على عكس الضجة الإعلامية التي أثيرت في شأن الأهمية الاستثنائية للاجتماع الموسّع الذي عُقد في مقر ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت والذي ضم كل فصائل قوى التحالف الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية فإن هذا الاجتماع فشل في الخروج برؤية فلسطينية مشتركة لمعالجة أزمة مخيم نهر البارد.وأفادت مصادر فلسطينية «الأخبار» أنه لم يصدر بيان عقب الاجتماع بسبب رفض العديد من فصائل التحالف إطلاق أي موقف علني قبل الاتفاق على الرؤية السياسية الموحدة. وتابعت المصادر «إن التباين والتناقض واضحان في مختلف التحركات السياسية التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية منفصلةً ومجتمعة حيث يدور الجميع في حلقة مفرغة، ويصعب على أي شخص الاعتراف بأن أي مبادرة للحل تنطلق أصلاً من فكرة التفاوض مع حركة فتح الإسلام وبالتالي الاعتراف بها سياسياً بمعزل عن التفاصيل المتعلقة بالمخارج». هذا ولقد اتُّفق في الاجتماع الموسع على انتداب ممثل عن التحالف وآخر عن المنظمة لوضع الأسس المتعلقة بالرؤية السياسية تمهيداً لطرحها في اجتماع آخر يعقد اليوم أو غداً على أبعد تقدير.
وكانت فصائل منظمة التحرير قد عقدت اجتماعاً سبق الاجتماع الموسع مع فصائل قوى التحالف ووزعت ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية بياناً إثر الاجتماع كرّرت فيه حرصها على الشرعية اللبنانية وجيشها وعلى العلاقات الفلسطينية ـــــ اللبنانية، وجدّدت الفصائل إدانتها ورفضها لظاهرة «فتح الإسلام» وتأكيد ضرورة اجتثاثها.
وخلال الاجتماع جرى اتصال هاتفي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أبلغ المجتمعين حرصه على متابعة كل مجريات الأمور وضرورة التمسك بالموقف الفلسطيني البعيد عن التجاذبات الداخلية في لبنان. كما جرى اتصال آخر من جانب الرئيس السنيورة، أكد خلاله حرصه الشديد على الشعب الفلسطيني وعلى العلاقات المشتركة، وأكد إعادة إعمار ما هُدم من المخيم ».
وفي الشمال رفض عضو اللجنة المركزية لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» أبو لؤي أركان، التطرّق بالتفصيل إلى فحوى المبادرة التي يقوم بها وفد «رابطة علماء فلسطين» في مخيم نهر البارد، مكتفياً بالإشارة في المؤتمر الصحافي الذي عقد في المخيم أمس إلى أنّ «المبادرة لم تتبلور بعد بصورة نهائية، وأنّ هناك مجموعة أفكار تُتداول لا يمكن طرحها عبر وسائل الإعلام»، فيما أكّدت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» أنّ «الوساطات القائمة قطعت خطوات هامة باتجاه إنجاز الحلّ».
وشدّدت المصادر ذاتها على أنّ «فكرة الحسم العسكري لمسألة حركة «فتح الإسلام» باتت مستبعدة، وأصبحت وراء ظهورنا، وأن الأصوات التي تدعو إلى الحسم بهذا الاتجاه أصبحت نشازاً داخل الوسط الفلسطيني، أقله في الشمال»، مبديةً تخوّفها في الوقت ذاته من «التحوّل الذي بدأت تلحظه أزمة مخيم نهر البارد، بعدما أصبحت بازاراً دخل إلى الساحة السياسة من بابها العريض».
وأوضحت هذه المصادر أنّ «جهات عدّة دخلت على خط الوساطة والتهدئة، وتبذل مساعي لإيجاد مخارج للأزمة، وخصوصاً «جبهة العمل الإسلامي» ورئيسها فتحي يكن، ومشايخ وخطباء مخيم نهر البارد، فضلاً عن وفد «رابطة علماء فلسطين»، الذي زار مخيم نهر البارد للمرة الثالثة بعد عصر أمس، من غير أن يفصح عن مضمون مبادرته والخطوات التي قطعتها ومصيرها، حرصاً على نجاحها».
إلا أنّ المصادر المتابعة أشارت إلى أنّ «المبادرة تتركّز على أربع نقاط أساسية هي: تثبيت الهدنة غير المعلنة ووقف إطلاق النار، وعودة النازحين إلى منازلهم في مخيم نهر البارد، وإنهاء المظاهر المسلحة داخل المخيم بموازاة تشكيل مرجعية أمنية موحدة فيه من أجل ضبط الأمن، والعمل على إنهاء وجود حركة «فتح الإسلام» تدريجياً في المخيم، من غير الاعتماد على الحل العسكري».
(الأخبار)