وفاء عواد
نوّاب عكار يأسفون ويحمّلون سوريا المسؤولية عن خطوة زميلهم «العلوي»

«على خلفية ما يتعرّض له الجيش من اعتداءات»، وفي ظلّ ما يتعرّض له لبنان من «مخاطر تهدّد وجوده»، فجّر نائب عكار مصطفى حسين قنبلة سياسية من العيار الثقيل، بإعلان حياده عن كتلة 14 آذار النيابية، مرفقاً بالدعوة الى «قيام كتلة برلمانية مستقلّة» من أجل «تفعيل العمل البرلماني والكتل السياسية».
وفي مقابل هذا الإعلان «غير المفاجئ» بالنسبة لهم، أبدى نواب عكار الآخرون أسفهم لقرار زميلهم، عازين السبب الى «الظروف الخاصة، والضغوط التي أحاطت به منذ شهر».
وكان حسين قد أعلن، في مؤتمر صحافي عقده في بلدته تل عباس الشرقي العكّارية أمس، عدم اصطفافه الى جانب كتلة 14 آذار النيابية، مستهلًّا كلامه باستنكار ما تعرّض له الجيش من اعتداءات «آثمة وغادرة»، في ظلّ حاجة اللبنانيين الى «التئام الجرح، في وجه المخاطر التي تحيق بلبنان، شعباً وكياناً ودولة وهوية وعروبة».
ومستذكراً الجموع الغفيرة التي نزلت في 14 آذار لتهتف بمحاسبة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتي «كانت تحلم بلبنان وطناً يتجاوز المحسوبيات والزعامات والمحاصصات الطائفية لأمراء الحرب الأهلية»، لفت الى أنه كان من بين المطالبين بـ«أن تكون المحكمة لبنانية، أو مشتركة ذات طابع دولي»، ليطلّ على واقع ما بعد إقرار هذه المحكمة، مثلما يراه: «ليس في مصلحة أحد في لبنان أن يكون السيف الأميركي مصلتاً على رأسه».
وبناءً على ما تقدّم، إضافة الى كونه نائباً عن منطقة «لا تحصد شيئاً مقابل كل ما تقدّمه، غير الوعود، لأنها خارج لبنان إنمائياً»، ختم بالقول: «لم أكن محسوباً إلا على انتمائي اللبناني العربي، ولا أصطفّ الى جانب كتلة الرابع عشر من آذار»، واعداً بالقيام بواجباته «تجاه عكار المحرومة، وتجاه لبنان الذي تضربه رياح التجاذبات الدولية».
وفور سماعهم تفاصيل مؤتمر حسين، سارع نواب عكار: مصطفى هاشم، هادي حبيش، رياض رحّال، عزام دندشي، محمود المراد وعبد الله حنا، الى عقد اجتماع أبدوا خلاله أسفهم لقرار زميلهم، وعزوا السبب الى «الظروف الخاصة والضغوط التي أحاطت به منذ أشهر»، مؤكدين «استحالة» الفصل أو الحياد بين التيار و14 آذار.
ومستغربين ظروف انعقاد المؤتمر وتوقيته، مع الغمز من قناة «جهات ترعاه»، فضّلوا أن يتركوا لزميلهم «حرية الاختيار، ومعالجة أشكال الضغوط التي تعرّض لها، وتحديد الطرق التي يراها لحماية نفسه وأفراد عائلته».
وفي معزل عن بيان نوّاب عكار الذي اكتنفه الغموض إزاء إشارتهم إلى «الضغوط» التي أجبرت زميلهم على اتخاذ قراره، لم يتردّد رحّال أثناء حديثه لـ «الأخبار» في توجيه الاتهام لسوريا، إذ إن حسين «علوي وعقله في سوريا»، مشيراً الى ضرورة طرح السؤال على بعض قادة المعارضة.
بدوره، وضع هاشم خطوة «أحد مؤسّسي تيار المستقبل في الشمال، منذ عام 1999» في خانة «المحاولات الهادفة الى تصفية القناعات واغتيالها»، إذ إن حسين «تعرّض لضغوط مرتبطة بانتمائه المذهبي، وحتى للإهانات»، غامزاً من قناة توقيت الإعلان «الهادف الى زيادة الضغوط على تيار المستقبل».
وإذ رأى حبيش أن تأثير استقالة نائب عكار «معنوي بحت»، لافتاً الى «حضور فعاليات من المعارضة، وخصوصاً من حزب البعث» في مؤتمر حسين، فضّل دندشي عدم التعليق على هذا الأمر، تاركاً بذلك الباب مفتوحاً من جهتهم أمام ما يكتنف موضوع «حياد» نائب عكار عن 14 آذار، توقيتاً ومضموناً، من أسئلة مرهونة بإجابات قد تكشف حقائق طمسها الاختصار في البيانات الرسمية.
«أنا اتخذت خطوتي عن قناعة تامّة»، بهذه العبارة استهلّ النائب حسين الذي قرّر أن يصنّف نفسه في خانة «النواب المستقلين»، ابتداءً من أمس، ردّه على أسئلة «الأخبار»، وأضاف: «أنا كتير منيح»، نافياً كل ما يشاع عن «ضغوط وظروف خاصة» دفعته الى اتخاذ قراره، إذ إن هذه الأعذار «لا تُنسب لنائب».
ومستغرباً التناقض الذي عبّر عنه نوّاب عكّار في بيانهم، بعد إعلانهم و«كأنني خرجت من تيار المستقبل»، لا يتردّد في القول: «على كل حال، لا مشكلة»، و«أنا أفتخر بعلويتي، وبأبناء طائفتي الموجودين في سوريا»، مكتفياً بردّ كرة الربط بين قراره وسوريا الى ملعب «من كانوا دوماً يلتقون الضبّاط السوريين».
وفي مقابل نفيه ما أشيع عن وجود معارضين خلال انعقاد مؤتمره الصحافي، لم يتردّد في الإشارة الى أن كثراً من الحزبيين، بمن فيهم «البعثيون»، هنّأوه بعد المؤتمر على خطوته «الجريئة» في هذه الظروف الصعبة.
وإذ استبق أي اتهام قد يوجّه إليه، لاحقاً، بالقول: «لم أعرقل لهم أي مشروع، فعكار ليست على خريطة الإنماء»، ختم النائب «المستقلّ» كلامه واعداً بـ«التعاون مع جميع النوّاب، بمن فيهم المعارضون».