غسان سعود
«يبدو أن «القوات اللبنانية» تسعى الى تحويل أنظار المطارنة واللبنانيين الذين شُغلوا بـ«أسلمة الدولة اللبنانية» الى اتجاه آخر عبر تسليط الضوء على بعض المؤسسات والتجمعات التي تترأسها وجوه شيعية رغم طابعها المسيحي». هكذا، قرأت مصادر مطلعة «الظهور المفاجئ» لوفد من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ذي الغالبية المسيحية برئاسة إيلي حاكمة.
ورأت المصادر أن «القوات» استغلت الوفد الذي «يقوم منذ أيام بسلسلة زيارات على فعاليات سياسية، غالبيتها موالية. بهدف حشد التأييد لانطلاقتها في ظل وجود سابق وحالي لمجموعة شرعيّة منتخبة من ممثلي الجامعة».
وغالباً ما ينهي مؤيدو أعضاء الجامعة الثانية التي يرأسها حاكمة دفاعهم عنها بالإشادة بتلاوينها الطائفية، معربين عن استغرابهم أن يكون رئيس الجامعة من غير الطائفة المسيحية، ويؤكدون في هذا السياق أن القيادات المسيحية السياسية والروحية معنية بدعمهم في معركتهم لشرعنة وجودهم «وعودة القرار الاغترابي» إلى القبضة المسيحية أسوة بما كان حاصلاً قبل الحرب.
ومعلوم أن الجامعة التي تأسست في عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب عام 1960، غالباً ما شهدت نزاعات بين أكثر من مجموعة تدعي حصر التمثيل الاغترابي بشخصها، وازداد البعد بين أقطاب الاغتراب بعد الحرب، إلى أن عقد في 28، 29، 30 تموز، و1 آب 2005 أول مؤتمر للمغتربين في بيروت حضره ممثلون عن الرؤساء الثلاثة، وشارك فيه مندوبون من أكثر من ثلاثين دولة. وانتخب خلاله أحمد ناصر رئيساً، وعشرة نواب للرئيس موزعين على مختلف القارات، وغالبيتهم مسيحيون. ويقول ناصر إنهم تمكنوا خلال السنتين الماضيتين، رغم المشاكل الداخلية الكثيرة والانقسام السياسي، من تحقيق عدة إنجازات، مستغرباً حركة حاكمة المفاجئة، ومؤكداً أن الأخير اتصل به قبل عقد «مؤتمر ساو باولو» عام 2005 وأبلغه قرارهم بالانضواء ضمن الجامعة الشرعية، قبل أن يعود عن قراره ويكمل في سياسة خلفه، «ضارباً وحدة المغتربين بعُرض الحائط، ومصرّاً على إدخال المغتربين في الانقسامات السياسية المحلية عبر تبني موقف أحد طرفي الصراع".
ودعا ناصر الفريق الآخر إلى وضع برنامجه السياسي جانباً والعمل من خلال «الجامعة» التي يمثلها.
من جهته، يؤكد المدير العام للمغتربين هيثم جمعة عدم تمييز المديرية بين مغترب وآخر، وحرصها على وحدة الجامعة الثقافية وتفعيل دورها وإبعادها عن الصراعات والخلافات. وفي السياق نفسه، يستغرب وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ الإصرار على نقل الحريق اللبناني إلى الخارج، مؤكداً أن الغرض من «الجامعة» كان أصلاً جمع كلمة المغتربين وتوحيد صفوفهم وتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين لبنان المنتشر ولبنان المقيم من جهة، وبين الدول المضيفة ولبنان من جهة اخرى.
في المقابل، دافع عضو كتلة القوات «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا عن حاكمة، معتبراً «أن المسؤولين الفعليين عن قسمة الاغتراب اللبناني في العالم هم الذين استغلّوا حقبة الوصاية السورية ليسيطروا على مديرية المغتربين ويعملوا من خلالها على ضرب الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم». وأشار زهرا إلى «تعطيل القضاء اللبناني مفاعيل مؤتمرين للهيئة التي حاولت انتحال صفة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وأعاد الأمور الى نصابها». إلا أن الأمين العام للجامعة (برئاسة ناصر) بيتر أشقر يؤكد أن هذا الأمر غير صحيح لأن الحكم الصادر عن المحكمة البدائية استؤنف ضمن المهلة القانونية والقضاء لم يصدر بعد كلمته النهائية في الموضوع، مذكراً بأن مؤتمر تموز 2005 حصل في حضور الوزير أحمد فتفت ممثلاً للرئيس السنيورة.
على صعيد آخر، يردّد حاكمة «رئيس التجمع الاغترابي لقوى 14 آذار» كما أطلقت عليه إحدى وسائل الإعلام قبل يومين، ما يقوله ناصر من حيث الحرص على وحدة الاغتراب. ويقول الأمين العام للجامعة (برئاسة حاكمة) جورج أبي رعد إنهم لا يمثلون طرفاً سياسياً، وزياراتهم تقليدية اعتادوا القيام بها خلال السنوات الماضية. معرباً عن دهشته من رد الفعل الذي واكبها هذه المرّة. ومؤكداً مشاركة كل الفرقاء اللبنانيين في المؤتمر الذي عقد في نهاية الـ2005 في مدينة ساو باولو البرازيلة وانتخب خلاله حاكمة رئيساً.
ويوضح أبي رعد أن سياستهم من شقين: تفعيل دور الاغتراب في نشر التراث والثقافة والتواصل بين المغتربين والتحاور وتوحيد صفهم، والدفاع عن لبنان وسيادته وقراره الحر وأمنه وازدهاره.
وعلى هامش السجال الذي اندلع أمس، يقول مراقبون إن «القوات اللبنانيّة» بتبنيها للجامعة اللبنانية الثقافية التي يرأسها حاكمة إنما نجحت في تحويل الأنظار جزئياً عن الانقسامات التي بدأت تهدد قوى 14 آذار، وطرحت مادة تعزز السجال حول حقوق المسيحيين ودورهم، لمصلحتها هذه المرة.