البقاع الشمالي ـــ رامي بليبل
أدت الأمطار الغزيرة التي هطلت بعد ظهر السبت الفائت في منطقة البقاع الشمالي والتلال المحيطة بالسلسلة الشرقية إلى تشكُّل سيول جارفة في منطقة عرسال، متجهة نحو سهول اللبوة وبلدة الفاكهة، مروراً بمجرى السيل في رأس بعلبك نحو الطريق الدولية بين بعلبك والحدود اللبنانية السورية، وصولاً إلى مجرى نهر العاصي في منطقة بيت الطشم.
وقد قطعت السيول، وما حملته من أتربة وأحجار، الطريق عند محلة المحطة، ما أدى إلى توقف السير باتجاه بلدة القاع، ومن بلدة القاع باتجاه مدينة الهرمل حيث استطاعت قوة السيل وسرعته أن تجرف الأسفلت الموضوع حديثاً على الطريق في الأماكن التي تعرضت للقصف الإسرائلي، ما زاد سوء الطريق سوءاً.
وقد عملت فرق تابعة لبلدية رأس بعلبك والصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني على فتح الطرقات وتسهيل مرور المواطنين. إلى ذلك سببت السيول التي اجتاحت الأراضي البقاعية أضراراً في بعض المزروعات في بلدة القاع والسهول المجاورة، كذلك ارتفع منسوب نهر العاصي، وتحولت مياهه الصافية إلى مياه موحلة من جراء انجراف التربة، ما استدعى أصحاب المقاهي ومزارع الأسماك المنتشرة على ضفاف النهر إلى الاستنفار خوفاً من وصول السيول إلى أملاكهم وإصابتهم بكارثة جديدة تزاد على كوارثهم منذ العدوان، وخاصة أنهم قد أصيبوا بها في العام الماضي.
وتنشأ السيول في المنطقة نتيجة تجمّع مياه الأمطار بكميات كبيرة واندفاعها بشدة عبر شبكات الأودية الصغيرة المنتشرة على طول سلسلة لبنان الشرقية المحاذية لبلدتي القاع ورأس بعلبك، ولا سيما في «وادي رافق» و«وادي الدمينة» و«وادي بعيون» و«مخرج نعمات»، حيث تصبّ هذه الأودية مياهها في خراج بلدة القاع، وتلتقي بسيول بلدة رأس بعلبك مكونة سيلاً هائلاً يتجه من خلال فتحته الرئيسية (مخر السيل) ليجرف كل ما يقف أمام جريانه الهائل، قالعاً الأشجار ومدمراً المنازل التي لا يزال معظمها يحتفظ بغرف ترابية قديمة، كما يستبيح المزارع والبيوت البلاستيكية وغيرها، حيث تبلغ مساحة الأراضي التي تتعرض لأضرار السيول في بلدة القاع حوالى 250 ألف دونم. ويتوقف حجم الكارثة على حجم ونوعية الجلاميد الصخرية المحمولة مع المياه.
إلى ذلك عقد مزارعو البقاع الشمالي اجتماعاً أصدروا في ختامه بياناً أكدوا خلاله أن ما حصل ويحصل منذ سنوات وبصورة متكررة سنوياً يثبت للمرة الألف ضرورة توفير التمويل اللازم لتنفيذ بحيرات جبلية وسدود ترابية لحفظ المياه ومنع السيول والفيضانات والاستفادة من تسرب المياه لتغذية الخزان الجوفي والينابيع وري الأراضي الزراعية وإعادة الغطاء النباتي الحرجي والزراعي.
وأشار البيان إلى أن هذه الأشغال تسهم في استصلاح مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وإعادتها للدورة الإنتاجية الاقتصادية. وأكد المجتمعون أنهم بصدد خطوات تصعيدية إن لم يتم الالتفات إلى مصائبهم المتكررة.
يبقى من المهم أن نذكر أن «الأخبار» كانت قد أثارت موضوع السيول في المنطقة منذ أشهر في خطوة لتفادي الكارثة قبل أن تقع، لكن يبدو أنه «لا حياة لمن تنادي»