياة». ويختم بقول كمال جنبلاط المأثور «أموت ولا أموت فلا أبالي/ فهذا العمر من نسج الخيالي».