وفيق قانصوه
بقي موضوع عودة الوزراء المستقيلين الى تصريف أعمال وزاراتهم موضع بحث أمس، خصوصاً لدى «حزب الله» الذي «لم يتخذ قراراً نهائياً»، بحسب مصادر في الحزب شددت على أن «الأولوية في هذا الشأن هي انه لا تنازل في موضوع الاستقالة، وأن التركيز هو على الجانب الدستوري لهذه الخطوة»، مؤكدة ان أي قرار في هذا الشأن «هو موضع بحث مع الحلفاء».
واستغربت المصادر تحميل الموضوع أكثر مما يحتمل، مشيرة الى أن بعض الوزراء «لم ينقطع أصلاً عن تصريف الأعمال، كما هي الحال بالنسبة الى وزير الصحة محمد جواد خليفة الذي واظب منذ استقالة الوزراء على متابعة توقيع المعاملات الادارية خصوصاً تلك المتعلقة بتيسير أمور الناس، وهو ما أثار حفيظة النائب وليد جنبلاط الذي أشار أكثر من مرة الى ذلك، في معرض الهجوم على المعارضة».
الى ذلك، اعتبرت مصادر في المعارضة أن عودة الوزراء المستقيلين الى تصريف أعمال وزاراتهم «هجوم على الحكومة غير الشرعية، لا تراجعاً أمامها»، ووصفت هذه الخطوة بأنها «عملية مخاصمة ومقاسمة» داخل الحكومة، و«انتزاع لوزارات يسرح الفريق الحاكم ويمرح فيها تعييناً واستبعاداً». وأوضحت أن «الفريق الحاكم استباح منذ 11 تشرين الثاني الماضي الدولة عزلاً لطائفة بكاملها عن كثير من المراكز»، مشيرة الى وزارة الأشغال، مثلاً، حيث «استبعد كل الموظفين المحسوبين على المعارضة، وتحديداً على الطائفة الشيعية، عن مواقع القرار، ولا يوجد اليوم أي توقيع شيعي على أي قرار يتخذ في الوزارة». كما لفتت الى استثناء الشيعة من مواقع الفئة الأولى بالتكليف، خصوصاً في وزارات الاقتصاد والداخلية والشؤون الاجتماعية.
أما على مستوى المشاريع، فأشارت المصادر الى أن مجلس الانماء والاعمار يدرس مشاريع للتنفيذ تفوق كلفتها الـ 300 مليون دولار (طرق ومدارس ومياه وكهرباء)، ولا يشمل أي منها مناطق الجنوب والضاحية وبعلبك ــ الهرمل، وكلها محصورة في الشمال، وخصوصاً في المناطق الخاضعة لنفوذ تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، متسائلة: «ما هو مصدر هذه الأموال، وهل هي أموال المساعدات المقررة للمتضررين من العدوان الاسرائيلي؟».
وفي هذا السياق، لفتت المصادر الى تحذير المجلس الشيعي أمس من «التمادي في عقد جلسات تحت عنوان ما يسمى مجلس الوزراء في ظل استمرار غياب طائفة بأكملها، واللجوء إلى اتخاذ إجراءات تؤدي إلى تمرير صفقات وتعيينات لبعض المحاسيب تخالف الدستور». كما لفتت الى دعوة المجلس إلى «تكثيف التحقيقات وكشف الفاعلين في كل الجرائم، والإسراع في معاقبة مرتكبيها بدءا من جريمة اغتيال الشهيد أحمد محمود». وأوضحت ان «الصوت كان عالياً في اجتماع المجلس بإدانة جريمة قتل زياد قبلان وزياد الغندور، الا انه كان أعلى في التساؤل عن سبب امعان القوى الأمنية التي باتت محسوبة على طرف معين في عمليات القتل أو التغاضي عن القتلة بدءاً من اغتيال أحمد محمود مروراً بأحداث القنص في الجامعة العربية وما قبلهما أحداث الرمل العالي، ووصولاً الى قتل الشاب مهدي زعيتر في منطقة الكفاءات». ووضعت المصادر ذلك في اطار سيطرة فئة معينة على قوى الأمن الداخلي وتحويلها أداة في مواجهة فئة أخرى، لافتة الى مسألة اقرار الاقدميات في مجلس القيادة على رغم اعتراض الممثلين الشيعيين.
لذلك كله، تعتبر المصادر، ان العودة الى تصريف الأعمال تعطي المعارضة «ورقة قوية تمكّنها ليس من تسيير أمور الناس فحسب، وإنما أيضاً من تعطيل كثير من خطط الفريق الحاكم واستباحته لعدد من الوزارات»، مشددة على ان هذه الخطوة لا «تقدّم أو تؤخّر في اعتبار الحكومة الحالية غير شرعية»، لافتةً الى ان «عدم اعترافنا بشرعية السنيورة لم يمنعه من تمثيل جزء من لبنان في مؤتمري القمة في الخرطوم والرياض، عدا عن الاعتراف الدولي بوجود حكومته وحصر الاتصالات الدولية به، وبالتالي بات المطلوب إفهام من يهمهم الأمر ان لدى المعارضة القدرة على تعطيل العمل الحكومي»، مشيرة الى ان الوزراء «اذا عادوا الى تصريف الأعمال ــ وليس الى الحكومة ــ ليسوا ملزمين التعاطي مع السنيورة».