strong>حسن عليق
ادّعى القضاء اللبناني على موقوف بجرم «التخابر مع دولة أجنبية» بعد التحقيق معه لدى اثنتين من قطعات قوى الأمن الداخلي، حيث اعترف بعمله لحساب الاستخبارات الأردنية التي كلّفته تنفيذ مهمات استعلامية في لبنان وسوريا، لكنه تراجع لاحقاً عن اعترافاته وأُطلق سراحه

في اثنتين من قطعات قوى الأمن الداخلي، اعترف الموقوف بعمله لحساب الاستخبارات الأردنية، فادّعى القضاء العسكري عليه بجرم التخابر مع دولة أجنبية، وأحاله على فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي للتوسع بالتحقيق. لكن، بالتحقيق مع الموقوف لدى فرع المعلومات، تراجع عن إفادته التي تتحدّث عن عمله لحساب الاستخبارات الأردنية.
فبتاريخ 9/6/2007 أوقفت دورية من قوى الأمن الداخلي شاباً أردنياً يدعى أسامة جهاد ص. رهن التحقيق (نشرت «الأخبار» في عددها الصادر يوم الاثنين 11 حزيران 2007 خبر توقيفه) للاشتباه فيه أمنياً. وبالتحقيق معه اعترف بعمله لحساب جهاز المخابرات الأردنية الذي كلّفه تحصيل معلومات عن أشخاص لهم علاقة بالمخابرات السورية في لبنان وسوريا، وآخرين «مطلوبين».
وفي تفاصيل عمل أسامة مع المخابرات الأردنية، علمت «الأخبار» أنه كان يغادر بلاده متوجهاً إلى سوريا فلبنان برّاً بشكل شرعي مرة كل شهر، وذلك على مدى السنوات الثلاث الماضية. ونهاية العام الفائت، وأثناء مغادرته الأراضي الأردنية قاصداً سوريا، جنّده نقيب في جهاز الاستخبارات الأردنية للعمل لحساب الجهاز المذكور، وعيّن له أشخاصاً محدّدين في سوريا لتحصيل معلومات عنهم، لأن السلطات الأردنية تشتبه في وجود علاقة لهم بالمنظمات التي تصنّفها إرهابية. ومن بين هؤلاء الأشخاص، استطاع أسامة جمع معلومات عن شخص سوري من مدينة حلب، فأفاد الاستخبارات الأردنية أن هذا الشخص يملك معلومات عن مراكز عسكرية وأمنية في الأردن، وعن احتمال تعرّض بعض الأماكن في عمان لهجمات إرهابية، وعن شاحنات سلاح تنقل من العراق إلى الأردن ثم سوريا ومنها إلى لبنان.
كذلك، طلب من أسامة جمع معلومات عن معابر التهريب بين سوريا ولبنان، فاستطاع تحديد عدد منها. وكانت القوى الأمنية قد ضبطت لدى التدقيق في الأغراض الشخصية للموقوف أوراقاً عدة كُتبت عليها أسماء قرى لبنانية شمالية وأخرى سورية تحاذيها.
وكان أسامة يتصل بالاستخبارات الأردنية هاتفياً من لبنان، كما أنه أبلغ ضابطاً في الاستخبارات الأردنية يعمل في السفارة الأردنية في لبنان ببعض المعلومات مرة واحدة فقط.
وبمراجعة كيفية حصول عملية التوقيف، تبين أنها جرت عن طريق الصدفة. فقد علمت «الأخبار» أن شاباً لبنانياً يدعى اسماعيل ن. كان ماراً بسيارته على الطريق المؤدية من المشرفية إلى الحازمية، وبمروره بين كنيسة مار مخايل وتقاطع غاليري سمعان، أومأت إليه فتاة فتوقف بقربها. وعندما صعدت إلى السيارة تنبّه إلى أنها رجل (أسامة) تطغى عليه الملامح الأنثوية. فسأله اسماعيل: «هل أنت مثليّ؟»، فرد بالإيجاب، مما دفع اسماعيل الى الطلب من أسامة النزول من السيارة. وبعد نزوله، صوّر أسامة لوحة السيارة بواسطة هاتفه، فعاد الأخير وسأله عن سبب التصوير محاولاً انتزاع الهاتف منه، فضربه أسامة برأسه على أنفه، وهرب بباص أجرة كان يمر بالمحلة باتجاه مستديرة الصياد. عندئذ طلب اسماعيل رقم النجدة، فطُلب منه الإمساك بالمشتبه فيه ريثما تصل الدورية الى المكان. لاحقه اسماعيل بسيارته الى أن وصل الى المستديرة حيث اختبأ أسامة خلف سيارة أجرة، فترجل اسماعيل وطلب من الأشخاص الموجودين في المكان إمساكه. وبعد وصول الدورية، نقلت الاثنين إلى مخفر الحدث وجرى استجوابهما في شأن الحادثة.
من جهة أخرى، علمت «الأخبار» أن الموقوف الأردني صرّح أنه لحظة حصول الخلاف مع إسماعيل، كان متجهاً الى السفارة الأردنية في بعبدا للتبليغ عن فقدانه هويته الأردنية. كما أنه لم ينكر ما جرى في تسلسل مجريات الخلاف، بل قال إن سائق السيارة (إسماعيل) ألحّ عليه بالصعود الى سيارته لاعتقاده بأنه فتاة وأن اسماعيل طلب ممارسة الجنس معه، وعندما رفض تضاربا. كما نفى أسامة أن يكون قد عمد الى تصوير لوحة السيارة. أوقف أسامة بناءً على إشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد، الذي طلب التوسع معه بالتحقيق لدى مفرزة استقصاء جبل لبنان.
حقّقَ مع أسامة من جديد، فأصرّ على القول إنه يعمل لحساب الاستخبارات الأردنية، فادعى القضاء العسكري عليه بجرم «التخابر مع دولة أجنبية» وأحاله على فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي للتوسع بالتحقيق. وفي الفرع المذكور، تراجع أسامة عن أقواله بخصوص علاقته بالاستخبارات الأردنية، وكرّر إفادته الأخيرة أمام قاضي التحقيق العسكري، فأُخلي سبيله.