نهر البارد ـ نزيه الصديق
ساهمت المتغيّرات العسكرية المهمّة التي أنجزها الجيش اللبناني على أرض مخيم نهر البارد خلال اليومين الماضيين، في قطعه خطوات جادّة نحو الإطباق الكامل على مسلحي تنظيم «فتح الإسلام»، بعدما بسط سيطرته على عدد من المواقع العسكرية الحسّاسة للحركة، وتشتّت عناصرها.
وعمل الجيش خلال الساعات الماضية على تنظيف الأماكن من المتفجرات والعبوات الناسفة، بعدما استطاع فتح طريق ساحلي ضيق أمام جنوده باتجاه معاقل الحركة، وتحديداً في مركز صامد وتجمّع مدارس الأونروا، إضافةً الى وضع يده على مبنى الوحش القريب من استراحة النورس؛ كما استطاع الجيش التقدم في اتجاه ملعب كرة القدم الذي يبعد خمسين متراً عن موقع صامد، أهم معاقل هذا التنظيم، وأكمل تمشيط المباني وتفكيك العبوات في داخلها، وهو ما قلّص كثيراً من قدرة المسلحين على ممارسة عمليات القنص التي كانت تعوق تقدم الجيش، إضافةً الى دفع المسلحين نتيجة الضغط باتجاه حدود المخيم القديم وحصرهم داخل مربع معين فيه، الأمر الذي يعني شلّ حركتهم بنسبة كبيرة.
وكان يوم أمس قد شهد قصفاً واشتباكات متقطّعة، عند المحاور التقليدية التي لا يزال القتال يدور فيها، مع بروز تغيير لافت لمواقع الجيش اللبناني عند تخوم المخيم، وذلك من خلال رصد تحرك أكثر من آلية للجيش باتجاه التخوم الغربية الشمالية من المخيم، وبعد اكتشاف دهاليز ومخابئ وذخيرة في موقع خالد الوحش.
وعلى الرغم من ارتفاع حدّة عمليات القصف بعد عصر أمس، التي شاركت فيها قرابة السادسة طوافة عسكرية من طراز «غازيل» عبر إطلاق صاروخ في اتجاه أحد مواقع «فتح الإسلام»، فإن ذلك لم يمنع من نزوح أكثر من 50 شخصاً أمس من المعبر الجنوبي للمخيم، جُلّهم من النساء والأطفال، فيما قام الجيش بالتدقيق في هويات النازحين، وخصوصاً الشباب منهم.
ومع ترافق الحديث عن مقتل أو فرار او استسلام عدد كبير من المسلحين الى الجيش اللبناني، من دون إعطاء أرقام محدّدة عنهم، تحدّثت معلومات من داخل المخيم عن أن ما لا يقل عن 40 مسلحاً في صفوف الحركة قد سقطوا أثناء الاشتباكات في الأيام الأخيرة، وأن عدد الجرحى فيهم لا يقل عن 100 مسلح.
كما أعلن الجيش أمس اكتشافه مستودعاً كبيراً للمتفجرات تابعاً لحركة «فتح الإسلام». وقال الجيش، في بيان له إن وحدات الجيش تمكّنت من ضبط مخزن كبير للمتفجرات «ما يدلّ على أهداف هذه العصابة الإرهابية ومآربها الهدّامة». وأعلنت قيادة الجيش عن «العزم والإصرار على مكافحة الإرهاب، واستئصاله من جذوره أنّى وُجد». وعاهدت اللبنانيين «بذل أقصى التضحيات وتقديم الدماء من دون حساب صوناً لوحدة الوطن وسيادته وكرامة أبنائه».
إضافةً الى ذلك، فإن الأنظار لا تزال موجّهة الى الدكتور عمر أبو مرسي، وهو الطبيب الخاص بالحركة، والوحيد الذي بقي في المخيم بعد اندلاع الاشتباكات، وذلك بعدما سلّم نفسه الى حركة فتح داخل المخيم، من أجل التحقيق معه ومعرفة حقيقة الأوضاع الصحية لقائد الحركة شاكر العبسي والمسؤول الآخر فيها شهاب قدور «أبو هريرة»، بعدما تحدّثت معلومات عن أنهما قُتلا أو أنهما أُصيبا إصابات بالغة، إضافةً الى معرفة العدد الحقيقي لقتلى الحركة وجرحاها الذين عاينهم ابو مرسي.

الحاج

على صعيد آخر، أشار عضو «رابطة علماء فلسطين» الشيخ محمد الحاج إلى أن «الاتصالات بلغت مرحلة متقدمة، وأن هناك تفاهماً بين الجيش والفصائل الفلسطينية من أجل إيجاد مربع آمن للمدنيين داخل المخيم، وأن تقوم قوة فلسطينية مؤقتاً بحمايته، وتمنع مسلحي الحركة من دخوله حتى لا يستهدفه الجيش بالقصف».
تشييع الشهيد إلياس
ودّعت بلدة حردين قضاء البترون، ابنها الرقيب الشهيد جان جرجس الياس خلال مأتم رسمي وشعبي وترأس الصلاة لراحة نفسه راعي ابرشية البترون المارونية المطران بولس اميل سعادة في كنيسة مارشينا الرعائية في حردين. وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى المطران سعادة كلمة عدّد فيها صفات الشهيد ومزاياه. وفي نهاية الصلاة، ألقى العقيد أنطوان أبي سمرا كلمة قائد الجيش العماد ميشال سليمان وجاء فيها: «اعلمْ أيها الشهيد أن جيشك لن ينساك فهو الأب الرؤوف الذي قدم أبناءه الواحد تلو الآخر ليبقى لبنان سيد نفسه، حراً مستقلاً موحداً بأرضه وأبنائه، ولتطمئنّ روحك الشامخة في عالم الخلود بأن الجيش سيبقى أميناً على دماء شهدائه ولن يهدأ له بال قبل توقيف القتلة المجرمين وسوقهم الى العدالة».