إبراهيم عوض
رسم الرئيس عمر كرامي صورة قاتمة لمسار الأوضاع في لبنان وما يخطط له للمرحلة المقبلة. وأعرب أمام الوفود التي زارته في طرابلس لمناسبة الذكرى العشرين لاستشهاد شقيقه الرئيس رشيد كرامي عن خشيته من أن يؤدي «الجرح المفتوح» وتصاعد التجاذبات إلى التقسيم.
وحمّل كرامي فريق السلطة والأكثرية «مسؤولية ما يلحق لبنان من أذى نتيجة لعناده وتهوّره ومضيّه في دفع الأمور نحو المزيد من الاضطراب». وفيما أكد حرصه على كرامة الجيش وهيبته وحقوق المدنيين داخل مخيم نهر البارد، إلا أنه تحدث بمرارة عن ارتفاع عدد الشهداء في صفوف الجيش وما يعانيه الفلسطينيون داخل المخيم، وكذلك الحال المأساوية التي يعيشها من غادره ولجأ إلى مخيم البداوي. وأشار إلى أنه سمع من ممثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عباس زكي ما تقشعر له الأبدان، إذ قال له إن أكثر من عشرين ألف فلسطيني نزحوا من المخيم، الكثير منهم لم يجد له مأوى، فيما توزَّع الآلاف من اللاجئين على قاعات يتقاسم الواحدة منها المئات بينهم الشيوخ والرجال والنساء والفتيان والفتيات والأطفال.
وأبلغ زكي كرامي أن أكثر ما يقلقه هو تفشي الأمراض المعدية بينهم، وخصوصاً بعد ظهور إصابات بالجرب وغيره.
وأبدى كرامي اهتماماً بما نشر في بعض وسائل الإعلام عن التحقيقات الجارية مع موقوفين من عناصر «فتح الإسلام»، وما ذكر عن وجود مخطط لديهم للقيام بعمل إرهابي كبير في طرابلس، وتساءل عن ماهيته، مشيراً إلى أن «سلوك هذه المجموعة يدل على أن بإمكانها ارتكاب الفظائع».
وسئل كرامي عن رأيه في موقف الرئيس نبيه بري من دعوة فريق 14 آذار إلى معاودة الحوار، وربطه هذا الأمر باستقالة الرئيس فؤاد السنيورة، فأثنى على كلام رئيس البرلمان، لافتاً إلى أنه والأخير لديهما الرؤية نفسها لجهة التخوف من شبح التقسيم، مؤكداً أن الرئيس بري «لم يكن ليعمد إلى اتخاذ مثل هذا الموقف لو لم يكن عالماً بـ«البير وغطاه» ومدركاً لنيات فريق 14 آذار».
وحيا كرامي رئيس المجلس الذي اتصل به صباح الجمعة الماضي في ذكرى اغتيال شقيقه، معلناً امتناعه عن استقبال الزوار في هذه المناسبة، كما ذكّر برفضه طلب الدكتور سمير جعجع المجيء إلى عين التينة لتهنئته بعيد الفطر الماضي، «خلافاً لما فعله مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني الذي فتح باب دارته أمام جعجع صبيحة يوم العيد». وكشف أن قباني حاول الاتصال به أكثر من مرة، إلا أنه امتنع عن الرد عليه، مبلغاً المتصل أن «عليه أن يهاتف جعجع».
ورأى الرئيس كرامي «أن تصرفات السلطة والأكثرية تظهر أنهما ماضيتان في عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية دون مراعاة أكثرية الثلثين، وقد بدأتا تعدّان العدة لذلك متسلحتين بالموقف الدولي الذي يدعم حكومة السنيورة، كما لم يفعل مع أي حكومة لبنانية من قبل، وكذلك سيره بموضوع المحكمة الدولية من دون أن يكترث لتفاهم اللبنانيين عليها أو للأصول الدستورية المتعلقة بها». وتوقع «في حال انتخاب رئيس للجمهورية كما تشتهي الأكثرية أن تسارع الولايات المتحدة وغيرها من الدول الفاعلة إلى الاعتراف به، تماماً كما هو حاصل اليوم مع حكومة السنيورة»، ونبه إلى أن «البند الأول على جدول أعمال «حكم الأمر الواقع الجديد»، نزع سلاح المقاومة»، موضحاً أنه تباحث في هذا الموضوع مع وفد «حزب الله» حين زاره في بيروت الأسبوع الماضي، مكرراً ما أورده في الكلمة التي ألقاها يوم الجمعة من أن «الأول من حزيران هذا العام له معنى خاص، كأنما التاريخ يعيد نفسه.. فها هي المؤامرة على وحدة لبنان التي استهدفت الرشيد قبل 20 عاماً تطل برأسها من جديد بأدواتها السابقة».