فاتن الحاج
تدخل إلى قاعة مركز الدراسات العربية ودراسات الشرق الأوسط في الجامعة الأميركية هذه الأيام فتجد طلاباً أجانب منهمكين في مراجعة دروسهم. يتحاورون ويسألون باللغة العربية الفصحى أساتذتهم عن بعض المفردات، محاولين التزام عبارة «نتكلم العربية فقط» التي علّقها المركز على الأبواب وفي قاعات التدريس

يجتذب البرنامج الصيفي لتعليم اللغة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت المتابعين لقضايا الشرق الأوسط وأخباره ويستقطب رجال الأعمال المستثمرين الذين غالباً ما يكونون كباراً في السن. أما الذين يهتمون بدراسة الأدب العربي، فهم الأكثر تفوقاً، كما يؤكد الأستاذ في البرنامج بلال أورفلي، «لكنّ نصف تلامذتنا هذا الصيف هم من أصل لبناني ولديهم معارف وأصدقاء في لبنان ويريدون أن يحسنوا التواصل باللغة العربية»، يقول أورفلي.
إلاّ أنّ الأميركية من أصل يوناني فاسيليكي توهوليوتس (27 عاماً) أحبّت بيروت التي زارتها للمرة الأولى في الصيف الماضي، وعادت إليها هذا العام على رغم التجربة المخيفة، على حد تعبيرها. تعيش فاسيليكي في الولايات المتحدة الأميركية حيث تعدّ رسالة الماجستير حول الحرب الحديثة في جامعة «New school for social research». وبما أنّ فاسيليكي تختار الدول العربية نموذجاً لموضوع رسالتها، فهي لا تستطيع أن تبدأ أبحاثها قبل تعلم اللغة العربية الضرورية لقراءة المواد المتوافرة أكثريتها باللغة العربية. تحاول الفتاة الأميركية أن تعبّر عن نفسها «بالعربية» عبر تمرير مفردات: «مرحبا، شكراً، تشرفنا، ...».
من جهته، يفكّر الأميركي جايمس داغ بولنغ (28 عاماً) جدياً في متابعة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط في الجامعة الأميركية في بيروت، بعدما تخرّج عام 2001 من جامعة جورج تاون في العلوم السياسية. يهتم جايمس بدراسة العلاقات بين العائلات والقبائل في منطقة بلاد الشام (العراق، فلسطين، لبنان، ...). يقول جايمس ضاحكاً «إننا مجبرون على التحدث باللغة العربية في الصف والمركز، إلى درجة أشعر أن رأسي ممتلئ بالمفردات العربية».
ولأنّ نيك جامبرونو (23 عاماً) تخصص في الاقتصاد الدولي، كان لزاماً عليه أن يختار منطقة ليدرسها، فكانت الشرق الأوسط. يتحدث نيك اللغة العربية بطلاقة، بعدما بات في المستوى المتوسط للبرنامج، ويعتبر «أن لا بلد عربياً متنوع مثل لبنان».
ويشير إلى أنّه مهتم بالتعرف إلى بعض الموضوعات في صف اللغة العربية، كالمشاكل في لبنان، والزواج في لبنان، والفرق بين لبنان وأميركا في العادات والتقاليد...
من هنا، البرنامج لا يقتصر على تعليم اللغة فحسب، تقول المسؤولة في المركز عليا السعيدي، «إذ ننقل عبر مهارات القراءة والاستماع والمحادثة والكتابة»، الثقافة اللبنانية التي يطّلع عليها الطلاب من خلال نوادي الطبخ والفولكلور والشعر والموسيقى والصحافة والرحلات التي تأخذ طابع السياحة الثقافية. ويخصص البرنامج ساعتين يومياً للّهجة العاميّة. أما شروط الانتساب فقاسية، بحسب السعيدي، فقد اخترنا هذا العام 45 طالباً من أصل 150 طالباً، «والأولوية بالنسبة إلينا للطلاب الذين يتابعون دراسات شرق أوسطية». يذكر أنّ البرنامج يتضمن 6 مستويات وبإمكان الطالب أن يجمع في كل مستوى 9 أرصدة يستطيع أن يضيفها إلى اختصاصه في أي جامعة، لكون «كتاب تعليم العربية معتمداً في كل
العالم».