إبراهيم عوض
شاكر العبسي كان يخطط للقيام بعملية عسكرية ضد القوات الإسرائيلية في الجولان؟

حذرت مصادر فلسطينية على معرفة بهيكلية حركة «فتح الإسلام» وتركيبتها من «الخلايا النائمة» التابعة لها الموجودة خارج مخيم «نهر البارد» والتي اعتبرتها اخطر ممن في داخله، ورأت أن من الضروري أن تولي السلطات اللبنانية المعنية اهتماماً كبيراً بهذا الأمر مذكّرة بأن عدداً من العسكريين الذين غُدر بهم يوم الأحد قبل الماضي مع اندلاع الاشتباكات في طرابلس تمت تصفيتهم بالقرب من منطقتي القلمون والبلمند في الشمال، اللتين تبعدان عشرات الكليومترات عن مخيم «نهر البارد» وأثناء توجههم الى مراكزهم بعد انتهاء المأذونيات المعطاة لهم لزيارة أسرهم وعائلاتهم.
ورأت هذه الاوساط أن مَن ارتكبوا هذه الجرائم في وضح النهار وعلى قارعة الطريق، يتمتعون على ما يبدو بالقدرة على الحركة والاختفاء بلمح البصر لكونهم على دراية بطبيعة المكان الذي ارتكبوا فيه جريمتهم. ولم تستبعد أن يكونوا في معظمهم لبنانيين يتعاطفون مع الوسط السلفي المنغلق على نفسه والذي جعل من «نصرة أهل السنة والمستضعفين» شعاراً جهادياً له يتضمن ايضاً «قتال أعداء الله أينما كانوا».
وتوقفت المصادر الفلسطينية عند عملية توقيف القوى الأمنية للبناني أحمد م. في أحد الفنادق في الاشرفية الثلاثاء الماضي، حيث ذكرت المعلومات انه يمثّل حلقة الارتباط بين «فتح الإسلام» وتنظيم «القاعدة»، ولفتت الى أن هذا التوقيف والمنطقة التي تم فيها يكشفان بوضوح عن نمط جديد في أسلوب عمل هذا التنظيم ووجوده الذي لم يعد مقتصراً على مخيمات ومناطق محرومة وبائسة تنتمي الى طائفة معينة، مثل العديد من التنظيمات الشبيهة له، بل راح يشمل الشوارع الراقية حتى (المئتين والزاهرية في طرابلس) والفنادق الفخمة الواقعة في المعقل المسيحي وما يعني ذلك من امتلاكه تسهيلات مالية ضخمة و«شيكات على بياض»، الأمر الذي يجعل منه تنظيماً بـ «خمس نجوم».
وتقدر المصادر الفلسطينية عدد أفراد «فتح الإسلام» المتمركزين داخل المخيم بنحو اربعمئة مقاتل يتزعمهم شاكر العبسي الذي سبق أن سجن في سوريا لثلاث سنوات بتهمة تهريب أسلحة، مثلما تبيّن أنه كان ينوي القيام بعمليات عسكرية داخل الجولان ضد الاحتلال الاسرائيلي له.
وتوضح أن غالبية هؤلاء العناصر خليجيون بينهم سعوديون وإماراتيون، وهناك مجموعات من اليمن والمغرب العربي بالإضافة الى بعض اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين، مع الاشارة الى ان القسم الاكبر منهم متأهل وزوجاتهم منقبات لا يتعاطين مع من هن خارج محيطهن كحال أزواجهن الذين يقضون حوائجهم بالكتمان بعد ان اختاروا اطراف المخيم مقراً لهم بعيداً عن قاطنيه.
وإزاء التساؤلات التي اثيرت حول كيفية دخول المجموعة الى مخيم «نهر البارد» وتمددها داخله ونجاحها في الاستيلاء على عدد كبير من مراكز «فتح الانتفاضة» ومخازن الاسلحة التابعة لها، تقول المصادر الفلسطينية المطلعة إن شاكر العبسي ومجموعته التي لم يكن عددها يتجاوز ثلاثين عنصراً، دخلا المخيم أواخر العام الماضي بصفتهما تابعين لـ «فتح الانتفاضة» ثم ما لبثا أن انشقّا عنها بعدما انضم اليهما عدد كبير من الأنصار من جنسيات مختلفة اغراهم العبسي بالمال وتوفير الملاذ الآمن لهم، خصوصاً لمن هم ملاحقون في الدول التي ينتمون إليها.
وكشفت هذه المصادر أنه بتاريخ 27/11/2006 قام العبسي وفريقه بـ «انقلاب أبيض» على «فتح الانتفاضة» تمكّنا خلاله من الاستيلاء على مراكزها ومخازن الاسلحة العائدة لها والتي كانا يقومان اصلاً بحراستها. وأفادت بأن هذه المخازن تحوي اسلحة متوسطة وثقيلة وخفيفة من مخلفات عام 1983. كذلك هناك كمية كبيرة من الذخيرة والمتفجرات والقنابل اليدوية والانيرغا والـM5، وهذه الاخيرة متوافرة بكثرة.
وفيما ذكرت مصادر عسكرية لبنانية أن «فتح الإسلام» تستخدم مدافع الهاون والدوشكا والاسلحة الفردية والمتوسطة في اعتداءاتها على الجيش، أشارت المصادر الفلسطينية المطلعة إلى أن مستودعات الاسلحة التي بحوزة الحركة تمكنها من القتال فترة طويلة، خصوصاً أنها تخوض ما يشبه «حرب العصابات» التي لا تحتاج الى كثافة نيران من الاسلحة الثقيلة، وهي تستغل تروّي الجيش في عدم دخول المخيم وحرصه على عدم إلحاق الأذى بالمدنيين فتعمد إلى الاختباء داخل الأزقة وبين المنازل والاكواخ لظنّها أنها الاكثر أماناً حتى إشعار آخر.
وإزاء هذا المشهد المضطرب المفتوح على جميع الاحتمالات، شبّه مسؤول عسكري لبناني كبير سابق وضع الجيش على مشارف مخيم «نهر البارد» بالصياد الذي علقت السمكة في صنارته وظل ممسكاً بها من دون أن يخرجها من البحر متحيناً الفرصة لذلك...