يتسابق كل من «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» على خطب ود بكركي التي تمايزت في مواقفها أخيراً، وخصوصاً في ما يتعلق برفضها إقرار قانون المحكمة ذات الطابع الدولي تحت الفصل السابع، كما في موقفها من قانون الانتخاب. وفيما قصد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» سمير جعجع الصرح مرتين الأسبوع الماضي للبحث مع سيده في التطورات، أقفلت نهاية الأسبوع على تسجيل «التيار» خرقاً كبيراً، بعدما نفت بكركي الحديث المثير للجدل الذي نسبت فيه صحيفة «الرأي» الكويتية إلى البطريرك مار نصر الله بطرس صفير مواقف مؤيدة للأكثرية من قانوني المحكمة والانتخابات. فيما رجحت مصادر أن تكون للبطريرك، قريباً، مواقف على القدر نفسه من الوضوح الذي تناول فيه موضوع إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي تحت البند السابع. ويقول النائب عن تكتل «التغيير والإصلاح» إبراهيم كنعان، وهو المكلف ملف العلاقة بين العماد ميشال عون والبطريرك صفير، إنه نجح في «تفكيك صاعق قنبلة سياسية وضعت في الصرح نهاية الأسبوع الماضي، وأوضح للبطريرك نقاطاً عدة أثارتها الأكثرية النيابية معه أخيراً». ويستهل النائب المتني قراءته لموقف الأكثرية من القضايا المطروحة اليوم بالإشارة إلى أن «الفريق الحاكم أيام الوصاية السورية كان يصر على تغليب منطق المشاركة في النظام على طلب التيار إعطاء الأولوية للملف السيادي. لكنهم، فجأة، وبعدما باتت مشاركة المسيحيين ممكنة نتيجة خروج السوريين من لبنان، غيروا استراتيجيتهم مغلبين منطق الدفاع عن السيادة على الحق بالتوازن والديموقراطية والمشاركة. وهكذا تمكن المستفيدون من السلطة في أيام السوريين واليوم من الحفاظ على وضعيتهم التي تستأثر بالحكم وتهمش المسيحيين، رغم القاعدة التي يعرفها اللبنانيون جيداً، وأولهم البطريرك، وتنص على أن إلغاء أي طرف يؤدي إلى إضعاف لبنان، واستفحال التدخلات الخارجية فيه». ويرى كنعان أن ثمة «معادلة تهويلية جديدة هي الأغرب في تاريخ لبنان، وتقوم على اتهام كل من يرفض التهميش والإلغاء وفقدان الديموقراطية بالعمالة لسوريا!».
أما كلام الأكثرية عن المحكمة ذات الطابع الدولي، ففقد، بحسب كنعان، مضمونه مع إعلان تكتل «التغيير والإصلاح»، بوضوح، موافقته النهائية على إقرار المحكمة، لافتاً إلى رفض البطريرك الجازم إقرار المحكمة تحت البند السابع «لأنه مشروع فتنة، وحق يراد به باطل، وخصوصاً إذا حصلت تسويات على حساب لبنان لها علاقة بتركيبة الحكم اللبناني وتوطين الفلسطينيين وغيرها». ويسأل: «كيف يطالب البعض بالمحكمة الدولية بحجة وقف القتل فيما عناصره الحزبية تتسلح؟».
ويتطرق إلى موضوع الرئاسة بالسؤال «عمّا سيتحقق لو انتخب رئيس جمهورية جديد»، لافتاً إلى «ضرورة استثمار مناسبة هذا الاستحقاق لوضع حل قابل للتطبيق»، منهياً قراءته لخطاب الأكثرية بالتأكيد أن «مادتهم السجالية الرابعة المتعلقة بسلاح حزب الله باتت أيضاً من دون معنى بعدما وافقت كل الأطراف اللبنانية، بما فيها حزب الله، على القرار 1701 المتضمن حلاً لموضوع السلاح».
ويشرح كنعان موقف التكتل من القضايا الثلاث الرئيسية، وهي: إقرار قانون انتخابات عادل، تأمين المسيحيين للثلث المعطل، ووقف السجال في شأن نصاب الثلثين الضروري لانتخاب رئيس الجمهورية. ويشدد على تقاطع الموقف «إلى درجة كبيرة، بين التكتل وبكركي حول هذه الملفات الثلاثة».
ويختصر الموقف من قانون الانتخابات بأن «غياب الديموقراطية همّش المسيحيين، وعودتها تعيد إليهم دورهم»، موضحاً أن قانون القضاء «قد يعرض التيار لبعض المصاعب في عدة أقضية ذات غالبية ناخبة مسيحية، الأمر الذي يؤكد طرح هذا الموضوع بصرف النظر عن المصلحة الخاصة، وبهدف تحقيق الديموقراطية، والتكامل مع بكركي». ويلفت إلى أن الأفرقاء المسيحيين المشاركين في السلطة اليوم «تموضعوا بشكل يمنعهم من المطالبة بما أرادوه منذ أكثر من 17 عاماً».
أما على صعيد الحكومة، فيؤكد كنعان التمسك بـ«الثلث المعطل الضروري من الناحية الدستورية، ومن الناحية السياسية كما كشف الوزير القواتي السابق روجيه ديب حين قال إن الثلث الضامن كان مطلباً قواتياً في الطائف،رابطاً بين هذا الثلث وتحويل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء لإعادة التوازن بين السلطات». ويذكّر كنعان بموقف البطريرك من الرئيس الشهيد رفيق الحريري حين امتنع عن إعطاء رئيس الجمهورية الثلث المعطل، مؤكداً أن هذا الثلث «لا يعطل الديموقراطية وإنما الديكتاتورية التي يمكن لنظام من دون كوابح أن يفرضها».
وفي ما يتعلق بالنصاب الرئاسي، يستغرب كنعان «اختراع البعض طروحات في وجه النص الدستوري والاجتهاد اللذين كرسا نصاب الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية»، لافتاً إلى ضرورة «التمييز بين نصاب الثلثين الضروري لتكون الجلسة صحيحة قانوناً، والأكثرية المطلوبة لانتخاب الرئيس التي تتعلق بعدد الأصوات الضرورية للفوز». ويختم كنعان قراءته جازماً بأن «الكنيسة حريصة على استعادة الشراكة والتوازن، وعدم المس بالدستور لمصالح خاصة». ويؤكد أن التقاء التكتل وبكركي «يشمل مسائل كثيرة، سيفاجأ الآخرون حين يكتشفونها».

غ. س.