حذّر رئيس الجمهورية اميل لحود من الممارسات المؤذية لوحدة اللبنانيين ومن محاولات البعض الرامية الى اعادة البلاد الى الوراء، مؤكداً «ان دعوات التحريض الطائفي او المذهبي التي يطلقها البعض في لبنان هذه الايام، لن تلقى صدى لدى المصممين على رفض الانجرار الى أي نوع من انواع الاقتتال».وقال لحود خلال استقباله عدداً من رجال الاعمال اللبنانيين الموجودين في قطر الذين زاروه في مقر اقامته في فندق «فورسيزنز» في الدوحة، انه لا يزال يثق بقدرة اللبنانيين على تجاوز الخلافات الراهنة على الساحة اللبنانية وتقديمهم مصلحة وطنهم على غيرها من المصالح، «ولن يتمكن احد من التأثير على قناعاتهم وخياراتهم على رغم المحاولات الكثيرة التي تصبّ في هذا الاتجاه ولا سيما من الخارج الذي يعمل وفق مصلحته وتوجهاته التي لا تلتقي بالضرورة مع مصلحة اللبنانيين وخياراتهم».
ولاحظ انه «كتب على لبنان ان يمر كل فترة بحالات من القلق والتوتر والخوف على المستقبل والمصير، الا أن اللبنانيين كانوا في كل مرة اقوى من هذه الحالات وتمكنوا من تجاوزها. وهذه المرة لن يختلف الامر عن السابق على رغم تشعب الضغوط وتنوع اساليب الترغيب والترهيب».
ورأى لحود انه «من العجب أن نسمع من حين الى آخر اصواتاً تنادي بالتباعد بين اللبنانيين وتقرن اقوالها بتهديدات من هنا وتحذيرات من هناك، وكأن هذه الاصوات تواقة الى العودة بالبلاد الى ازمنة عانى فيها اللبنانيون اصناف العذاب والقهر والتشرد والهجرة». داعياً هذه الاصوات الى الاتعاظ «بدروس الماضي وليكفوا عن استحضار لغة الماضي الأليم، وليكونوا دعاة خير وأمل ورجاء، لا دعاة يأس وقلق وتهويل. وفي يقيني أنه لا شيء يمكن ان يكون اقوى من ارادة اللبنانيين في التلاقي والتوحد والتضامن لأن في ذلك قوة للبنان».
وحذّر الرئيس لحود من الممارسات التي يمكن ان تؤذي الوحدة الداخلية «لأننا اذا ضعفنا تمكّن اعداؤنا من التغلب علينا والحصول على ما عجزوا عن الوصول اليه طوال السنوات الماضية من كسر للإرادة اللبنانية والقدرة على مواجهة المؤامرات التي تستهدف لبنان، وفي مقدمها مخطط التوطين الذي عاد ليطل برأسه من جديد تحت مسميات جديدة وشعارات قد تبدو براقة لكنها تخفي وراءها خطراً على الكيان والوحدة».
وأبلغ لحود رجال الاعمال اللبنانيين أن الجهود مستمرة من اجل اعادة اطلاق العملية الحوارية في البلاد، داعياً الى توفير كل الفرص الضرورية لنجاحها، وقال: «انا على ثقة بأن القيادات اللبنانية المخلصة ستتمكن في النهاية من تظهير القواسم المشتركة التي كانت وستبقى من العوامل الاساسية التي يتلاقى حولها اللبنانيون لأن لبنان لا يقوم الا بتوافق ابنائه على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وما من احد يستطيع في لبنان ان يلغي الآخر او ان يتفرد بالقرار» مؤكداً أن «المشاركة كانت وستبقى الترجمة الحقيقية للديموقراطية التوافقية التي ميزت لبنان طوال تاريخه السياسي الحديث».
وشدد على أن الدعم الدولي للبنان لا يجوز أن يكون البديل عن التوافق الداخلي، معتبراً «أن هناك فرصاً كثيرة لا يجوز تفويتها لأن الوقت لا يعمل لمصلحة لبنان، بل علينا أن نقتنص كل فرصة متاحة لتفعيل الحوار الوطني الداخلي الذي يفضي إلى تأليف حكومة وحدة وطنية تستطيع أن تتعاطى مع القضايا العالقة بروح من التوافق التي تقدم مصلحة لبنان على ما عداها من المصالح».
وأشار لحود الى أنه لمس خلال محادثاته في قطر واللقاءات التي عقدها مع شخصيات دولية، أن الجميع يركّز على اهمية توافق اللبنانيين على المواضيع المختلف عليها، معتبراً أنه من الضروري أن تتجاوب القيادات اللبنانية مع هذه الرغبات الدولية في التوافق، الامر الذي يجعل الدعم الخارجي يصبّ في مصلحة وحدة لبنان واللبنانيين.
وأكد أن اللبنانيين مجمعون على معرفة الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه «لكن الوصول الى هذه الغاية السامية يتطلب قيام محكمة عادلة لا تدخل فيها السياسة لئلا تضيع هذه الحقيقة» مشدداً على «ان هذه المحكمة يجب أن تكون عنوان التوافق اللبناني»، وأمل أن يتم التوصل قريباً الى صيغة تؤمّن اقرار نظام المحكمة وفق الاصول الدستورية اللبنانية «حتى لا تكون عرضة لأي تشكيك او خلل عندما تباشر عملها القضائي الجزائي الصرف البعيد عن السياسة والانحياز».
ونبّه لحود الى أن الاوضاع الاقتصادية دقيقة جداً في لبنان، وأن هجرة اللبنانيين هي موضع قلق كبير لدى المسؤولين اللبنانيين، معتبراً أن لا شيء يوقف هذه الموجة «الا الدولة القوية القادرة التي تستطيع أن تعيد الثقة الى نفوس اللبنانيين ولا سيما الشباب منهم». موضحاً أن «هذه الدولة لا تقوم الا بالتضامن والمشاركة بين جميع اللبنانيين لأن المسؤولية اذذاك تكون جماعية وليست حكراً على فريق دون آخر». وقال: «ان حكومة الوحدة الوطنية يمكن أن تطمئن القلوب الخائفة والعقول الحائرة وتبدد القلق من النفوس لأن قوتها ستكون منها وفيها».
ونوّه لحود بالتسهيلات التي تقدمها دولة قطر، بتوجيه من اميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وكبار معاونيه، الى اللبنانيين.
(مركزية)