strong>وزيـــر الإعــــلام الســـوري يحـــمّل {بقـــايا جيـــش لحـــد} مســـؤولية التفـــجير
نظّمت إسبانيا أمس مراسم تشييع رسمية لجنودها الستة العاملين في إطار اليونيفيل، الذين سقطوا في اعتداء استهدف آليتهم في الوقت الذي قرر فيه القضاء الإسباني فتح تحقيق في الاعتداء.
وفتح فرناندو غراندي مارلاسكا قاضي التحقيق في المحكمة الوطنية، أعلى هيئة قضائية جزائية إسبانية، أمس تحقيقاً في التفجير عملاً بمبدأ القضاء الكوني الذي تقرّ به القوانين الإسبانية ويتيح خصوصاً ملاحقة أشخاص اغتالوا مواطنين إسبانيين في الخارج. ولدواعي التحقيق، منع القاضي إحراق جثامين الجنود الستة، وطلب من وزارتي الخارجية والدفاع الإسبانيتين رفع تقارير عن ظروف الاعتداء، وهو الأول الذي تتعرض له القوة الدولية منذ عدوان تموز 2006.
وأقيمت للجنود مراسم تشييع رسمية دينية وعسكرية تقدّمها ولي العهد الأمير فيليبي. وبدأت المراسم بُعيد الساعة 12.30 بحضور رئيس الحكومة خوسيه لويس ثاباتيرو في ساحة السلاح داخل الثكنة الرئيسية في استورياس في باراكويلوس دل خاراما قرب مدريد.
وبدأت المراسم العسكرية بمسيرة جنائزية حمل خلالها جنود إسبان نعوش الجنود الستة المغطاة بالعلم الإسباني باتجاه منصة علاها غطاء أحمر.
وجرت مراسم التشييع التي استمرت أكثر من ساعة باتّباع بروتوكول ديني وعسكري حيث لم يتحدث خلالها سوى مطران الجيوش المونسنيور فرانشيسكو بيريز.
وقال المطران أمام نصب حديث يمثل مسلّة وضعت عند أقدامها لوحة كبيرة من الرخام تحمل بأحرف مذهّبة عبارة «المجد لمن وهبوا حياتهم في سبيل إسبانيا»، إن هؤلاء المظليين «الذين نزلوا مراراً من السماء صعدوا الآن اليها».
وقبيل بدء مراسم التشييع، عانق الأمير فيليبي بالزي العسكري وزوجته ليتيسيا أفراد عائلات العسكريين الستة، وقدّموا إليهم التعازي. ورأس ولي العهد الأمير فيليبي المراسم بوصفه قائد جيش البر في غياب والده الملك خوان كارلوس الذي يقوم بزيارة للصين. وإضافة إلى ثاباتيرو حضر المراسم ثمانية وزراء في الحكومة الإسبانية كما حضرها أبرز القادة العسكريين وزعيم المعارضة الإسبانية مارينو راجوي الذي انتقد أول من أمس مستوى الأمن المتوافر للجنود الإسبان المنتشرين في لبنان. وعزفت موسيقى جنائزية فيما سار جنود بخطى بطيئة رافعين جثامين رفاقهم الملفوفة بالعلم الإسباني. ومنح ولي العهد الجنود القتلى ميدالية الاستحقاق العسكري.
وأعلنت الحكومة الإسبانية الثلاثاء يوم حداد وطني على شرف الجنود القتلى الذين كانت جثامينهم قد وصلت جواً ليل الاثنين ـــــ الثلاثاء الى قاعدة «توريخون دي اردوز» الجوية قرب مدريد.
وأكد وزير الدفاع خوسي انطونيو الونسو أن أمن المدرعات الإسبانية العاملة في لبنان سيتم تعزيزه من خلال تجهيزها بـ«موانع» تمنع تفجير عبوات عن بعد قرب العربات. وكان وجود مثل هذا الجهاز في الآلية المدرعة الإسبانية التي استُهدفت الأحد، من شأنه تفادي التفجير الذي تم عن بُعد.
وفي لبنان دهمت قوة مؤللة، مؤلفة من ثماني عربات مدرعة، تابعة للكتيبتين الإسبانية والهندية العاملتين في إطار «اليونيفيل»، بمؤازرة قوة من الجيش اللبناني، بلدة الفرديس في منطقة العرقوب، بعد اشتباه دورية إسبانية بسيارة «هوندا أكورد» رصاصية اللون، على طريق عام مرجعيون ـــــ حاصبيا، فيها أمتعة عسكرية ولباس عربي (حطة وعقال). ليتبين لاحقاً أنه عسكري في صفوف الجيش اللبناني، وأن اللباس العربي عائد إلى والده المزارع، الذي كان قد أنزله قبل وقت قصير قرب البستان.
من ناحية ثانية، لا تزال القوى الأمنية والجيش وقوات «اليونيفيل»، تفرض طوقاً حول المكان الذي استُهدفت فيه الكتيبة الاسبانية، بغية استكمال التحقيقات، حيث باتت المنطقة معزولة أمنياً ويُمنع الاقتراب منها. وبقيت قوات الطوارئ في حالة تأهب قصوى داخل مواقعها في منطقة مرجعيون. وشوهد الجنود الدوليون يرتدون السترات الواقية ويعتمرون الخوذ الفولاذية، فيما خففت القوات الدولية من دورياتها والتزمت مواقعها بحذر شديد. وأظهرت التحاليل وفحص الحمض النووي للأشلاء التي تناثرت من قتلى جنود الكتيبة الإسبانية أنها تعود إليهم، بعدما جمعت من محيط مكان الانفجار.
الى ذلك، أرخت تداعيات الوضع الأمني بثقلها على سكان المنطقة، إذ أصابهم الهلع بعد دوي انفجار كبير ظهر أمس، سمعت أصداؤه في مختلف قرى وبلدات القطاع الشرقي، وهرعت الأجهزة الأمنية وتكثفت الاتصالات لمعرفة مكان الانفجار، ليتبين فيما بعد أنه ناجم عن تفجير في إحدى الكسارات، حيث لم يأخذ صاحبها إذناً للقيام بالتفجير مما أوقع الرعب في قلوب الأهالي.
وتواصلت أمس ردود الفعل الدولية والعربية واللبنانية على الاعتداء، فأدانته الصين بشدة، ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشين قانغ قوله خلال مؤتمر صحافي «إن الصين تشعر بالصدمة إزاء الهجوم الانتحاري بسيارة مفخخة على قوات الأمم المتحدة وتدين بشدة هذا العمل الإرهابي». وأعرب عن أمله في أن تتمكّن الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية من العثور على المجرمين ومعاقبتهم بأسرع ما يمكن، ودعا الناطق الى تحسين حماية قوات الأمن وقوات حفظ السلام الدولية.
وفي سوريا، حمّّل وزير الإعلام محسن بلال بقايا جيش لحد في الجنوب اللبناني مسؤولية التفجير. وقال بلال لـ«يونايتد برس انترناشونال» أمس «هناك في تلك المنطقة جماعة إسرائيل من بقايا جيش لبنان الجنوبي المعروف بجيش لحد وهؤلاء كانوا قد نالوا عفواً لدى انتصار المقاومة».
وأشار إلى أن «جزءاً من هذا الجيش هرب مع لحد لدى انتصار المقاومة عام 2000، حين فرّت إسرائيل وعملاؤها مما كان يعرف بالحزام الأمني، بينما بقي جزء آخر في الجنوب، وهو الجيش ذاته الذي كان يتسلّم رواتبه من إسرائيل». وشدّد بلال على أن «مرجعية هؤلاء إسرائيلية ولهم أصدقاء في لبنان» لم يسمّهم، في إشارة غير مباشرة إلى قوى الأكثرية النيابية أو بعض الأطراف فيها. وأكد بلال أن «سوريا وقواتها وعناصرها لم يكن لها وجود تاريخياً في تلك المنطقة لا عام 1976 أو 1977 ولا في أي تاريخ آخر خلال الوجود السوري في لبنان». وقال بلال إن «المجرمين الحقيقيين هم الأدوات الإسرائيلية في جنوب لبنان وهم يأملون بهذه الضربة للقوة الاسبانية توجيه الاتهام إلى دمشق مع علمهم المسبّق بمتانة العلاقة السورية الإسبانية». وأضاف بلال إن «أي منطقي أو عاقل وموضوعي يعرف أن هذه محاولة قذرة لضرب العلاقة بين سوريا واسبانيا». وقال إن «ردّ الفعل الإسباني كان متوازناً، الأمر الذي بدا واضحاً من خلال الصحف الإسبانية التي أشارت إلى تعزية سوريا وإدانتها للحادث إضافة إلى استنكار حزب الله للجريمة».
(الأخبار، وطنية، رويترز،
أ ف ب، د ب أ، يو بي آي)