واصل الموفد الفرنسي جان كلود كوسران جولته على المسؤولين والفاعليات تحضيراً للزيارة التي يعتزم وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير القيام بها إلى لبنان في نهاية الاسبوع الحالي، وقد زار لهذه الغاية كلاً من النائب ميشال المر والرئيس أمين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع، وشارك في حفل غداء أقامته على شرفه الوزيرة نائلة معوض ثم التقى النائب وليد جنبلاط، واجتمع مساء مع وفد «حزب الله» الذي ضم الوزير محمد فنيش ومسؤول العلاقات الخارجية نواف الموسوي. وفيما حرص كوسران على التركيز في محادثاته على ضرورة استئناف الحوار بين الاطراف اللبنانية، بدا أن موضوعي حكومة الوحدة الوطنية والانتخابات الفرعية في المتن قد أرخيا بظلالهما على أجواء اللقاءات كما ظهر في الاحاديث الصحافية التي ادلى بها كل من الجميل وجعجع والمر بصورة خاصة.
وإثر لقائه المر، قال كوسران انه جرى خلال الاجتماع «تبادل الأفكار والبحث في التحضيرات لزيارة كوشنير واللقاءات والمشاكل التي سيتطرق اليها الأخير، وقد اخذت بعض الاشارات من النائب المر لأفضل السبل للتحضير لهذه المباحثات». أما النائب المر فقال إن المواضيع الأساسية التي ستطرح خلال زيارة كوشنير هي نفسها، وعلى رأسها حكومة الوحدة الوطنية»، لافتاً الى أنه تطرق مع كوسران إلى نتائج زيارته للقاهرة ولقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى «وهناك تنسيق بين المبادرتين وهما تكملان بعضهما. وتطرقنا إلى تفاصيل المبادرتين ونتائج سان كلو، وفي تقديري انه عندما يصل الوزير كوشنير إلى لبنان ستكون هناك نقاط مشتركة بين المبادرتين وستبحث هذه النقاط خلال جولة الوزير الفرنسي على القيادات».
وعمّا اذا كان موسى سيزور لبنان خلال وجود كوشنير أجاب المر: «لا أظن، لكن بتقديري انه بعد زيارة كوشنير وعودته إلى فرنسا لتقويم نتائج لقاءاته، وفي هذا الوقت يكون الرئيس بري قد عاد إلى بيروت، أضف إلى ذلك مناسبة عيد الجيش في أول آب، والاستحقاق الانتخابي في 5 آب ، لذلك لن يصل عمرو موسى إلى بيروت الا بعد هذا التاريخ».
وعن المسعى الفرنسي وإمكان تتويجه بلقاء حواري يجمع قيادات الصف الأول، قال المر إن «الرئيس بري هوالمولج بالدعوة إلى الحوار، وهو صاحب الفكرة الاولى بطاولة الحوار وسيبقى، وأتمنى على من سيبحث في هكذا اجتماع أخذ رأي الرئيس بري لأنه يشكل أباً للحوار وهو الذي بدأه وهو الذي ينهيه». وعما إذا كان كلامه هذا يعني عقد لقاء «سان كلو» في ساحة النجمة تساءل: «لماذا سان كلو 2، لبنان واحد»، واستطرد: «عندما دعا الرئيس بري للحوار منذ بدايته كان يقول ان الحوار يجب ان يكون في لبنان ولدى القيادات اللبنانية الإمكانية لمثل هذا اللقاء، «سان كلو» كان مساعداً بأجوائه التي رطبت الأجواء».
وسئل: لكن فريق 14 آذار يعتبر الرئيس بري فريقاً؟ أجاب: «وإذا اعتبر فريقاً، لكنه لعب دور الحكم على طاولة الحوار، وهو بالتالي فريق ونحن فرقاء ونلعب دور الوسطاء، لا دور يلغي الثاني، الرئيس بري يكون فريقاً لفريقه بالمواقف السياسية، لكن كرئيس لطاولة الحوار كان يدير الحوار بكل تجرد وحكمة وادارة جيدة واتخذنا قرارات لا بأس بها، واذا كانت لم تنفذ فهذه من مسؤولية الحكومة».
وهل هذا يعني أن الحكومة مسؤولة عن عدم تنفيذ القرارات؟ أجاب: «أساساً وفي كل مواقفي الإعلامية لم أشتم يوماً الحكومة، أنتقدها وأعطي رأيي، لكن من دون أن أتهجم على أحد، من مسؤول أو غير مسؤول، هناك مجلس نواب، فليدعها إلى المحاسبة في مجلس النواب».
والتقى كوسران جعجع على مدى ساعة غادر بعدها من دون الإدلاء بأي تصريح. وفي لقاء مع وفد من الفاعليات الأكاديمية والسياسية في الفروع الثانية في الجامعة اللبنانية تحدث جعجع عن اجتماعه مع كوسران فقال: «قمنا بجولة أفق كاملة عن الوضعية اللبنانية، كما عرضنا إمكان إحداث تقدم في مكان ما». وأشار إلى «استمرار البحث، ولا سيما أن الموضوع غير سهل»، مؤكداً «وجوب المتابعة لربما تم الوصول الى اختراق ما»، مشيراً إلى «أن طبيعة الخلاف والصراع هي المانع من تحقيق الاختراق»، مذكراً بـ«وجود نظريتين مختلفتين للبنان تتصارعان، لا كما يصور البعض بأن المشكلة تكمن في عدد الوزراء». وكشف جعجع أن كوشنير «لا يحمل خلال زيارته المرتقبة حلولاً معينة، إنما تأتي في إطار إمكان إيجاد حلول». وقال ان كوسران اكد له «ان ما حصل في «سان كلو» كان مشجعاً، ومن هنا أتت خطوة المتابعة ولو أنه لم يتوصل الى نتائج عملية».
واستقبل الجميل الموفد الفرنسي في دارته في بكفيا. وقال كوسران بعد اللقاء ان سر نجاح الحوار «في يد اللبنانيين،». وأعلن انه سيلتقي الرئيس نبيه بري اليوم. وصرح الجميل: «أوضحت مواقف في ما يتعلق بالأزمة الراهنة وأكدت أن الاستحقاق الأهم هو استحقاق الرئاسة. وإذا كنا نريد مصلحة لبنان والمسيحيين فمن الضروري أن تتم هذه الانتخابات حسب المواعيد الدستورية، وهذا موقف واضح، وما يدعونا إلى القلق هو أن تكون الحكومة التي تطالب بها المعارضة، تشكل على قياس المعارضة وتكون البديل من انتخابات رئاسة الجمهورية. قرأنا كلاماً صدر في الصحف لصديقنا النائب محمد رعد الذي أعلن أنه من المفروض تشكيل حكومة كبديل من انتخابات الرئاسة، وهو يوحي بكلامه أن انتخابات الرئاسة ليست ضرورية ويمكن تأجيلها طالما لم يتم التفاهم على شخص الرئيس الجديد، بما معناه أن نؤجل انتخابات الرئاسة الى ما شاء الله، وعندها لا نعرف متى وبأي شروط ستتم».
وأضاف: «كلامي موجه الى كل الفئات اللبنانية ولا سيما المسيحية لأحذر من المنحى الذي أشار اليه نائب «حزب الله»، وهو موقف المعارضة الذي يرمي الى اعتبار موضوع الرئاسة مؤجلاً، فهذا موضوع خطير. فإذا أردنا إنقاذ البلد علينا استعادة دور المسيحيين والبدء بهذا الاستحقاق». وأضاف: «نطرح الحوار حول موضوع الاستحقاق الرئاسي ونعرف التوازنات في مجلس النواب وكيف تتم الانتخابات، هناك مجال واسع لنجلس حول الطاولة ونتحاور حول شخص الرئيس المقبل».
واستقبلت معوض كوسران، في منزلها في بعبدا، في حضور نواب الشمال: جواد بولس، سمير فرنجية، بطرس حرب والياس عطا الله. ووصف حرب اللقاء بأنه كان مناسبة للتداول في ما جرى خلال اجتماع سان كلو والنتائج التي حصدها هذا الاجتماع، وقد تكون أهم نتيجة حصدها الاجتماع ان اللبنانيين تمكنوا بفضل المبادرة الفرنسية من اعادة اطلاق الحوار في ما بينهم، لا يهم المستوى الذي يطلق عليه على صعيد الحوار، بل يهم ان الحوار انطلق من جديد، وان هناك أملاً يمكن أن نبني عليه لكي نستعيد الحوار بما يعود لمصلحة لبنان وحل المشاكل القائمة بين اللبنانيين...».
والتقى كوسران جنبلاط في دارته في كليمنصو. وعند السابعة مساء أمس اجتمع كوسران بوفد «حزب الله».
(الأخبار، وطنية)