فاتن الحاج
تعززت علاقة الطالبة اللبنانية المغتربة لمياء شور (24 عاماً) بلبنان بعد التحرير في عام 2000. شعرت لمياء بأنّها باتت أكثر التصاقاً ببلدها الذي لم تزره قبل ذلك سوى مرتيْن. راحت لمياء تكثّف زياراتها لمدينتها صور، لتبحث عمّن صنع الانتصار، وتقول: «ازدادت حشريتي بالمقاومة بعد التحرير، كنت أريد أن أعرف من هم المقاومون؟ ماذا يفعلون؟ ما هو سر نجاحهم؟ إلى أن قرّرتُ أن يكون حزب الله عنواناً لبحث أكاديمي يتوّج سنواتي الأربع في العلاقات الدولية والاقتصاد في جامعة فيزاليوس كولدج في بلجيكا (VUB)». ومع أنّ لمياء وُلدت في غامبيا في أفريقيا وتابعت دروسها بين غامبيا وليبيريا، فهي تتحسّر على السنوات التي قضتها بعيداً عن لبنان، وتقول: «نحن المغتربين متعلقون بلبنان أكثر من اللبنانيين أنفسهم، والظروف هي التي تحدّد قدرنا، لكننا نتابع كل الأخبار». تعود لمياء في وقت قريب إلى لبنان لتتفرغ للعمل التطوعي وتساعد الناس بعد الحرب. ترى لمياء أنّ التطوع أولوية قبل الانخراط في سوق العمل. تبدي لمياء حماسة للحديث عن بحثها عن حزب الله الذي نالت عليه درجة امتياز في جامعتها. تبدو «فخورة» بالنتائج التي توصلت إليها، وهي إقناع المُشرف الأميركي الدكتور مايكل بايلو بأنّ حزب الله منظمة غير إرهابية، ولجوء بايلو إلى إدراج بحثها في المنهاج (curriculum) الذي يدرّسه في الجامعة. وترى لمياء أنّها تمكنت من الانتصار على ذاتها ووضع مشاعرها جانباً للخروج ببحث علمي بحت، بحيث لم تتجنب فصل «حزب الله منظمة إرهابية أم لا؟». وتقول: «سعيْتُ إلى توخي الحيادية إلى أقصى الحدود، وخصوصاً أنّهم يعرفون أنني لبنانية ومن الجنوب».
زارت لمياء لبنان في صيف 2005، وسط عدم تشجيع الأصدقاء الذين بادروها بعبارات الاستغراب «ستقابلين أناساً إرهابيين من حزب الله؟». لكنّ لمياء أصرت على خوض التجربة بعد احتضان الأهل وإصرار المشرف على «نزولها» إلى لبنان لمعاينة الميدان. استعانت لمياء بالصحافي البريطاني براين ويتاكر الذي يتابع ملف الشرق الأوسط في جريدة «الغارديان» (the guardian) والذي أعطاها مفاتيح المقابلات مع شخصيات من حزب الله، وأساتذة أكاديميين ألّفوا كتباً عن الحزب. وهنا توضح لمياء: «ظننت أنني سأواجه صعوبات كبيرة في اللقاءات، لكنني اكتشفتُ أنّ كل الأبواب فُتحت في وجهي، وكانوا جميعاً «open mind»، بعكس ما كان يقال لي». وكانت لمياء قد اعتمدت الشهر الذي يسبق التحرير الفترة الزمنية في بحثها وركّزت على الصحيفتين الإسرائيليتين يديعوت أحرونوت وهآرتس. وأيقنت أنّ أكثر فئة تستطيع أن تتحدث عن المقاومين هي الجنرالات والجنود الإسرائيليون، لذا راحت لمياء تبحث عما يقوله هؤلاء في الداخل مستعينة بدراسات في الغرب عن هذا الموضوع، وتوصلت إلى بعض ما يقولونه، وهو أنّ حزب الله ليس إرهابياً، وجنوده براغماتيون يعرفون ماذا يفعلون، لا يمرّون في إيديولوجيا الدين، لا يخترقون الخط الأزرق، ولا يقصفون المدنيين. وتلفت لمياء إلى أنّه دوّن في أرشيف جامعتها: «حزب الله ليس منظمة إرهابية، بل مقاومة لها الحق في الدفاع عن الوطن، عندما يكون أي شبر منه تحت الاحتلال».