باريس - بسام الطيارة
«حزب الله في الإليزيه». جملة ما إن تردّدت في باريس حتى استدعت ردود فعل و«احتياطات» وتوضيحات، وربما تغييراً في جدول أعمال الرئاسة الفرنسية.
فقد ظهرت «شائعة» في العاصمة الفرنسية تقول إن الرئيس نيكولا ساركوزي سيستقبل في الإليزيه المشاركين في لقاء سان كلو الحواري اللبناني. وبالفعل لمّح الناطق الرسمي دافيد مارتينو إلى إمكان استقبال الرئيس للوفود، بدون أن يقع في فخ الإجابة عن سؤال في شأن تأكيد استقباله لوفد من حزب الله. إلا أن مصادر موثوقاً بها نفت لـ«الأخبار» وجود فكرة استقبال الوفود في القصر الرئاسي، وقالت إنها «مجرد شائعات»، متحدثة عن إمكان أن «يطل الرئيس ساركوزي على الاجتماع»، مع التشديد على أن «أجندة الرئيس في هذه الفترة محملة» وخصوصاً بسبب عيد الثورة الفرنسية الذي يصادف في 14 تموز. وكان بعض الأوساط قد ربط بين فكرة استقبال ساركوزي للوفود اللبنانية «والذي سيفتح أبواب الإليزيه حتماً أمام وفد حزب الله، إذ ليس من المبرر استبعاده وحده»، وبين الإعلان عن استقباله لعائلتي الأسيرين لدى الحزب مع استقباله لعائلة الجندي الاسرائيلي الأسير في غزة وحامل الجنسية الفرنسية جلعاد شاليط.
ويبرّر مقربون أن استقبال ساركوزي لوالد شاليط «هو وفاء لوعد انتخابي أعطاه قبل الانتخابات الرئاسية»، كما صرح مارتينو، الذي قال رداً على سؤال عن سبب عدم استقباله لممثلين عن أكثر من عشرة آلاف فلسطيني مسجونين في إسرائيل، إنه «يجب عدم الدخول في عملية موازنة مأساة البعض بمآسي الآخرين»، مكرراً أن لقاءه نعوم شاليط جاء نتيجة تعهده له حين كان وزيراً للداخلية بإعطاء أهمية كبيرة في سياسته للإفراج عن ولده الأسير حامل الجنسية الفرنسية. واستطرد أن الرئيس الفرنسي «لا يتجاهل وضع الأسرى الفلسطينيين»، وأنه أبلغ القادة الإسرائيليين «أهمية القيام ببوادر حسن نية» في هذا الشأن. إلا أن مارتينو لم يتطرق إلى أي تفاصيل في شأن الجنديين المحتجزين لدى حزب الله، مكتفياً بالقول في معرض رده على سؤال عما إذا كان ساركوزي سيستقبل نواب الحزب في عداد المشاركين في اللقاء الحواري اللبناني، إن موقف ساركوزي من حزب الله لم يتغير، ودعا إلى العودة إلى تصريحاته السابقة بهذا الشأن، معتبراً في الوقت نفسه أنه يجب فعل كل شيء «إذا كان الهدف التوصل إلى حكومة وحدة وطنية»، وملمّحاً إلى ضرورة مشاركة الحزب في هذه الحكومة. ويعود ربط استقبال عائلات الأسرى بإمكان استقبال الوفود اللبنانية ومن ضمنها وفد حزب الله، إلى أن رئيس المجلس التمثيلي للجالية اليهودية في فرنسا ريشار براسكيه أعرب عن «استيائه وسخطه» من الإعلان عن إمكان قدوم ممثلين عن الحزب إلى باريس، وأثار موضوع التفجير الذي استهدف مقر المظليين الفرنسيين في بيروت عام 1983، متّهماً الحزب به. كما شدّد على «مسؤولية حزب الله في حرب الصيف الماضي». وفيما رأى البعض أن ساركوزي يحاول امتصاص امتعاض الجالية اليهودية من استقبال وفد الحزب عبر شمل عائلتي الجنديين المخطوفين في لبنان، نفى مصدر مسؤول لـ«الأخبار» هذا الربط، وقال إن عائلات الجنود الأسرى شكلت «لجنة الأسرى الثلاثة» وهي تسعى متضامنة للإفراج عنهم، وبالتالي فإن ساركوزي يستقبل هذه العائلات كممثلة عن اللجنة التي تنشط عبر الجاليات اليهودية في فرنسا.
وعلى صعيد ردود الفعل أيضاً على مشاركة حزب الله في اللقاء، أوردت «أ.ف.ب» بياناً للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، اعترض فيه «بشدة» على هذه المشاركة، معتبراً أنها «تضفي شرعية معينة على حركة تميزت باعتداءات دموية، سقط ضحيتها جنود فرنسيون في الماضي». كما هاجم قناة المنار «التي تبث برامج مناهضة للسامية في شكل عنيف». وذكّر بأسر الجنديين الصيف الماضي، مضيفاً إنه «ينتظر من الحكومة الفرنسية أن تبذل ما في وسعها للإفراج عنهما».